في توافق نادر، بحسب مراقبين، عبرت الإدارة الأميركية عن رأيها بالانتخابات البرلمانية التي أجريت الأحد الماضي، بما يتناسب مع رأي طيف واسع من أنصار النظام السوري، ومنهم شخصيات قريبة منه. فقد شجب جيمس جيفري، المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، عملية انتخاب برلمان النظام، والتي انتهت، كما هو متوقع، بفوز غالبية من البعثيين والمدعومين منهم.
وقال جيفري لإذاعة "سوا" على حسابها الفيسبوكي، إن تنظيم الأسد للانتخابات البرلمانية، بمثابة "استفزاز كامل وحقير" بحق الشعب السوري، ووصف تلك الانتخابات بـ"الخدعة التامة".
وكانت الخارجية الأميركية قد انتقدت في بيان، الاثنين، شروع الأسد بتنظيم انتخابات "غير حرة" واصفة العملية بأسرها بـ"المريبة".
ويشار إلى أن تقييم الإدارة الأميركية لانتخابات الأسد، متوافق مع ما صدر من شخصيات قريبة منه، خاصة منهم الذين أعلنت خسارتهم الانتخابات البرلمانية. فقد اتهمت سندس ماوردي، المرشحة عن منطقة حلب، قائمتها الانتخابية بالكذب على الشعب.
مليارات النفط السوري
بدوره النائب السابق في البرلمان، والمرشح الحالي الذي أعلنت خسارته، فارس الشهابي، فقد وصف ما جرى في الانتخابات بأن طاعة عمياء لمنظومة الفساد المتنامية، أو الإقصاء والعقاب، كما قال، مؤكداً أن بعض من دخل البرلمان، استعمل "مليارات النفط المسروق".
من جانب آخر، قامت قوات أمن الأسد، باستدعاء الصحافية لمى توفيق عباس، للتحقيق، بعد تهجمها على أحد نواب البرلمان الجدد، وذكرت عباس على حسابها الفيسبوكي، الأربعاء، أن النائب عامر تيسير خيتي عن محافظة دمشق، قد رفع دعوى قضائية ضدها بجرم القدح والذم. وكانت المذكورة قد وصفت النائب بـ"الإرهابي" و"اللص" موضحة أنه يحمل الجنسية التركية، بحسب منشور لها، خاطبت فيه وزير داخلية النظام، بأن صناديق الاقتراع في منطقة "دوما" بريف دمشق، مفتوحة بدون شمع أحمر.
"ليست شفافة ولا نزيهة"
وأكد أنصار الأسد، على صفحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، أن الانتخابات "لم تكن نزيهة" ولم تكن "شفافة"، مؤكدين أن البطاقات الشخصية كانت تجمع ويتم الانتخاب بها حتى دون وجود أصحابها، بحسب ما قالته "أخبار مصياف" التي أكدت أن مسؤولين من حزب البعث، كانوا يعملون لصالح مرشحين "ميسوري الحال".
وأشار حسين راغب، البرلماني الحالي، والخاسر في الانتخابات الأخيرة، والقريب من دوائر القرار في إيران التي يزورها بشكل دائم، إلى أن منطقة "السيدة زينب" شهدت تجميعا للبطاقات الشخصية، للاقتراع بها، جماعيا، وذلك قبل بدء الانتخابات بيومين.
وقام ما يعرف على "فيسبوك" باسم "الإعلام السوري" بتوجيه رسالة إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد، وبعد الانتهاء من انتخابات البرلمان، قالوا له فيها: "أغلب هؤلاء الفاسدين هم عملاء لتركيا، وغيرها من أعداء سوريا، فكيف سنتقبل فكرة وجودهم في المجلس؟"، وطالبوه بتشكيل "لجنة دستورية" للتدقيق "في السيرة الذاتية لبعض المرشحين" والتحقق في ما جرى ببعض مراكز الاقتراع.
وشهدت محافظة حماة، تظاهرة لمجموعة كبيرة من أبنائها، أمام مبنى المحافظة، احتجاجاً على طريقة تنظيم الانتخابات و"التلاعب" الذي جرى فيها.
دعوات مقاطعة الانتخابات
وأعلنت هيئة النظام المشرفة على الانتخابات، في مؤتمر صحافي، أن عدد الناخبين لم يصل إلى 34%، في انخفاض حاد بعدد الناخبين. وأعلنت وزارة عدل الأسد، بعيد صدور نتائج الانتخابات، أن السبب في الانخفاض الكبير بعدد الناخبين، هو التأثر بجائحة كورونا، وكذلك ما سمّته "سفر" السوريين خارج سوريا.
وبحسب ردود الأفعال المنشورة على نطاق واسع، فإن أنصار النظام السوري وأنصار المعارضة، متحدون بعدم شرعية تلك الانتخابات، إلا أن "الإصرار" على إجرائها، من جانب أنصار النظام، هو فقط من "أجل بشار الأسد" نفسه وكي "لا يتنحى" عن الحكم، إذا فشلت الانتخابات، كما قال عدد منهم في حساباتهم الفيسبوكية الموثقة. وأقر الأستاذ الجامعي، أحمد أديب الأحمد، أن الدعوات لمقاطعة الانتخابات البرلمانية، صادرة من "صفحات مؤيدة (للأسد) ومعارضة له".
البعث تدخّل لصالح أحد المتاجرين مع "داعش"
ويشار في هذا السياق، إلا أن دورا مباشرا لحزب البعث الذي يكون الأسد أمينه العام، سجل في إبعاد عدد من الشخصيات المحسوبة على النظام، كرجل الأعمال محمد حمشو، الذي انسحب من الانتخابات بعد تدخل من المسؤول البعثي هلال الهلال. وأشار فارس الشهابي، البرلماني الحالي والخاسر الانتخابات الجديدة، إلى هلال الهلال، دون أن يسميه قائلا: "ندمي الوحيد هو أنني لم أنسحب بعد زيارة "الرفيق" التوجيهية قبل الانتخابات".
وكان الهلال قد زار محافظة حلب، قبل الانتخابات حصل بعدها تغيير مفاجئ، وفي الساعات الأخيرة التي سبقت الانتخاب، بأسماء قائمة "حلب الأصالة" التي يتزعمها المخرج نجدت أنزور، فأزيل اسم المرشحة سندس ماوردي، وحل مكانها المعاقب أميركيا ودوليا، حسام القاطرجي الذي فاز بدعم من تلك القائمة، وكان القاطرجي اتهم عام 2017 بالتجارة مع تنظيم "داعش" لصالح نظام الأسد، ويتزعم ميليشيا بريف حلب، تقاتل لحساب الأسد.
وتواصلت "العربية.نت" هاتفيا، مع عدة أشخاص في محافظات دمشق، واللاذقية، وحلب، لاستطلاع آرائهم حول العملية الانتخابية، وكانت آراؤهم مجمعة على "لا شرعية" للانتخابات وأنها أوصلت إلى المجلس "تابعين لتركيا" أو "فاسدين" أو "أمراء حرب ولصوص دولة" كما قالوا، مؤكدين أن الانتخابات جرت في جو من "الإرهاب" السياسي وتخويف الناس بالمعاقبة في حال عدم الاشتراك ولو "بورقة بيضاء" إلا أنها تظهر الناس بأنهم "ينتخبون" وهذا هو "كل ما تريده الدولة" بحسب كلامهم.