يرى مراقبون أن العقوبات الأميركية التي باتت تشمل قادة النظام الإيراني قد تستهدف أموال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الدبلوماسي الثري الذي يعرف عنه كصانع لوبيات إيران في الولايات المتحدة والذي أمضى ثلث حياته فيها.
وقد تشمل عقوبات واشنطن تجميد ممتلكاته وأصوله، وقد تحظر زياراته المتكررة إلى الولايات المتحدة التي يقوم بها منذ سنوات لتلميع وجه نظام الملالي في الغرب.
وكان وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشن، أكد في مؤتمر صحافي عقده البيت الأبيض يوم الاثنين الماضي، أن الرئيس دونالد ترمب أمره بفرض عقوبات على وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بحلول نهاية الأسبوع.
وتزامن إعلان منوتشن مع فرض إدارة ترمب عقوبات على المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي وثمانية من كبار قادة الحرس الثوري للمرة الأولى.
وقال منوتشن إن العقوبات الجديدة تستهدف الأفراد الذين تعتبرهم واشنطن مسؤولين عن السلوك الإيراني الخبيث، بما في ذلك إسقاط طائرة أميركية بدون طيار فوق الخليج العربي الأسبوع الماضي.
ومن المرتقب أن تستهدف العقوبات الجديدة ظريف، بصفته وزيراً للخارجية الإيرانية وعضواً في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني ذي النفوذ، وهو هيئة مكونة من 12 عضوًا دائمًا، يقدمون توصيات سياسية إلى المرشد خامنئي حول التهديدات الداخلية والخارجية.
مدافع عن خامنئي
وعلى الرغم من الدور الواضح الذي يلعبه ظريف في الدفاع عن المرشد الإيراني وسياساته التوسعية، من خلال الحملات الدبلوماسية في المحافل الدولية، دافعت السفيرة الأميركية السابقة ويندي شيرمان، التي كانت كبيرة المفاوضين الأميركيين في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، عن ظريف قائلة في مقابلة مع قناة "صوت أميركا VOA" الفارسية، أنه "لا أحد يجب أن يخطئ باعتبار ظريف مقربا من المرشد الأعلى لإيران، إنما هو مقرب من الرئيس حسن روحاني ووزير خارجية مخلص لحكومته". لكن هوشانغ أمير أحمدي، رئيس المجموعة البحثية التابعة لـ"المجلس الأميركي الإيراني" الذي يُعد إحدى مجموعات الضغط لصالح النظام الإيراني، قال لقناة VOA إن "ظريف هو أقرب وزير خارجية إيراني لخامنئي منذ تولي المرشد الأعلى مهام منصبه قبل 30 عامًا".
وأضاف: "عندما دخل خامنئي إلى قائمة العقوبات الأميركية، كان من الطبيعي وضع ظريف هناك أيضًا، لأنه الوجه الآخر للعملة".
تغريدات ضد ترمب
ويرى أمير أحمدي الذي قال إنه عقد المئات من الاجتماعات مع ظريف عندما عمل الأخير سفيراً لإيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك من عام 2002 إلى عام 2007، إنه يعتقد أن العقوبات الأميركية الوشيكة ضد كبير الدبلوماسيين الإيرانيين تشكل عقاباً له لأن ظريف يواصل الهجوم ضد ترمب وإدارته على "تويتر".
وأضاف أن ظريف قام بنشر 31 تغريدة انتقادية ذكر فيها ترمب بالاسم منذ بداية هذا العام، من بين أكثر من 120 تغريدة منشورة خلال تلك الفترة".
وقال أمير أحمدي: "أعتقد أن ظريف يعاقب لأنه كان غبيًا وساذجًا لنشره تغريدات تهاجم ترمب على مدار العامين الماضيين، حيث كان يهين مباشرة رئيس دولة كبرى.. لا يجب أن يفعل ذلك".
ومنذ بيان منوتشن يوم الاثنين الماضي، حول معاقبة ظريف، لم يعلق وزير الخارجية الإيراني علانية على الخطوة الوشيكة ضده، على تويتر أو غير ذلك. لكن في تصريحات لمراسل "سي إن إن" في طهران يوم الأربعاء الماضي، قال ظريف إن فرض العقوبات الأميركية "على القيادة الإيرانية" كان "إهانة إضافية من جانب الولايات المتحدة ضد الأمة الإيرانية بأكملها".
صانع اللوبيات
ومن المعروف أن محمد جواد ظريف ساهم بشكل أساسي في تأسيس أكبر لوبي إيراني بالولايات المتحدة وهو " المجلس القومي للإيرانيين في أميركا " والذي يعرف بـ"ناياك NIAC" الذي كان يتزعمه تريتا بارسي وحاليا جمال عبدي.
وتوسعت علاقات اللوبي داخل أميركا منذ أن كان محمد جواد ظريف مندوبا لإيران في الأمم المتحدة لمدة 5 سنوات (2002-2007) وذلك من خلال علاقاته بنواب الكونغرس والمجاميع السياسية وغرف الفكر ومراكز صنع القرار في أميركا.
"كذاب النظام"
لكن على الرغم من نجاحات ظريف في تلميع صورة النظام أدت إخفاقاته في الترويج للشعارات الصلاحية لحكومة روحاني، بالناشطين الإيرانيين إلى إطلاق حملة ضده تحت عنوان "كذاب النظام" من خلال حملة عبر مواقع التواصل تحت هاشتاغ #ZarifIsALiar أي " #ظريف_كذاب" وذلك رداً على دفاعه المتكرر عن انتهاكات حقوق الإنسان في بلده وتزويره للحقائق، بحسب هؤلاء الناشطين.
وكان ظريف قد ادعى خلال كلمة له في أبريل 2018، أمام "مجلس العلاقات الخارجية"، وهو مركز فكري في نيويورك، أنه "ليس هناك اضطهاد للأقليات في إيران، وأن السلطات لا تفرض الحجاب الإجباري، كما أنه لا يتم اعتقال أحد بسبب آرائه"، ما أدى إلى سخط عام للإيرانيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي الذين اعتبروا هذه التصريحات بأنها "كاذبة" جملة وتفصيلا.
واعتبرت منظمات حقوقية أن تصريحات ظريف متناقضة مع الواقع ومع القمع الذي تعرض له النساء والأقليات وباقي شرائح الشعب الإيراني يوميا، والانتهاكات المتواصلة لحقوق الإنسان على أيدي أجهزة النظام المتشدد في طهران.
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في خطاب أمام حشد من الإيرانيين في أميركا، في يوليو/تموز 2018، رفض وصف ظريف وروحاني وحكومتهما بالمعتدلين، قائلا: الحقيقة هي أنهما مجرد رجال الواجهة لفن المخادعة لآيات الله على المستوى الدولي".