لم ينجح لقاء رئيس الحكومة اللبنانية المكلف “سعد الحريري” يوم أمس الأربعاء، مع الرئيس “ميشال عون” في تذليل العقد العالقة أمام تشكيل الحكومة، نتيجة إصرار الأخير على المطالبة بوزارتي العدل والداخلية، إضافة إلى الدفاع، وهو ما يرفضه الحريري، حسبما كشفت مصادر لبنانية مطلعة اليوم الخميس.
وكان “الحريري” تحدث بعد لقائه “عون” عن تعقيدات وعن الثقة التي ضاعت بين الأفرقاء خلال السنة الماضية، مع تأكيد على ضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة قائلا: “كنا نتمنى أن تكون هناك حكومة قبل ذلك، لكن ربما لا تزال هناك تعقيدات واضحة في المشاكل الموجودة بالسياسة، لكني أقول إلى اللبنانيين، لا يقولن أحد لكم أننا غير قادرين على وقف الانهيار، والأهم أن هذا الانهيار يحتاج إلى حكومة لتوقفه”.
وبحسب المصادر فإن الخلاف بين “عون” و “الحريري” لا يزال عالقا عند أربع نقاط جوهرية، تتمثل الأولى في رفض عون تقليل حصّته وحصّة “التيار الوطني الحر” في الحكومة الى حدود دنيا لا تنسجم مع حجم وموقع كليهما.
ويطرح الحريري أن توزّع الحصّة المسيحية في الحكومة بين 5 وزراء يسمّيهم عون وفريقه، ووزيران للمردة ووزير للحزب القومي ووزير يسمّيه الحريري.
هذا الموضوع كان بنداً اساسياً في حركة الاتصالات التي توالت في الايام الاخيرة، ولكن من دون التمكن من الوصول الى حل وسط حياله.
وتتمثل نقطة الخلاف الثانية حسبما كشفت المصادر اليوم، في إصرار الرئيس “عون” على تسمية 7 وزراء مسيحيين في الحكومة يشكّلون الثلث المعطل، مقابل رفض الحريري وإصراره على تضمين حصّته في الحكومة وزيراً مسيحياً، وكذلك رفضه بشكل قاطع منح اي طرف بعينه الثلث المعطل، على اعتبار انّ هذا الثلث بمثابة الإجازة لهذا الطرف بأن يتحكّم بالحكومة كما يريد، ويعدمها ساعة يشاء.
أما نقطة الخلاف الثالثة، فتتعلق بحقيبتي الداخلية والعدل، حيث يصر الرئيس عون على الاحتفاظ بالحقيبتين.
وتقول المصادر أن “هذا الأمر سبق أن جرى بتّه خلال اللقاءات بين عون والحريري، التي عُرضت فيها مسألة توزيع الحقائب على الأطراف، لكن الحريري عاد وأكد تمسكه بالداخلية، وعدم إسنادها مع وزارة العدل الى عون وفريقه”.
وبحسب المصادر فإن هناك من دعّم موقف الحريري بعدم منحهما لعون وفريقه، بالتخويف من أنّ اسنادهما الى عون وفريقه، معناه تحكّمه بالجانبين الامني والقضائي، إضافة الى الجانب العسكري عبر وزارة الدفاع، الأمر الذي قد يؤدي الى ترجمة التحّكم بالجوانب الثلاثة، بخطوات لها ابعاد سياسية وغير سياسية ضدّ هذا الطرف او ذاك.
وتشير المصادر الى أن نقطة الخلاف الرابعة ظهرت خلال اجتماع أمس الأربعاء، بعد عودة الرئيس ميشال عون الى طرح توسيع الحكومة الى 20 وزيراً، فيما يصر الحريري على حكومة من 18 وزيراً.
وكان الحريري أكد خلال كلمة متلفزة أمس الأربعاء، أنه لن يتوقف عن تشكيل حكومة اختصاصيين، مشيرا الى أن هذا ما يريده أيضا الرئيس عون، وموضحا في الوقت ذاته أن الخلاف مع عون على أمور أخرى، وربما مرده إلى الثقة التي قد تكون ضاعت خلال السنة الفائتة، والتي يجب إعادة بناءها بين الأفرقاء.
وقال الحريري، “على الجميع أن يعرف أن السياسيين لم يعد لديهم وقت، وعلى السياسيين أن يعرفوا أيضا أن البلد ينهار بشكل سريع جدا. والإسراع في تشكيل حكومة هو الأساس، على أن تكون حكومة اختصاصيين وخبراء يعرفون ماذا يفعلون، دون أن يكونوا مسيسين”.
كما أضاف، “نريد أشخاصا يقولون لنا كلا حين نكون نحن كرؤساء مخطئين. نريد أشخاصا نستفيد منهم بالفعل لمصلحة البلد”.
كما توجه الحريري إلى اللبنانيين قائلا: “ربما نتأخر في تشكيل الحكومة، وهذا الأمر يشكل ضغطا للأسف على البلد، ولكني أعرف أن فخامة الرئيس حريص على تشكيل هذه الحكومة، وأنا كذلك لدي نفس الحرص، وسنبقى نعمل ونتواصل مع بعضنا البعض حتى تشكيل هذه الحكومة”.
“الحريري” أشار أيضا إلى أن لبنان بحاجة لاتخاذ قرارات صعبة لوقف هذا الانهيار، مطالباً بضرورة التوصل لتشكيلة حكومية نهائية بأسرع وقت ممكن، للبدء في إجراءات الإصلاح في البلاد والحد من الأزمة الحاصلة.
كما أضاف “الحريري”: “بمجرد تشكيل الحكومة سنتخذ قرارات صعبة وسريعة لوقف الانهيار في البلاد، نريد أعضاء حكومة يعارضوننا إن أخطأنا من أجل تحقيق مصلحة البلاد”.
يشار الى أن “الحريري” كان قد عقد اجتماعاً الثلاثاء، مع الرئيس اللبناني، “ميشال عون”، لبحث ملف الحكومة، ووعد “الحريري” بعد الاجتماع بتأليف الحكومة قبل عيد الميلاد أي قبل يوم الجمعة المقبل، مشيراً الى أن أجواء إيجابية سادت اللقاء المطوّل مع الرئيس.