شهادة جنرال أميركي للعربية.نت عن نفوذ إيران بالعراق

ارشيف الوثائق الايرانية التي تسربت لموقع الانترسبت اوضحت مدى التغلغل الايراني في النظام السياسي والاستخباري والامني في العراق. وربما من اكثر الاشخاص قدرة على رصد القضية هو الجنرال مايكل ناجاتا، مسؤول العمليات الخاصة الاميركية السابق في الشرق الاوسط ما بين عامي 2003 و 2005 اي الاعوام التي تشمل الوثائق المسربة.

ناجاتا قاد عمليات مكافحة تنظيم داعش في ذلك الوقت و تقاعد قبل اربعة اشهر، بعد ان كان مدير الاستراتيجيات في مركز مكافحة الارهاب الوطني لمدة اربع سنوات.

إيران استغلت يأس العراقيين

العربية.نت: ما اكثر ما اثار اهتمامك او فاجأك في هذه التسريبات؟

الجنرال مايك ناجاتا: ليس هناك الكثير الذي فاجأني، فقدرة الايرانيين على بناء علاقات مفيدة مع القادة العراقيين والحصول على معلومات استخبارية مهمة كان متوقعا. لكن اكثر ما اثار اهتمامي هو ما اصفه بعملية "الموازنة" التي اجبر زملائنا العراقيين على القيام بها، (بين علاقتهم مع اميركا من جهة وايران من جهة اخرى) و بالاخص بعد ظهور داعش. كان هناك قلق حقيقي، بعد عام 2004 وسقوط الموصل، بأن بغداد هي التي ستسقط، ولحسن الحظ لم يحصل هذا، ولكن كان هناك قلق حقيقي. العراقيون كانوا في موقف يائس واي عرض للمساعدة من اميركا او المجتمع الدولي او روسيا او ايران، كانوا سيقبلون به. انا لا احاول ان ابرر ما فعلوه ولكن ان افهمه فقط.

العربية.نت: ما هي تجربتك في العراق مع هذا التواجد الايراني؟

الجنرال مايك ناجاتا: هذه القصة ربما تساعد في رسم صورة لما كان يحصل، فبعد سقوط الموصل وصلتني اوامر بان ارسل اكبر عدد من القوات الخاصة للعراق لاعيد الاتصال مع القوات الخاصة العراقية و لافهم ما يحصل على الارض. وربما اكثر التقارير التي وصلتني اثارة كانت من احد جنود القوات الخاصة الذي طلب لقاء من مسؤول عراقي رفيع. وقام جندي القوات الخاصة بالذهاب الى مكتب المسؤول الذي كان ينهي للتو اجتماع آخر وقام بتعريف رجل القوات الخاصة بضيفه، وتبين أنه مسؤول في الحرس الثوري الايراني. كانت هناك لحظات حرجة ولكن لحسن الحظ تم الاجتماع! لكنني اشارككم القصة لاصف التواجد الواسع للايرانيين وللجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، في العراق خلال تلك الفترة. العراقيون كانوا بأمس الحاجة للمساعدة والحكومة الايرانية وسليماني اتو الى الحكومة العراقية وقالوا: اذا اردتم المساعدة فيجب ان تسمحوا لقواتنا واسلحتنا واجهزة اتصالنا بالدخول الى بلادكم. ورغم انني لا اوافق، الا انني اتفهم المأزق. هناك الكثير من التقارير التي تشير الى ان سليماني لا يُطاق ولكن احاول ان انظر الى الامور من وجهة نظر العراقيين وهم استفادوا من الايرانيين ايضا في تلك الفترة، من المهم الانتباه الى ان ايران هي جار دائم للعراق والولايات المتحدة ليست كذلك وهذا اثر بالتأكيد على الحسابات العراقية.

سقوط الموصل
طهران أثرت على الأداء الأميركي بالعراق

العربية.نت: كيف أثر هذا التواجد على قدرتكم على محاربة داعش؟

الجنرال مايك ناجاتا: التواجد الايراني اثر بالتأكيد على الطريقة التي عملت فيها القوات الاميركية في العراق و سوريا واوضح مثال على ذلك هو ظهور الميليشيات الشيعية والتي بدأت العمل في المنطقة الحدودية وفي سوريا. بعضها كان تحت سيطرة الحكومة المركزية في العراق اما الآخر فلم يكن، وكان من الصعب التفرقة بينها. اما خطر صراع مسلح بين اطراف التحالف ضد داعش من ناحية وايران او الجماعات الموالية لها من ناحية اخرى، فقد اراد الجميع تجنبه، مما اثر على قدرتنا على الحركة. ورغم اننا وجدنا بديلا ادى الى النجاح في تحرير الموصل والرقة الا ان اثر التواجد الايراني كان واضحا.

العربية.نت: ماذا كان بامكان الولايات المتحدة فعله لتجنب التغلغل الايراني في ذلك الوقت؟

الجنرال مايك ناجاتا: اعتقد ان الحل الوحيد كان التزام سياسة مختلفة وارسال عدد اكبر بكثير من القوات الاميركية الارضية الى العراق و سوريا، لكن بعد تجربة حرب العراق في عام 2003 كان هناك ممانعة سياسية كبيرة لذلك، وكان من الاكثر قبولا التحدث عن “بناء القدرات المحلية” ولكن المفارقة هي ان هذا للاسف ساعد ايران و لميليشيات الشيعية التي نظمتها.

إيران خطر ماثل

العربية.نت: هل التأثير الايراني في انحسار ام توسع؟

الجنرال مايك ناجاتا: التأثير الايراني في المنقطة في تزايد -رغم انه يعاني- كما يبدو من المظاهرات في العراق وفي ايران نفسها، الامر الذي يثير انتباه المسوؤلين الايرانيين و حتى المرشد الاعلى نفسه. اعتقد ان التأثير الايراني يواجه مشاكل تحديدا بسبب مدى انتشاره في المنطقة. في نهاية الامر، اعتقد ان هذه المشاكل فقط عثرة في الطريق، وان النظام الايراني سينجو ويجد طريقة للتعامل مع هذا الضعف. ايران استفادت استراتيجيا من تأثيرها في العراق واعتقد اننا اذا قمنا بعمل محاسبة و موازنة فسنرى ان العنف في العراق وايران يلعب ضد مصلحة النظام الإيراني. ولكن بسبب اتساع رقعة نشاطات إيران في اليمن وسوريا و غيرها فاني اشكك في ان ايران قلقة، رغم ما تقوله وتتمناه دول مثل الولايات المتحدة ودول اخرى تخاصم للنظام.

العربية.نت: هل كان قرار انسحاب القوات الاميركية من العراق خاطئا؟

الجنرال مايك ناجاتا: يمكن وصف الانسحاب في عام 2011 من وجهة النظر العراقية بأنه كان متهورا، كان مفاجأة استراتيجية غير مرغوب بها. وفي نهاية الامر تم فهم الانسحاب بهذه الطريقة بغض النظر عن التفاصيل. من ناحية ثانية ادى الانسحاب الى قطع العلاقة ما بين الجيشين الاميركي والعراقي وبالاخص القطاعات الاكثر قدرة على محاربة بقايا تنظيم القاعدة وهي قطاعات كانت تحتاج الى مساعدة وتدريب واستشارة. كانت هناك حاجة لتقوية المؤسسات حتى تستطيع الاحتفاظ بقدراتها وللاسف ما حدث لاحقا كان نتيجة لانهيار هذه العلاقة، ومن هذه التداعيات سقوط الموصل. انا عملت في حياتي المهنية بالقوات الخاصة، والمؤسسة العسكرية الوحيدة التي قاتلت بشكل مهني و جيد اثناء العمليات القتالية ضد داعش كانت القوات الخاصة العراقية، والتي استمرت الولايات المتحدة بالعمل معها تحت مظلة برنامج خاص في وزارة الخارجية سمح باستمرار العلاقة الخاصة وتقديم الدعم الامني. اذا استطعنا الاحتفاظ بالعلاقات الجيدة فبإمكاننا الاحتفاظ بالقدرات العسكرية جيدة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى