في أقلّ من أسبوعٍ، سلسلة "خروق نوعيّة" سُجّلت على المستوى الأمنيّ، أهمّها وربما أخطرها كانت جريمة كفتون في الكورة، التي لم تكتمل "صورتها" بالكامل لدى الأجهزة الأمنيّة، ولو بات عنصر "الإرهاب" على خطّها، من أكثر "الفرضيّات" واقعيّةً، كما يؤكد العارفون والمطّلعون على سير التحقيقات.
أما اشتباكات خلدة التي دارت في الساعات الماضية، فشكّلت "دليلاً" آخر على "هشاشة" الواقع الأمنيّ، بعدما تحوّل إشكالٌ حاول البعض الإيحاء بأنّه "فرديّ" للوهلة الأولى، إلى "حرب شوارع" بما للكلمة من معنى، وتطلّب "وساطات" من أعلى المستويات لإنهائها، وربما بشكلٍ مؤقّت ليس إلا.
"خلايا نائمة"
ما بين جريمة كفتون الغامضة، واشتباكات خلدة الملتبسة، تتنوّع "النماذج" عن "تفلّتٍ" أمني لم يعد مجرّد حبرٍ على ورق يندرج في خانة "التكهنّات" تارةً، أو يصبّ في إطار "التهويل" طوراً، وفي الحالتين يخدم غاية "التوظيف السياسيّ" غير الخافي على أحد.
ومع أنّه يُسجَّل للقوى الأمنية أنها نجحت في "كشف" هذا المخطّط، وبالتالي "تداركه" قبل فوات الأوان، فإنّ الكثير من المعنيّين بالأمن لا يَبدون مطمئنّين بالمُطلَق، وهم يؤكدون وجود مؤشّراتٍ بالجملة لاستيقاظ "خلايا نائمة"، من مجموعاتٍ محسوبة على "داعش" وغيره، ولو أنّهم يُبدون ارتياحاً نسبيّاً لمسار "الأمن الاستباقيّ والوقائيّ" الذي تعتمده الأجهزة.
فتّش عن السبب!
تتنوّع "التفسيرات"، وربما التكهّنات، في محاولةٍ لكشف "السرّ" الذي يجعل مثل هذه "الخروقات" تتكرّر بهذه الوتيرة في أقلّ من أسبوع، أو يدفع "الخلايا النائمة" إلى "الاستيقاظ" فجأة ومن دون سابق إنذار، لكنّها تلتقي جميعها عند نقطةٍ واحدةٍ، منبعها السياسة.
وفي هذا السياق، يقول الخبراء والعارفون إنّه ليس خافياً على أحد أنّ المجموعات "الإرهابية" تنتعش في زمن "الفوضى"، وخير دليلٍ على ذلك، أنّها نشطت في لبنان مثلاً في أيام "الفراغ السياسيّ"، على كثرتها، أكثر من أيّ وقتٍ آخر، تماماً كما تنشط اليوم في "البيئات" الحاضنة للفوضى، من سوريا إلى العراق وليبيا وغيرها.
وبعيداً عن "الوساطات" التي تُبذَل كلما وقع إشكالٌ هنا أو اشتباكٌ هناك، لوقف إطلاق النار، أو لاحتواء تداعياته قدر الإمكان، بعد أن تكون الواقعة قد وقعت، قد يكون المطلوب من القوى السياسيّة العمل على "احتواء" الفوضى برمّتها قبل كلّ شيء، بالمبادرة إلى تحمّل مسؤولياتها، وسدّ الفراغ الذي لم يعد "التعايش" معه خياراً وارداً لأحد. ولعلّ "أوجب الواجبات" على هذا الصعيد يكمن في العمل على تشكيل حكومة فاعلة سريعاً، تستطيع اتخاذ القرارات والضرب بيد من حديد، بدل الاتّكال على وجود حكومة "تصريف أعمال"، لا حول لها ولا قوة، ولا تقدّم ولا تؤخّر.
"الجمر فوق الرماد"، يقول البعض في "تفسير" مشاهد التفلّت الأمني العابرة للمناطق. والآتي قد يكون "أعظم"، يحذّر العارفون، في "تقاطعٍ" مع "التنبيهات" الدولية المستمرّة، والتي وصلت إلى حدّ قرع جرس الإنذار من "زوال" لبنان، كما قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان. فهل تتدارك السلطة الأمر قبل فوات الأوان، أم تدير "الأذن الطرشاء"، بكلّ بساطة، وكالعادة؟!