أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن بلاده بصدد اتخاذ خطوة جديدة في ليبيا وشرق البحر المتوسط، معربًا عن أمله في أن يكون التوفيق حليف الجنود الأتراك في العام 2020 كما كان في 2019، بحسب تعبيره
جاء ذلك في اتصال هاتفي أجراه أمس الثلاثاء مع جنود عاملين في أحد مراكز الشرطة التابعة لقوات الدرك بولاية هكاري، جنوب شرقي البلاد؛ لتهنئتهم بالعام الجديد، بحسب ما أفادت وكالة الأناضول.
وتفاخر أردوغان بغزو قواته شمال شرق سوريا، قائلا "ها هو قد انتهى العام 2019، ونستقبل العام 2020، وخلال العام المنقضي ناضل جنودنا، وعناصر الشرطة بشكل بطولي في البر والجو والبحر. وخير مثال على ذلك عملية (نبع السلام) التي استطاعوا من خلالها، تضييق الخناق على القوات الكردية في سوريا، التي وصفها بالإرهابية".
يبشر بملاحم جديدة!
وتابع أردوغان "وها نحن بصدد اتخاذ خطوات جديدة ومختلفة في كل من ليبيا وشرق البحر المتوسط. ونأمل في أن يحقق جنودنا في شرق المتوسط ملاحم بطولية كتلك التي حققها (أمير البحارة العثمانيين) خير الدين بربروس(1478-1546)، وهم بالفعل سيواصلون كتابة تلك الملاحم".
وأشار أردوغان في كلمته إلى الجنود أنه هاتف وزير الدفاع، خلوصي آكار، مضيفًا "وبمناسبة العام الجديد أهنئكم جميعًا باسمي وباسم شعبي، متمنيًا أن يكون العام 2020 فاتحة خير على البلاد".
فمن هو ملك البحار خير الدين بربوس؟
في عام 1543 فرض أسطول عثماني بقيادة خير الدين بربروس حصارا بحريا على شواطئ مدينة نيس الفرنسية في حرب ضد الإمبراطورية الرومانية (إمبراطورية هابسبرغ) في وقت كان يحتل فيه اسم بربروس مكانة بارزة في البحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا.
وفي جزيرة ليسبوس في بحر إيجة، وهي جزء من اليونان الحالية، وتحديدا في سبعينيات القرن الخامس عشر عندما كانت الجزيرة تحت السيادة العثمانية (خضعت الجزيرة للعثمانيين بين 1462 و1912) ولد واحد من "أبرز قادة" الدولة العثمانية وهو "قرصان الجزائر" الذي تحول لاحقا إلى ملك البحار، خير الدين باشا بربروس، ويعني لقبه باللغة الإيطالية صاحب اللحية الحمراء، كما ولد هناك أيضا شقيقه عروج وذلك بحسب دائرة المعارف البريطانية.
وكان الأخوان بربروس يمارسان القرصنة بالفعل في البحر الأبيض المتوسط عندما بسطت إسبانيا سيطرتها على قرطبة عام 1492 لتهزم آخر دويلة إسلامية في شبه الجزيرة الأيبيرية، فانتقل السكان المسلمون إلى شمال إفريقيا.
وفي عام 1505 كان الإسبان والبرتغاليون يتطلعون إلى تحقيق توسع إقليمي في شمال إفريقيا، فشنوا هجمات على المدن الساحلية للمنطقة.
قرصنة بأوامر نجل السلطان العثماني
في ذلك الوقت كان خير الدين وعروج يمارسان القرصنة بتوجيهات من كوركود، نجل السلطان العثماني بايزيد الثاني، فكانا يعطلان حركة الملاحة الإسبانية والبرتغالية في غرب البحر المتوسط.
وبموت بايزيد الثاني عام 1512 دب صراع بين ولديه سليم وأحمد، ومع هزيمة أحمد تدفق أنصاره إلى شمال إفريقيا.
وفي ذلك الوقت أعدم السلطان سليم أخيه كوركود الذي لم يكن يثق فيه، فهرب الشقيقان بربروس إلى شمال إفريقيا ليبتعدا عن حاكم من الواضح أنه معاد لهما، وانضما إلى جهود تلك المنطقة في مقاومة النفوذ الإسباني.
وخلال السنوات الثلاث التالية برز اسم الشقيقين بربروس في الحملات البحرية المناوئة للإسبان والبرتغاليين في غرب المتوسط.
إلى ذلك، شن الشقيقان، عام 1516هجوما على مدينة الجزائر التي بسط عروج سيطرته عليها.
وقد اعترف العثمانيون بتلك التطورات الجارية على الأرض في شمال إفريقيا وعرضوا الدعم المالي والسياسي على الأخوين الأمر الذي مكنهما من تعزيز مكاسبهما.
ثم عرضت الدولة العثمانية منصب حاكم الجزائر على عروج ومنصب أمير البحر في غرب المتوسط على خير الدين ولكن لم يكن اندماج الشقيقين تاما في الدولة العثمانية.
السيطرة على مدينة الجزائر
عام 1518 لقي عروج حتفه في قتال الإسبان الذين استعادوا السيطرة على مدينة الجزائر، وفي ذلك الوقت تقدم خير الدين، الذي حمل لقب بربروس، لقتال الإسبان وطلب مساعدة العثمانيين ونجح في السيطرة مجددا على المدينة التي تحولت تدريجيا لأول دولة للقراصنة والتي تنامى استقلالها العسكري والسياسي بمرور الزمن عن الدولة العثمانية.
وكان العثمانيون قد استخدموا الجزائر في وقت لاحق كقاعدة عمليات متقدمة لهم في غرب البحر المتوسط، وفي ذلك الوقت ارتبط بربروس رسميا بالدولة العثمانية.
وفي عام 1522 استولى السلطان العثماني سليمان القانوني على جزيرة رودس ونصب بربروس حاكما عليها.
الاستيلاء على تونس
بعد استيلاء بربروس وقواته على تونس عام 1531 جعله القانوني الأدميرال الأكبر (قبطان باشا) للدولة الثمانية وصار يعمل رئيسا لأركان حرب البحرية العثمانية.
وكانت أعظم معارك بربروس البحرية انتصاره في بريفيزا (اليونان) عام 1538 على أساطيل فينيسا وجنوة وإسبانيا والبرتغال ومالطة ودولة البابا.
وكان سر انتصاره اعتماده على السفن ذات المجاديف بدلا من السفن الشراعية التي تعتمد على الرياح فتمتعت سفنه بقدرة أكبر على المناورة فنجح أسطوله الذي ضم 122 سفينة في هزيمة 300 سفينة للأساطيل المعادية.
كما فتح له هذا النصر الطريق لسيطرة العثمانيين على طرابلس وشرق البحر المتوسط.
يذكر أن خير الدين بربروس توفي في القسطنطينية عام 1546، بحسب دائرة المعارف البريطانية.