بالوثائق.. قطر تتسلل خفية للنظام التعليمي الأميركي

تنفق قطر مليارات الدولارات للتسلل خفية إلى منظومة التعليم الأميركي كجزء من جهود تأثير ودعاية لصالح الدوحة، حيث يقول محامون قانونيون ومحققون إنها تمثل انتهاكا للقوانين الفيدرالية وتستدعي إجراء تحقيقات شاملة، وفقًا لما جاء في سياق مذكرة "خاصة"، تم إرسالها من جانب فريق تحقيقات إلى وزارة الخارجية الأميركية، والتي حصلت عليها صحيفة Washington Free Beacon.

وبحسب الصحيفة، أنفقت مؤسسة قطر QF، وهي كيان تابع للحكومة القطرية ومكلف بالعمل على دعم وتعزيز مصالح الدوحة، 1.5 مليار دولار على الأقل منذ عام 2012 لتمويل مجموعة من المبادرات التعليمية في 28 جامعة عبر أميركا، مما يجعلها واحدة من أكثر الممولين الأجانب انتشارا في المنظومة التعليمية الأميركية، وفقًا للمعلومات التي حصل عليها محققو مشروع Lawfare، وهي مجموعة شركات محاماة وتحقيقات قانونية تتخذ الولايات المتحدة مقرًا لها، والتي تقدمت بعدد من الالتماسات إلى الجامعات الأميركية لتسليم معلومات حول علاقاتها المالية مع قطر.

ويعتبر التمويل الأجنبي للجامعات الأميركية مصدرًا للقلق، حيث قامت دول عدة مثل قطر وروسيا والصين بضخ المليارات في ميزانيات المؤسسات الأكاديمية، ولكن وجدت وزارة التعليم الأميركية في أواخر عام 2019 أن العديد من المدارس لم تقم بالإفصاح عن أكثر من 1.3 مليار دولار من الأموال الأجنبية، ما أثار ظهور قطر كواحدة من بين الممولين الأجانب الرئيسيين مخاوف بشأن تسريب توجهاتها إلى الفصول الدراسية الأميركية.

عملية اختراق وتسلل

هذا وكشفت نتائج تحقيقات Lawfare، التي تم تقديمها إلى إدارة ترمب، عن تسلل قطري ملموس على نطاق واسع في نظام التعليم الأميركي ووسائل الإعلام.

وأوضح التقرير "أن عملية الاختراق والتسلل، التي تمولها وتنظمها مؤسسة قطر و مؤسسة قطر الدولية، للجامعات الأميركية ومعلمي المدارس الابتدائية والثانوية، قامت بتحويلهم إلى وكلاء فعليين للحكومة القطرية، ينقلون ويروجون لتوجهاتها السياسية بما في ذلك معاداتها للسامية إلى الطلاب والمجتمع بصفة عامة دون أي إشارة إلى مصدر وأصل هذه الآراء".

رفض.. ومناشدة

كما رفضت بعض الجامعات الكبرى تقديم معلومات تفصيلية إلى محققي المشروع حول علاقاتها المالية مع قطر، مما دفع المحققون إلى مناشدة إدارة ترمب لإجراء تحقيقات بشأن هذه المدارس والكليات والجامعات، من بينها جامعة نورث كارولينا وجامعة ديوك، اللتان تتصدران المشهد في الجدل الدائر حول التمويل الأجنبي.

هذا وتؤكد نتائج تحقيقات Lawfare أن قطر تنتهك قانون تسجيل الوكلاء الأجانب FARA، الذي يشترط على الأشخاص والكيانات التي تعمل كوكيل لمدير أجنبي التسجيل لدى الحكومة الأميركية والكشف عن دوره للتأثير الأجنبي في العملية السياسية محليًا.

كما يؤكد الخبراء القانونيون لدى Lawfare أن المدارس يجب أن تخضع للتحقيق والفحص للتأكد من إذا كان يجب أن تخضع لقانون FARA.

أجندة قطرية

هذا وتعد هذه العلاقات المالية ذات أهمية خاصة بالنظر إلى أن المعلومات العامة التي تدسها المواد التعليمية المقدمة من مؤسسة قطر، ترسم صورة متحيزة للشرق الأوسط، فيما يتعهد المعلمون، الذين تم اختيارهم، بتدريس هذه الدروس في الفصول الدراسية. ما أدى إلى انعدام الشفافية في هذه البرامج التعليمية وزيادة المخاوف بشأن أجندة قطر.

إلى ذلك، يعتبر تمويل هذه المدارس ليس سوى جزء واحد من جهود قطرية متشعبة تهدف إلى التأثير على الرأي العام والمؤسسات الأكاديمية والفكرية في أميركا.

وتمول قطر مؤسسات فكرية بارزة مثل معهد بروكينغز، فيما تطاردها اتهامات مؤخراً تزعم أن الدوحة قامت بتمويل هجمات قرصنة على حوالي 1500 شخص، من بينهم نشطاء سياسيون متمركزون في واشنطن العاصمة. أيضا قدم أعضاء جمهوريون في الكونغرس التماسا لوزارة العدل في يونيو 2019 للتحقيق بشأن ممارسات شبكة الجزيرة القطرية بشأن انتهاكات محتملة لقانون FARA.

إلزام بالتسجيل رسمياً

فيما ذكر تقرير لـ Lawfare: "تشير المراجعة الأولية للوثائق المتاحة للعامة إلى أن مواد قانون FARA تنطبق على أنشطة قطر، ويتطلب الأمر أن يقوم كل من المؤسسات والأفراد المستفيدين من التمويل القطري بالتسجيل رسميًا وفقا لقانون FARA كوكلاء عن قطر (كدولة أجنبية)". ومثل هذا التفويض سيجبر أي جامعة تحصل على أموال من قطر على التسجيل كوكيل لدولة أجنبية، وهو الأمر الذي يُحتمل أن ترفضه هذه المدارس.

في المقابل، شدت عمليات التأثير القطرية في الولايات المتحدة انتباه المحققين الفيدراليين في السنوات الأخيرة. وتجري وزارة التعليم الأميركية تحقيقات بشأن كيفية استخدام نحو 235 ألف دولار من الأموال الفيدرالية في 2018 لتنظيم سلسلة من المناسبات السياسية المغايرة للتوجهات الأميركية بالاشتراك بين جامعة ديوك وجامعة نورث كارولينا.

جامعة نورث كارولينا جامعة نورث كارولينا

وتظهر الوثائق، التي تم الحصول عليها من خلال طلب بموجب قانون حرية المعلومات، أن مؤسسة قطر منخرطة بشكل وثيق في مبادرات UNC التعليمية. ويشتبه محققو مشروع Lawfare في أن هذا هو الحال مع العديد من الجامعات الأخرى التي رفضت حتى الآن طلبات المجموعة للتوثيق. وهدد فريق المحقيين باتخاذ إجراءات قانونية ضد المدارس والكليات الجامعية لإجبارها على نشر المعلومات المالية.

تدخلات المؤسسة القطرية

ومن المعروف أن قطر تنفق ما لا يقل عن 405 ملايين دولار سنويا لتغطية نفقات ستة من الجامعات الأميركية، التي تدير الحرم الجامعي في الدوحة، وتشمل نورث وسترن وتكساس إيه آند إم وجورجتاون وفرجينيا كومنولث وكورنيل وكارنيغي ميلون.

كما تنفق قطر أكثر من 30 مليون دولار على برامج التدريب الموجهة نحو الشرق الأوسط للطلاب الأميركيين في كليات مختلفة في جميع أنحاء الولايات المتحدة. ووفقاً للنتائج، التي توصلت إليها Lawfare، فإن "المدارس والكليات التي تقبل تلقي الأموال من مؤسسة قطر الدولية تخضع بدرجة أكبر من التحكم والتدخلات من جانب المؤسسة القطرية".

ويقول تقرير Lawfare إن هذه الأموال، هي جزء من "عملية تأثير واسعة النطاق في أميركا" في إطار أجندة قطرية لنشر دعاية لتوجهاتها السياسية في المجتمع الأميركي".

فيما يثير مقدار التحكم والتدخل، الذي تمارسه قطر على البرامج المدرسية والمشاركين فيها، قلق المحققين في مشروع Lawfare وخبراء آخرين.

توسيع التحقيقات ليشمل قطر

من جانبه، قال بروك غولدشتاين، المدير التنفيذي لمشروع Lawfare، "بدأ الكونغرس الأميركي للتو تحقيقًا بشأن مساعي الحكومة الصينية للتأثير على الجامعات الأميركية. ويجب أن يتسع نطاق التحقيق ليشمل قطر، الدولة التي تقوم بهذا الدور منذ فترة طويلة بدون أي شفافية أو رقابة تقريبًا.

وتابع "تكشف طلباتنا الأخيرة بموجب قانون حرية المعلومات أن حكومة الولايات المتحدة تفتقر إلى المعلومات الأساسية حول محاولات قطر التسلل إلى الأكاديميات الأميركية".

هذا وتقوم قطر بإنفاق 110,000 دولار في جامعة ديوك، فعلى سبيل المثال، في عام 2019 على "برنامج تدريب لمعلمي الصفوف من 6 إلى 12"، وتم اختيار المعلمين، للمشاركة في هذا البرنامج من المناطق التعليمية في نورث كارولينا وإلينوي وفرجينيا، بواسطة مؤسسة قطر الدولية وليس جامعة ديوك.

جامعة ديوك الأميركية جامعة ديوك الأميركية

ووفقا لتحقيقات مشروع Lawfare، تكشف نسخة داخلية من جدول أعمال التدريب أن "المناهج الدراسية تقلل، إن لم يكن تتجاهل تمامًا، أي تاريخ أو مساهمات لغير المسلمين في الشرق الأوسط".

كما شارك العديد من المدرسين، الذين تم اختيارهم لهذا البرنامج في وقت لاحق في مبادرة Duke-UNC المشتركة، التي تجري التحقيقات بشأنها الآن من جانب وزارة التعليم الأميركية.

ما هو الغرض من الأموال؟

بدوره، قال جيرارد فيليتي، مستشار أول في مشروع Lawfare، "قدمت قطر أكثر من 1.7 مليار دولار للجامعات الأميركية، وهي المبالغ المعلن عنها والمعروفة. ولكن على ما يبدو، إنه لم يتم الإبلاغ عن جميع المساهمات، ولا يبدو أن هذا المبلغ يشمل الأموال المقدمة لبرامج K-12 المدرسية أو الأموال التي يتم تحويلها من خلال منظمات مثل مؤسسة قطر الدولية"، مضيفًا أنه "يحق للشعب الأميركي أن يعرف ما الغرض وراء هذه الأموال وما هي البرامج المحددة التي تمولها".

هذا وأصدر مشروع Lawfare طلبات توثيق بموجب قانون حرية المعلومات للحصول على بيانات من العديد من الجامعات، من بينها UNC ونورث ويسترن. كما أصدرت طلبات مماثلة لوزارة التعليم الأميركية، التي يبدو أنها لا تملك وثائق ذات مغزى.

وأشارت نتائج المشروع إلى أن "عدم وجود أي وثائق مرتبطة بهذا التمويل أمر مقلق للغاية لأنه يظهر أن الحكومة الأميركية تفتقر إلى معلومات حول طبيعة ونطاق نفوذ قطر في جامعة نورث ويسترن، التي تتولى إدارة الحرم الجامعي في قطر".

وتمارس مجموعة Lawfare ضغوطا على إدارة ترمب للمساعدة في تحقيقاتها الجارية، بما في ذلك إجبار المدارس والكليات والجامعات المعنية على تسليم الوثائق ذات الصلة حول علاقاتها بقطر.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى