المفاوضات السعودية-الإيرانية تعود إلى بغداد؟

المفاوضات السعودية-الإيرانية تعود إلى بغداد؟
المفاوضات السعودية-الإيرانية تعود إلى بغداد؟

تعود المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، إلى استئناف المحادثات بينهما، خلال الأسبوع الجاري، في العاصمة العراقية بغداد وفق ما ذكر “عربي بوست” نقلا عن مصادر عراقية وإيرانية مطلعة.

وكانت المفاوضات بين الرياض وطهران توقفت في تشرين الثاني 2021، في أعقاب انتخاب إبراهيم رئيسي رئيساً جديداً لإيران، بعد أربع جولات من المفاوضات التي استضافتها العاصمة العراقية بغداد.

وكانت الرياض وطهران بدأتا المفاوضات الثنائية المباشرة، منذ شهر نيسان 2021، لمناقشة العديد من القضايا الإقليمية الثنائية العالقة بين الجانبين.

وبحسب مصدر أمني عراقي مقرب من رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، فإن الأخير هو من لعب دوراً كبيراً في التوسط بين الرياض وطهران لإقامة جلسات التفاوض. وقال مصدر مطلع في ذلك الوقت لـ”عربي بوست”، إن العلاقة القوية بين الكاظمي وولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، لعبت دوراً بارزاً في إقامة المفاوضات بين الرياض وطهران.

بالعودة إلى مسألة استئناف الحوار السعودي الإيراني، يقول مصدر إيراني مطلع على سير المفاوضات، لـ”عربي بوست”، إنه من المفترض أن يتم إجراء الاجتماع بين مسؤولين أمنيين بارزين من كلا الطرفين، وسيقام الاجتماع في مطار بغداد الدولي، يوم 21 نيسان.

بينما ذكر مصدر عراقي مطلع بوزارة الخارجية العراقية، أن موعد الجلسة الخامسة من المفاوضات، من الممكن أن يكون بين يومي 21 و22 نيسان الجاري.

وفي السياق نفسه، يقول مصدر إيراني أمني، مقرب من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، لـ”عربي بوست”، إن الجلسة الخامسة ستضم مسؤولاً أمنياً إيرانياً رفيع المستوى، تم اختياره بعناية من قِبل المرشد الأعلى الإيراني، بدون حضور علي شمخاني، رئيس المجلس.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الجلسة الرابعة في العام الماضي، من الحوار الإيراني السعودي، والتي تمت في مطار بغداد الدولي كانت تضم وفوداً أمنية رفيعة المستوى من كلا البلدين.

فقد ترأس الوفد الأمني الإيراني الأمين العام للمجلس الأعلى الإيراني، الجنرال علي شمخاني، الذي اجتمع بوزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير، في اجتماع امتدّ لست ساعات، بحسب المصادر العراقية التي تحدثت لـ”عربي بوست” في ذلك الوقت.

وبالنسبة للوفد السعودي الذي سيقود الجولة الخامسة المقرر عقدها -بحسب المصادر العراقية والإيرانية- خلال الأسبوع الجاري، فإنه يضم مسؤولين أمنيين من جهاز المخابرات السعودي.

وفي هذا الصدد، يقول مصدر أمني عراقي مطلع ومقرب من رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، لـ”عربي بوست”، “تم إبلاغنا بأن الوفد السعودي سيضم حوالي أربعة مسؤولين أمنيين، على رأسهم مسؤول أمني بارز، تم اختياره من قبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بشكل مباشر”.

في الجولة الرابعة السابقة من الحوار السعودي الإيراني، قال في ذلك الوقت مصدر عراقي مطلع لـ”عربي بوست”، إن الاجتماع الرابع بين المسؤولين الإيرانيين والسعوديين كان إيجابياً للغاية، وكانت هناك رغبة قوية من كلا الطرفين في التوصل إلى نتائج مثمرة. واتفق الجانبان على العمل على خارطة طريق تخص كلاً من الملف اليمني، وإعادة فتح السفارات بين البلدين، واستعادة العلاقات الدبلوماسية.

وعلى ضوء هذه الخلفية، يقول مصدر أمني إيراني مطلع على سير المفاوضات مع الرياض، لـ”عربي بوست”، “من المقرر في الجولة الخامسة المقبلة أن يتم تنفيذ خارطة من خمس أو ست نقاط فيما يخص الملف اليمني، كما أنه من المقرر البدء الفوري في إعادة فتح القنصليات السعودية في إيران والعكس”.

ولم يُرِد المصدر السابق الخوض في تفاصيل الخطة ذات الخمس أو الست نقاط الخاصة بالملف اليمني، قائلاً لـ”عربي بوست”، “القيادة العليا الإيرانية ترى أن الأمور بشكل عام في اليمن بعد الهدنة، تسير بشكل إيجابي إلى حد ما، كما أنها ترى أن الوقت مناسب للعمل على إنهاء الحرب في اليمن من خلال التفاوض السياسي مع المملكة العربية السعودية”.

كما أشار المسؤول الأمني الإيراني، إلى أن طهران مصممة على البدء العاجل في إعادة فتح السفارات بين البلدين، فيقول لـ”عربي بوست”، “يرى القادة الإيرانيون أن هذه الخطوة من شأنها أن تعزز العلاقات مع الرياض، كما أن لها فوائد أخرى ستدعم استقرار المنطقة وتعزيز الأمن في الخليج”.

بحسب المصادر الإيرانية والعراقية التي تحدثت لـ”عربي بوست”، في وقت سابق، فإن جلسات الحوار الإيراني- السعودي توقفت، في تشرين الثاني عام 2021، بسبب حالة الجمود السياسي في العراق، والذي أعقب نتائج الانتخابات البرلمانية الخامسة، والتي تم إجراؤها في 10 تشرين الأول 2021.

وقال مصدر عراقي مطلع في ذلك الوقت لـ”عربي بوست”، “الجولة الخامسة من الحوار السعودي الإيراني كان من المقرر عقدها قبل نهاية عام 2021، لكنها توقفت بسبب عدم الوصول إلى حل في أزمة تشكيل الحكومة العراقية”.

وأضاف المصدر قائلاً لـ”عربي بوست”، “الجولة الرابعة كانت مثمرة للغاية، لكن التوقف الأخير كان خارج إرادة كل من الطرفين السعودي والإيراني”.

ورداً على تساؤل لماذا قرر الجانبان استئناف المحادثات مرة أخرى، بالرغم من استمرار حالة الجمود السياسي في العراق، وعدم تشكيل الحكومة العراقية الجديدة حتى يومنا هذا. يقول مسؤول حكومي إيراني مقرب من الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، لـ”عربي بوست”، إن التطورات الأخيرة في الملف اليمني، والهدنة الحالية بالرغم من احتمالية انهيارها، كانت الدافع وراء إجراء الجولة الخامسة من جولات الحوار السعودي- الإيراني.

ويضيف المصدر ذاته “المرشد الأعلى الإيراني رحب للغاية بوقف إطلاق النار الحالي بين الأطراف المتحاربة في اليمن، ورأى أنها فرصة مناسبة لإيجاد حل سياسي لإنهاء الحرب اليمنية”.

تجدر الإشارة هنا إلى أن الملف اليمني قد شهد تطورات في الفترة الأخيرة، ففي بداية شهر نيسان الجاري، أعلن مبعوث الأمم المتحدة لليمن الهدنة ووقف إطلاق النار لمدة شهرين، كما تضمنت الهدنة إنهاء مؤقتاً ومحدوداً للحصار المفروض على ميناء الحديدة في اليمن.

كما ساعدت استقالة الرئيس اليمني، الموالي للمملكة العربية السعودية، عبد ربه منصور هادي، من منصبه، وتسليم السلطة إلى مجلس قيادة برئاسة عبد الله العليمي، في دفع الأمور نحو الإيجابية في اليمن.

يقول مصدر أمني إيراني، لـ”عربي بوست”، “اللحظة الحالية في اليمن تبدو إيجابية بشكل كبير أكبر مما سبق، كما أن قبول الحوثيين للهدنة يعد بادرة أمل نحو التوصل إلى حل لإنهاء الحرب اليمنية، ومن الممكن أن تضم جولات الحوار السعودي الإيراني قادة حوثيين في المستقبل القريب، كما أن طهران ترحب بأن تلعب دوراً في إنهاء الحرب اليمنية بشكل عاجل”.

خاضت المملكة العربية السعودية منذ عام 2015، حرباً ضد جماعة أنصار الله المعروفين باسم الحوثيين، المدعومين من إيران، ومنذ ذلك الوقت لم يستطع أي طرف في اليمن إعلان النصر وإنهاء الحرب لصالحه.

في الأيام القليلة الماضية، أعلن المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، عن رغبته القوية في إنهاء الحرب في اليمن، وإبداء تعاونه مع السعوديين لإنهاء الحرب، قائلاً “لدي نصيحة بدافع الخير للمسؤولين السعوديين، لماذا تصرون على الاستمرار في حرب أنتم متأكدون من أنكم لن تكسبوها؟ لا بد من العمل على العثور على طريق للخروج من هذه الحرب”.

وفي هذا الصدد يقول المسؤول الأمني الإيراني لـ”عربي بوست”، “خطاب المرشد الأعلى كان بادرة حسن النية للإخوة السعوديين للبدء في حل أزمة اليمن بشكل فوري، ونحن على استعداد لذلك، وعلى استعداد للتوسط بين السعوديين والحوثيين في أي وقت يُطلب منّا فيه ذلك”.

بالعودة إلى الجولة الخامسة المحتملة للحوار السعودي- الإيراني، في العاصمة العراقية بغداد، يقول المسؤول الأمني الإيراني، في حديثه لـ”عربي بوست”، “إدارة السيد رئيسي عازمة على تحسين العلاقات مع السعوديين، وتبذل قصارى جهدها من أجل تحقيق هذا الأمر، لذلك من المتوقع أن تكون الجولة الخامسة إيجابية بشكل كبير”.

وفي السياق نفسه يقول المسؤول الحكومي الإيراني، المقرب من الرئيس الإيراني المحافظ إبراهيم رئيسي، لـ”عربي بوست”، “الرئيس إبراهيم رئيسي مهتم بشكل كبير للغاية باستعادة العلاقات بين طهران والرياض، وتحسين علاقات الجمهورية الإسلامية بجيرانها العرب بشكل عام، نحن لا نعول على الغرب مرة أخرى، فلدينا الشرق وجيراننا العرب، وهم أولوية لطهران”.

منذ أن انتُخب في حزيران عام 2021، تبنّى الرئيس الإيراني المحافظ ورجل الدين إبراهيم رئيسي استراتيجية كبيرة لتحسين العلاقات الإيرانية مع دول الخليج، وبحسب المصادر الإيرانية التي تحدثت لـ”عربي بوست”، في تقرير سابق، فإن رئيسي عازم على توسيع العلاقات الإيرانية مع المملكة العربية السعودية بشكل خاص، لذلك يصرّ على استعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في أسرع وقت.

وعلى ضوء هذه الخلفية، يقول المسؤول الحكومي الإيراني المقرب من الرئيس الإيراني “في العام الماضي، تواصل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع السيد إبراهيم رئيسي، من أجل الاستثمار في العلاقات السعودية الإيرانية، مرحباً بدعوة الرئيس الإيراني بضرورة تحسين العلاقات الإيرانية السعودية”.

وبحسب المصدر ذاته، فإن هذا التواصل بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ورئيس الجمهورية الإسلامية إبراهيم رئيسي، تم بواسطة وسيط عراقي، لكن لم يفصح المصدر عن هوية الوسيط العراقي، أو المعاد الدقيق لهذا التواصل بين محمد بن سلمان وإبراهيم رئيسي.

على ما يبدو، فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية في عهد إبراهيم رئيسي حريصة على التواصل مع جيرانها العرب، وبالتحديد المملكة العربية السعودية، بغض النظر عن إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، فقد قطعت العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض في يناير/كانون الثاني 2016، بعد أن اقتحم عدد من الإيرانيين منشآت دبلوماسية سعودية في العاصمة الإيرانية طهران، احتجاجاً على إعدام السلطات السعودية رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر.

وبحسب المسؤول الحكومي الإيراني، الذي تحدث لـ”عربي بوست”، فإن الجولة الخامسة المرتقبة من الحوار السعودي- الإيراني ستركز على اتخاذ خطوات جادة لإعادة فتح السفارات بين البلدين.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى