صادق البرلمان الأوروبي قبل أيام على توصية بتصنيف منظمة تركية متطرفة كجماعة "إرهابية"، ما قد ينذر بمزيدٍ من التوتر بين الاتحاد الأوروبي وتركيا خاصة، بعد التوترات التي شهدتها العلاقة بين الجانبين على خلفية التنقيب التركي عن موارد نفطية شرق البحر الأبيض المتوسط في مناطق متنازع عليها بين أنقرة من جهة، وأثينا ونيقوسيا من جهةٍ أخرى.
وأقرّ البرلمان الأوروبي يوم الاثنين الماضي توصية بحظر أنشطة منظمة "الذئاب الرمادية" داخل الاتحاد الأوروبي، وذلك بناءً على تقرير قدّمه ناتشو سانشيز أمور، العضو في البرلمان الإسباني عن الحزب الاشتراكي أواخر شهر مايو الماضي، الذي اعتبر في تقريره أن جزءا من الجالية التركية يتصرّف سياسياً بأوامر تأتي مباشرة من أنقرة.
مادة اعلانية
فيما اعتبرت وزارة الخارجية التركية أن تقرير الإسباني الذي يحظى أيضاً بعضوية البرلمان الأوروبي "متحيّز وغير مقبول".
تعليقا على تلك المسألة قال رامي عزيز، المحلل السياسي والباحث في شؤون الجماعات المتطرّفة: "عندما نلقي نظرة على المشهد الأوروبي فيما يتعلق بمنظمة الذئاب الرمادية، نجد أن الدول الرئيسية في أوروبا أجمعت منذ فترة على خطورة هذا التنظيم، مثل فرنسا التي حظرت أنشطتها على أراضيها وكذلك ألمانيا وهولندا ودول أوروبية أخرى اتخذت إجراءات شبيهة بالتي أقدمت عليها باريس.
وبالتالي توصية برلمان الاتحاد الأوروبي هي تأكيد على هذه الخطورة وتعبير عن تخوف الاتحاد من الذئاب الرمادية نتيجة أنشطتها المتطرفة ".
لا تقل خطورة عن الإخوانوأضاف لـ "العربية.نت" أنه "من المعروف أن تلك المنظمة هي ذراع عسكري لحزب الحركة القومية اليميني في تركيا والمشارك في حكومتها، ويستهدف الأكراد والأرمن وأقليات أخرى. ولا تقل خطورة عن جماعة الإخوان المسلمين، فالتنظيمان يجتمعان معاً على فكرة إعادة السلطنة العثمانية، ولذلك تحرك البرلمان الأوروبي ضدها خاصة وأن سجل الذئاب الرمادية حافل بالاعتداء على الأقليات ونشر الكراهية ".
كما رأى أن "الذئاب الرمادية نجحت إلى حد ما في اختراق المؤسسة الأمنية في ألمانيا، ولهذا السبب ازدادت مخاوف الاتحاد الأوروبي بشأنها".
العلاقات بين بروكسل وأنقرةوعن التأثير المحتمل لتوصية الاتحاد الأوروبي على العلاقات بين بروكسل وأنقرة، قال عزيز إن "العلاقة بين الطرفين متوترة، بعد أن فرضت بروكسل قبل أشهر عقوبات على أنقرة بهدف إصلاح سلوكها".
كما أضاف أن" توصية البرلمان ستخلق مزيداً من التوتر خصوصاً أن أردوغان ينظر إلى الذئاب الرمادية على أنها ذراع قوي يمكنه من خلالها ممارسة الضغط على الأوروبيين، ولذلك لن تترك أنقرة هذا القرار يمر مرور الكرام".
يشار إلى أن منظمة "الذئاب المتطرّفة" كثّفت هجماتها في الأشهر الأخيرة في أوروبا، ففي أوائل إبريل الماضي، أصيب 4 أشخاص كلّهم أكراد بجروح بعد هجوم لعناصر المنظمة المتطرّفة على مركزٍ ثقافي كردي يقع في وسط مدينة ليون الفرنسية.
رجب طيب أردوغان (أرشيفية من رويترز)
وجاء ذلك الهجوم عقب أسابيع من حريقٍ متعمد اندلع في مبنى يقع فيه مركز ثقافي أرمني في مدينة مارسيليا، حيث اتهم مديرو المركز الجماعة التركية أيضا بالوقوف وراء الحادث.
وكان عناصر المنظمة قد استهدفوا في شهر أكتوبر الماضي (2020) ، الجالية الأرمنية في مدينة ليون أيضاً والتي حُطّم فيها النصب التذكاري للإبادة الأرمنية. وتلا ذلك بأيام هجوم آخر بالقرب من باريس.
ورغم أن السلطات الفرنسية حظرت أنشطة "الذئاب الرمادية" على أراضيها في نوفمبر الماضي، لكن مع ذلك تواصلت هجماتها خاصة مع وجود مؤسسات وجهات تركية أخرى ضمن فرنسا تؤمن بأفكار المنظمة المتشددة.
ووضعت باريس منذ ذلك الحين، العشرات من الجمعيات التركية ضمن أراضيها تحت المراقبة المشددة لمعرفة توجهاتها وإذا ما كانت متورطة في أعمالٍ "إرهابية"، لحظرها لاحقاً، وذلك لعدم وجود مؤسسة تركية مرخصة لديها باسم منظمة "الذئاب الرمادية" والتي تنتشر في عموم أوروبا كإيديولوجيا متطرّفة ضمن مؤسسات ثقافية وجمعيات خيرية وأيضاً دينية تُشرف عليها جهات تركية.