تواجه تركيا محاكمة شائكة وجديدة من نوعها بعدما رفعت حكومة أرمينيا دعوى قضائية بحقها لدى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي تتخذ من مدينة ستراسبورغ الفرنسية مقرّاً لها على خلفية دعم أنقرة للجيش الأذربيجاني في حربه الأخيرة ضد إقليم ناغورنو كاراباخ، الذي أعلن فيه مقاتلون أرمن في تسعينيات القرن الماضي جمهورية مستقلة بحكم الأمر الواقع أطلقوا عليها "آرتساخ"، وهو الاسم الأرميني للإقليم الجبلي الواقع جنوب القوقاز.
وأعلنت المحكمة الأوربية رسمياً هذا الأسبوع عن تلقيها شكوى من قبل يريفان لمقاضاة أنقرة التي دعمت باكو في حربها العام الماضي ضد المقاتلين الأرمن في "آرتساخ"، والتي امتدت من أواخر شهر سبتمبر ولغاية يوم التاسع من نوفمبر الماضي أيضاً.
وتتهم الحكومية الأرمينية نظيرتها التركية بتزويد باكو بأسلحة متطوّرة، إضافة لجلبها مرتزقة سوريين وخبراء من الجيش شاركوا في القتال إلى جانب الجيش الأذربيجاني ضد قوات الإقليم المتنازع عليه منذ عقود بين باكو ويريفان.
من إقليم ناغورنو كاراباخ المتنازع عليه بين أذربيجان وأرمينيا
وقال المحامي هاروت أكمانيان الحاصل على درجة الماجستير في القانون الدولي من جامعة "هارفارد" إن "حكومة جمهورية أرمينيا هي التي تقف خلف هذه الشكوى عبر ممثلها الخاص لدى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان".
وأضاف لـ"العربية.نت" أن "المحكمة أعلنت عن استلامها للشكوى، وهي قيد الدراسة الآن، وبالتالي سيكون هناك خطوات مقبلة كتحديد موعد بدء جلسات المحكمة، لكن القضية على الأغلب سوف تستغرق عدّة أشهر وربّما نحو عامين".
وتابع: "لا يمكن التنبؤ بالقرار الذي ستتخذه المحكمة لاحقاً، لكن عند عدم التزام تركيا به يمكن للمحكمة حينها بموجب ميثاقها اللجوء إلى لجنة وزراء مجلس أوروبا، وهي التي تستطيع تحديد طريقة التعامل مع أنقرة عبر فرض عقوبات أو سحب عضوية المجلس منها وأيضاً بالإمكان فسخ العقود المشتركة بينهما".
تعبيرية
وبدأت المحكمة الأوروبية هذا الأسبوع، دراسة الشكوى القضائية التي أقامتها يريفان ضد أنقرة لتورّط الأخيرة في حرب ناغورنو كاراباخ الأخيرة العام الماضي، وذلك بعد أسابيع من تأييد محكمةٍ أرمينية الحكم بالسجن المؤبد بحق اثنين من المرتزقة السوريين الذين حاربوا مع الجيش الأذربيجاني ضد الأرمن، لكنهم كانوا قد وقعوا في الأسر في تلك الأثناء لدى القوات المسلّحة للإقليم.
واستندت يريفان في الشكوى التي تقدّمت بها ضد أنقرة لدى المحكمة الأوروبية يوم 9 مايو الجاري، على المساعدات التركية التي قُدِمت للجيش الأذربيجاني خلال الحرب التي استمرت 44 يوماً في إقليم ناغورنو كاراباخ. وهي أول شكوى من نوعها تتقدم بها حكومة دولة معترف بها، بعدما واجهت تركيا في السنوات الماضية دعوات تقدّم بها أفراد ومؤسسات غير حكومية.
ورغم أن تركيا رفضت مراراً في السابق تنفيذ أحكام المحكمة الأوروبية، لكن أنقرة ملزمة بذلك لكونها عضوا في "لجنة مجلس وزراء أوروبا"، وقد قامت الشهر الماضي، بإطلاق سراح الصحافي الشهير أحمد آلتان بعدما أمضى سنواتٍ في السجن، وذلك عقب أيامٍ من مطالبة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بالإفراج عنه.
ولدى يريفان وباكو صراع طويل يمتد لعقود على إقليم ناغورنو كاراباخ، ويُضاف إليه النزاع الحدودي بين كلا البلدين.
وكانت الحكومة الأرمينية قد حذّرت مؤخراً من تجدد القتال مع أذربيجان بعدما دفعت الأخيرة بقواتها المسلّحة على حدودها، لكن باكو نفت ارتكاب قواتها أي انتهاكاتٍ كعبور الحدود نحو الأراضي الأرمينية.
وتعمل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ضمن مجلس أوروبا وهي مؤسسة مستقلة عن الاتحاد الأوروبي وتضم في عضويتها 47 دولة.