من القصص عن المنظمة التي بدأت تحتفل بمرور 75 سنة على تأسيسها باسم "الأمم المتحدة" في 24 أكتوبر 1945 بمدينة سان فرانسيسكو الأميركية، أن مندوب إحدى الدول ألقى خطابا فيها استمر 8 ساعات، فتعب حتى انهار مغميا عليه من الإعياء، ثم عاد من المستشفى في اليوم التالي وأكمله ساعة إضافية أيضا، وبجانبه طبيب كان يراقب ضغط دمه، وبذلك سجل المعروف بلقب "بطل كشمير" في الهند، وهو Krishna Menon الراحل في 1974 بعمر 78 سنة، رقما قياسيا لم يحطمه أحد منذ 1957 للآن.
في ذلك الخطاب دافع مينون الذي أصبح وزيرا للدفاع فيما بعد، عن موقف بلاده من "قضية كشمير" كمنطقة حدودية متنازع عليها مع باكستان "وأغلق بالخطاب الجدل الباكستاني بشأنها الى الأبد، ومنح (رئيس الوزراء آنذاك) الدكتور جواهر لال نهرو، الوقت للتحرك بنجاح وتوطيد السلطة الهندية في كشمير" وفقا للوارد بسيرة الرجل الذي ذاع صيته وظهرت صورته مرة على غلاف مجلة "تايم" الأميركية.
ومع أن لحظة انهيار "كريشنا مينون" وهو يلقي الخطاب، مهمة للتوثيق الإعلامي على الأقل، خصوصا التلفزيوني أو الإذاعي، الا أن "العربية.نت" تعبت لتجد فيديو يوثقها، ولم تفلح سوى بالعثور على الصورة المنشورة أعلاه، وهي لطبيب نقله إلى غرفة مجاورة ليسعفه ويفحصه بعد أن أعياه الكلام وفقد وعيه، إلى أن وصلت سيارة إسعاف حملته إلى مستشفى أمضى فيه ليلة وخرج في اليوم التالي، مشمّرا عن ساعديه لإكمال الباقي من الخطاب الأطول.
أطول تصفيق لأمير الكويت
سبب عدم وجود صورة أو فيديو لكلمته، هو أنه ألقاها في جلسة مغلقة عقدها مجلس الأمن في 1957 على هامش انعقاد الجمعية العمومية ذلك العام، ومنعوا وسائل الإعلام من تغطيتها كما يبدو. أما ما ظهر من مقاطع فيديو، بعضها عربي في "يوتيوب" وغيره، وزعم منتجوها بأنها له وهو يلقي خطابه، فإنتاجها مفبرك، بخلاف الثاني طولا بين ما عرفته المنظمة من خطابات، وهو الذي ألقاه الزعيم الكوبي فيدل كاسترو، واستغرق في 1960 أكثر من 4 ساعات ونصف الساعة.
ومن يبحث عن الخطاب الأكثر تأثيرا بمن استمعوا إليه في قاعة الأمم المتحدة وعبر الشاشات الصغيرة بالعالم، سيجد أن صاحبه كان أمير الكويت، الشيخ جابر الصباح.. ألقاه بعد غزو القوات العراقية للكويت في 1990 واحتلالها عند الفجر وزعزعة وجدانها، وفي الفيديو الذي تعرضه "العربية.نت" الآن، نرى الأمير ينهي كلمته بآية من التنزيل الحكيم، ثم يغادر المنصة ويجلس إلى جانبها، وفي تلك اللحظة هبّ المتأثرون بكلامه، وقاموا بما جعله يجهد ليحبس دموعه تأثرا برؤيتهم وقد استمروا بتصفيق لم يتوقف طوال دقيقة و23 ثانية، لذلك اعتبروه أطول تصفيق عرفته الأمم المتحدة بتاريخها.
نجد أيضا عن المنظمة التي اقترح الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت أن يكون اسمها United Nations المعروف بحرفي UN اختصارا، أن أول سكرتير عام للمنظمة يتم منحه نوبل للسلام، كان "كوفي عنان" الذي تقاسمها في 2001 مع الأمم المتحدة نفسها، وأن أندونيسيا هي الدولة الوحيدة التي قررت سحب عضويتها من المنظمة، ثم عادت في 1966 إليها بعد عام من انسحابها، وأن السويدي Dag Hammarskjold هو الأمين العام الوحيد الذي قضى بحادث طائرة، انفجرت في 1961 بالجو وتحطمت بظروف غامضة في زامبيا، والوحيد الحاصل على نوبل للسلام بعد وفاته.
راتب الأمين العام وعرب التأسيس
كما نجد عن الأمم المتحدة، المؤمّنة الغذاء لأكثر من 90 مليونا في 75 دولة، والرعاية لحوالي 34 مليون لاجئ، إضافة لتلقيح 58% من سكان العالم، مع مهمات سلام يقوم بها 120 ألف مراقب في 4 قارات، وفق ما تلخص "العربية.نت" ما قرأته بموقع المنظمة، أن مبناها بنيويورك هو "أرض عالمية" بدأوا في 1948 بتشييد مبناها عليها وانتهى في 1952 كمقر رئيسي له طوابعه وبريده الخاص، ولا سلطة أميركية من أي نوع عليه، وأن أحدث دولة انضمت وأصبحت في 2011 العضو 193 بالمنظمة التي وقع ممثلو 50 دولة على تأسيسها، هي جنوب السودان التي نالت استقلالها ذلك العام عن السودان.
أما الدول العربية الموقعة في 22 مارس 1945 على تأسيس المنظمة، ثم على ميثاقها في يونيو ذلك العام بمدينة سان فرانسيسكو، فنفسها الموقعة باليوم نفسه على تأسيس جامعة الدولة العربية، وهي السعودية التي يظهر وفدها بعد الدقيقة الثانية من الفيديو المرفق، وكان برئاسة وزير الخارجية ذلك الوقت، الأمير فيصل بن عبد العزيز، إضافة إلى مصر والعراق ولبنان وسوريا والأردن واليمن. إلا أن أي دولة منها لا تتمتع كالولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا، بكنز ثمين اسمه حق النقض، أو "فيتو" المعرّبة من Veto المشتقة بدورها من Vetare بلاتينية الامبراطورية الرومانية قبل 25 قرنا، وكلها تحمل المعنى نفسه: أنا أمنع.
وعن الراتب الشهري للأمين العام للأمم المتحدة، فإنه كان حين حددوه في أوائل 1997 أكبر ما يتقاضاه مسؤول في منصب رسمي بالعالم، لكنه أصبح عاديا فيما بعد، لأن حجمه المعادل ذلك العام 600 ألف بقوته الشرائية حاليا، لم يتغير طوال 23 سنة، وبقي 227 ألف دولار، أو 3 ملايين و240 ألفا بالعام، مع امتيازات تزيد مقاديرها عن نصف هذا المبلغ تقريبا، لذلك فمن يدخل متوسط الحال إلى الأمم المتحدة كأمين عام تم انتخابه، سيخرج محسود الثراء بلقب مليونير.