عادت أزمة المحروقات لتطل برأسها من جديد، وسط تقنين الشركات المستوردة للنفط الكميات المسلّمة إلى المحطات، ما دفع بعدد من محطات المحروقات إلى إغلاق أبوابها، ورفع خراطيمها لنفاذ المحروقات من خزاناتها.
وقالت مصادر لبنانية اليوم الثلاثاء، إن نسبة كبيرة من محطات المحروقات أوقفت أمس الاثنين، بيع مادة البنزين لسائقي السيارات، فيما عمدت محطات أخرى إلى تحديد عشرين ليتر بنزين حداً أقصى لكلّ زبون.
ممثل موزعي المحروقات في لبنان “فادي أبو شقرا” قال خلال تصريحات صحفية، إن شحّ البنزين يعود إلى عدم تمكّن أربع بواخر نفط ترسو منذ أيام أمام الشاطئ اللبناني من تفريغ حمولتها لصالح الشركات الموزّعة بسبب عدم فتح مصرف لبنان اعتمادات لها.
وأشار “أبو شقرا” الى أن هذه البواخر ترسو منذ أربعة أيام، مؤكدا أنّ بلاده ستواجه أزمة حقيقية في حال عدم تفريغ حمولتها قبل عطلة عيد رأس السنة الميلاديّة.
ورجح “أبو شقرا” أنّ يعود سبب عدم فتح المصرف المركزي الاعتمادات، إلى عدم توافر الأموال بالعملة الأجنبيّة.
يُشار إلى أنّه بعد ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء في لبنان حيث وصل الى 8 آلاف ليرة للدولار الواحد، بات من الصعب تأمين الدولار بالسعر الرسمي أي 1515 ليرة لبنانية، ما دفع مصرف لبنان المركزي لتأمين فاتورة استيراد المحروقات على أساس السعر الرسمي من احتياطاته بالعملة الأجنبيّة.
وكان المصرف المركزي أعلن منذ أشهر أنّه لن يعود قادراً مع نهاية العام على الاستمرار بالدعم بسبب نفاد احتياطه من العملات الأجنبيّة. كما كانت حكومة تصريف الأعمال عقدت ورشة عمل منذ فترة لترشيد هذا الدعم من دون التوصّل إلى قرار نهائي.
وفي هذا الإطار، أكدت مصادر لبنانية أنّه حتى اللحظة لا توجد صيغة واضحة ومتفق عليها حول ترشيد الدعم عن المحروقات، حيث ناقشت الحكومة والجهات المعنية إمكانية خفض الدعم من 85 في المائة إلى 70 في المائة على المحروقات، ولكن من دون التطرّق إلى ما إذا كانت الـ30 في المائة المتبقية التي سيصبح تأمين دولارها على عاتق المستورد، ستكون على أساس سعر صرف السوق السوداء أو سعر منصة مصرف لبنان أي 3900 ليرة.
ويقول الخبراء إنّ ترشيد الدعم سيستثني مادة المازوت على الأرجح، وإنّه سيرفع بطبيعة الحال أسعار بقية المحروقات.
يذكر أن أسعار المحروقات بدأت ترتفع وبشكل تدريجي منذ أكثر من شهر بخلاف الأسواق العالمية، وذلك رغم عدم اتخاذ أي قرار رسمي برفع أو حتى ترشيد الدعم عن المحروقات.
وارتفع سعر صفيحة البنزين خلال هذه الفترة 2800 ليرة لتصبح بـ26800 ليرة. أمّا صفيحة المازوت فقد ارتفع سعرها من 14600 ليرة إلى 18000 ليرة.
خبراء الاقتصاد اعتبروا أن ارتفاع أسعار المحروقات تمهيداً مقصوداً يسبق الإعلان عن ترشيد الدعم، مشيرين إلى أنّ هذا الارتفاع سيستمر خلال الأسابيع المقبلة بشكل تدريجي وذلك حتى لا يشعر المواطن بارتفاع مفاجئ لأسعار المحروقات عند ترشيد الدعم.
وبحسب الخبراء فإنه من المتوقّع أن يتجاوز سعر صفيحة البنزين الـ40 ألف ليرة عند إقرار الترشيد، وأنّ هذا الارتفاع سيكون كمرحلة أولى لأن خطة الترشيد تأتي على مراحل يتمّ في كل منها خفض نسبة من الدعم على المحروقات فيرتفع سعرها.
ويقدّر الخبراء احتياطي العملات الأجنبيّة في مصرف لبنان بحوالي 800 مليون دولار في وقت يكلّف دعم المواد الأساسية المصرف نحو 600 مليون دولار شهرياً، الأمر الذي كان أثار إمكانية مس لبنان بالاحتياطي الإلزامي من العملات الأجنبيّة والمقدّر بـ17 مليار دولار تقريباً، وهو نسبة 15 في المائة من جميع ودائع المصارف بالعملات الأجنبية والتي يُلزم مصرف لبنان المصارف بإيداعه إياها.