اتسمت علاقة إثيوبيا مع جيرانها بالتوتر على مدى عقود، ودخلت في حروب للدفاع عن أراضيها الشاسعة منذ إعلان استقلالها.
ويمكن للدبلوماسية أن تكون مشحونة في هذه البقعة المضطربة من إفريقيا، إذ كثيراً ما يتحول الأصدقاء إلى أعداء فيما تثير المنافسة نزاعات. وفي ما يلي لمحة عن بعض علاقات إثيوبيا الأبرز:
مادة اعلانية
فعلاقتها بإريتريا اتسمت بالدموية، حيث كانت الأخيرة جزءاً من إثيوبيا إلى حين انفصالها عام 1993 بعد حرب من أجل الاستقلال استمرت لعقود.
وخاض البلدان حرباً أخرى عام 1998 أودت بحياة 80 ألف شخص قبل الوصول إلى طريق مسدود. وعلى مدى 20 عاماً، بقي البلدان في حالة عداوة فيما فصلت قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة بينهما.
إلى ذلك، أقام رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد سلاما مع نظيره الإريتري أسياس أفورقي عام 2018. ونال رئيس وزراء إثيوبيا الجديد على إثر ذلك جائزة نوبل للسلام، لكن التقارب لم يفض إلى سلام في القرن الإفريقي.
ففي أواخر 2020، بعدما أرسل أبي قوات إلى إقليم تيغراي للإطاحة بالحزب الحاكم للإقليم الواقع في شمال البلاد، عبرت القوات الإريترية الحدود لدعم الجيش الإثيوبي.
وما زال الجنود الإريتريون في إثيوبيا بعد سبعة شهور فيما يثير بقاؤهم وتورّطهم في فظائع ارتكبت في تيغراي تنديدا دوليا.
وأشار محللون إلى أنه لا يزال غير واضح إن كان من الممكن دفع الإريتريين للانسحاب، حتى وإن أراد الإثيوبيون ذلك، وفق ما نقلت وكالة "فرانس برس".
السودانأما بالنسبة للعلاقة مع السودان، فقد تأزمت خلال الأشهر الماضية وتصاعد التوتر بين القوتين المتنافستين في القرن الإفريقي، بعد أن انجرت الخرطوم إلى نزاع تيغراي. وتدفّق عشرات آلاف اللاجئين من تيغراي غربا باتّجاه السودان.
فيما رفض أبي عرضاً من رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، يتضمن قيام رئيس منظمة "الهيئة الحكومية للتنمية" (إيقاد) الإقليمية، بدور وساطة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في تيغراي، ما قوّض العلاقة بين الزعيمين.
وجاء الخلاف في وقت تعيد القوات الإثيوبية والسودانية عسكرة منطقة زراعية متنازع عليها عند الحدود، ما أثار مخاوف من اندلاع نزاع أوسع، فيما تتقارب مصر مع السودان في معارضتهما لمشروع سد النهضة.
وشدد أبي على أن أديس أبابا لا تريد حربا مع السودان، وهو احتمال لم يستبعده مراقبون.
سد النهضة (رويترز)
وفيما يتعلق بمصر، فقد شكل مشروع سد النهضة، الملف الأكثر إثارة للخلاف بين البلدين، إذ لا يوجد بلد أكثر معارضة من مصر لهذا السد المشيّد على أحد روافد النيل.
ففي حين تشدد إثيوبيا على أن مشروعها العملاق للطاقة الكهرومائية يعد حقا من حقوقها السيادية وسيوفر الطاقة لملايين المنازل، تصر القاهرة على أن تحويل المياه لملء السد سيؤدي إلى تقليص إمداداتها، ما يمثّل تهديدا وجوديا لها.
كذلك، أثار الخلاف نعرات قومية في المنطقة إذ تصاعد التوتر منذ أطلقت إثيوبيا المشروع.
وفشلت سنوات من المفاوضات المدعومة من الخارج بين إثيوبيا ومصر والسودان في تحقيق أي تقدّم.
كما أدّى التوتر في العلاقات، إلى إعلان مصر للطيران أمس، وقف العمل مؤقتا بتأشيرات الدخول عند الوصول والتأشيرات الإلكترونية لجميع الركاب المسافرين إلى مطار أديس أبابا بإثيوبيا، بناء على التعليمات الواردة من السلطات المختصة بدولة إثيوبيا، اعتباراً من منتصف ليل 18 يونيو (حزيران) الجاري.
عنصر من الأمن الصومالي في مقديشو - أرشيفية
أما العلاقة مع الصومال، فتعود النزاعات على الأراضي بين البلدين إلى أكثر من نصف قرن. وقد خاضا حربين من أجل أوغادين، وهي منطقة شاسعة وقاحلة في أقصى شرق إثيوبيا يتحدّث سكانها اللغة الصومالية. وغزتها الصومال في سبعينات القرن الماضي في مسعى لانتزاعها بالقوة.
لكن الصومال انشغلت في السنوات الأخيرة بأزماتها الداخلية العديدة: حرب أهلية وانهيار الدولة في تسعينات القرن الماضي ومجاعة وتمرّد مسلّح لحركة الشباب واضطرابات سياسية.
من جانبها، أرسلت إثيوبيا قوات إلى الصومال في 2011 لمواجهة حركة الشباب، وسط مخاوف من احتمال اتساع رقعة الفوضى.
وفي 2018، وقع أبي اتفاقاً ثلاثياً مع قادة أريتريا والصومال لتحسين التنسيق بشأن الأمن الإقليمي.
لكن على إثر نزاع تيغراي، سحبت إثيوبيا بعض وحداتها من الصومال لتقاتل في الداخل، ما يقوّض الأمن بشكل إضافي في البلد الأكثر هشاشة في القرن الإفريقي، بحسب محللين.
نازحون من إقليم تيغراي (رويترز)
في موازاة ذلك، شهدت علاقة إثيوبيا بجيرانها خارج القرن الإفريقي توترات عدة أيضا، إثر رفض أبي التفاوض على وقف لإطلاق النار في حرب تيغراي التي تخللتها عمليات تطهير عرقي محتملة ومجاعة محدقة على مكانته الدولية كصانع سلام.
واستهدفت الولايات المتحدة إثيوبيا بقيود على التأشيرات وخفض للمساعدات، بعدما لاقت أديس أبابا مؤخراً إشادات من قادة العالم لإصلاحاتها الديمقراطية.
كما زادت العقوبات والتنديدات الدولية من إصرار أديس أبابا حيث نظّمت الحكومة مسيرات حاشدة للتنديد بما تعتبره تدخلاً خارجياً في شؤونها.