رأى ناشطون حقوقيون إيرانيون أن العقوبات التي فرضها الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، يوم الاثنين الماضي على المرشد الإيراني علي خامنئي والمقربين منه، تؤثر على ملف حقوق الإنسان، حيث تستهدف شبكة المسؤولين المتورطين بالانتهاكات.
وكان ترمب قد أكد أن "المرشد الأعلى لإيران هو المسؤول في النهاية عن السلوك العدائي للنظام"، مضيفا "هذه الإجراءات تمثل ردا قويا ومتناسبا للأعمال الإيرانية الاستفزازية المتزايدة".
ليست رمزية
هذا بينما العديد من المحللين اعتبروا هذه الخطوة مجرد "خطوة سياسية"، وجادلوا بأنها لن تؤثر بشكل مباشر على خامنئي لأنه لا يمتلك أرصدة داخل أميركا ولا يسافر إلى الولايات المتحدة الأميركية.
لكن المحامية شادي صدر، مدير منظمة "العدالة لإيران"، ترى أن "معاقبة المرشد الأعلى، إذا نظر إليها من وجهة نظر قانونية، ليست مجرد خطوة رمزية فحسب، بل إنها تستهدف في الواقع جيشًا من الأفراد يعينهم خامنئي ويلعبون دوراً محورياً في قمع الناس وتشكيل سياسات إيران".
جرائم رئيسي
واعتبرت أن هذه العقوبات تشمل أيضا إبراهيم رئيسي، رجل الدين البالغ من العمر 58 عامًا والذي عينه خامنئي مؤخرًا رئيسًا للجهاز القضائي، وهو من الشخصيات المشهورة في إيران المتهم بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية".
وكان رئيسي عضواً في ما يسمى "لجنة الموت" الرباعية التي أمرت بتنفيذ عقوبة الإعدام ضد آلاف السجناء في أواخر الثمانينات، بينما كانوا يقضون عقوبتهم خلف القضبان في مختلف السجون.
أما الشخصية الأخرى المقربة من خامنئي هي حسين شريعتمداري (71 عامًا)، العضو السابق في الحرس الثوري الإيراني، والمعروف بشعاراته المعادية لأميركا وإسرائيل.
وكان شريعتمداري رئيس تحرير صحيفة "كيهان" اليومية ومندوب خامنئي فيها لما يقرب من ثلاثة عقود، ويُعتبر لسان المرشد الأعلى والمتشددين من حوله.
وفي 17 أبريل 2012، نشر شريعتمداري افتتاحية شدد فيها على حق إيران في تخصيب اليورانيوم إلى 99%، كما شن حملات شعواء ضد الصحافيين المنتقدين والكتاب والشعراء والفنانين ونشطاء الحقوق المدنية والسياسية من خلال نشر تقارير ضدهم.
ووفقا لشادي صدر، فقد عانى العديد من هؤلاء المنتقدين والناشطين من السجن والتعذيب، بل بعضهم قتل على يد السلطات.
الشخصيات الأخرى المستهدفة هي رئيس مجلس صيانة الدستور، آية الله أحمد جنتي ورجال الدين الآخرين، أعضاء المجلس، الذين يعينهم خامنئي بشكل مباشر.
هيئة اختيار المرشد
ويلعب جنتي البالغ من العمر 92 عامًا، دورًا مهمًا في استبعاد مئات المرشحين في انتخابات الرئاسة أو مقاعد البرلمان الإيراني أو مجلس الخبراء، وهي هيئة مسؤولة عن اختيار المرشد الأعلى في المستقبل.
وتقول شادي صدر إن القليل من الناس يعرفون الدور البارز لجنتي إبان "الثورة الثقافية" الملطخة بالدماء في جامعة جندي شابور، في مدينة الأهواز، عندما كان إمام صلاة الجمعة في المدينة وقيادته قام الإسلاميون الثوريون بالقبض على العديد من الطلاب في الجامعة وقاموا بتعذيبهم وقتل بعضهم.
وتقول المحامية الإيرانية إن جميع أعضاء "المجلس الأعلى للفضاء الإلكتروني" المسؤولين عن حرمان الإيرانيين من التدفق الحر للمعلومات تشملهم العقوبات أيضا.
قمع المعارضين
كما أن العديد من المسؤولين السابقين الذين كانوا مسؤولين عن قمع المعارضين السياسيين خلال العقد الأول بعد الثورة تأثروا بهذه العقوبات.
أما قائد قوات الشرطة، الجنرال في الحرس الثوري الإيراني، حسين أشتري، الذي سحق بوحشية التجمعات الواسعة المناهضة للنظام في أواخر ديسمبر 2017، وأوائل يناير 2018، هو أيضًا من بين أولئك الذين تمت معاقبتهم بشكل غير مباشر.
وتقول شادي صدر إنه قبل قرار الرئيس ترمب، وفي ظل عدم وجود قيود دولية، اعتاد جميع هؤلاء الأفراد على جمع ثرواتهم غير المشروعة يوميًا، والسفر بحرية في جميع أنحاء العالم، لكن العقوبات المفروضة على خامنئي وشبكته قد لا تنهي الحياة الفخمة لهم بين عشية وضحاها، ولكن على المدى الطويل، ستقيد بالتأكيد إفلاتهم من العقاب.
وختمت صدر بالقول إن "معاقبة رئيس دولة أجنبية لم يسبق لها مثيل سواء في ليبيا معمر القذافي، الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وفي فنزويلا نيكولاس مادورو، وأن المصادقة عليها تعد إشارة على أن أيام الحكم غير الشرعي لرئيس الدولة قد انتهت".