فيما يعاني اللبنانيون من أزمات اقتصادية ومعيشية خانقة، يهرب العديد من المواد المدعومة من الدولة التي بدأت احتياطاتها تتآكل، في ظل أزمة لم تشهد لها البلاد مثيلا منذ عقود، إلى سوريا.
هذا ما أقره واعترف به وزير لبناني، ما أشعل خلال الساعات الماضية موجة انتقادات على مواقع التواصل، وفي مجالس اللبنانيين، كما وجه البعض غضبهم ضد الجارة ونظامها، بالإضافة إلى حزب الله المتهم بتعميق أزمة التهريب، من قبل عدة سياسيين في البلاد.
فقد اعتبر وزير الطاقة اللبناني، ريمون غجر، أمس أن السبب الرئيسي خلف أزمة الوقود التي يشهدها لبنان هو التهريب إلى سوريا المجاورة، التي تعاني بدورها من شح في المحروقات.
وقال إثر اجتماع لبحث أزمة المحروقات مع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ومسؤولين آخرين "تبين لنا أن السبب الأساسي للشح الحاصل هو التهريب إلى خارج الأراضي اللبنانية بسبب الفرق في الأسعار بين لبنان وسوريا".
كما أضاف أن "الحاجة في السوق السوري للبنزين تدفع المهربين اللبنانيين إلى تهريب مادة البنزين إلى سوريا لتحقيق أرباح طائلة، علما أن هذه المادة مدعومة من الدولة اللبنانية للمواطنين اللبنانيين".
في دمشق.. إقبال على المهربأما في دمشق التي تعيش مناطق واسعة فيها على وقع "طوابير" الانتظار التي لا تنتهي" في محطات الوقود وغيرها، فقد أفادت وكالة فرانس برس أن المواطنين القادرين مادياً يلجأون إلى شراء البنزين المهرب من لبنان، المتواجد خصوصاً في المناطق الحدودية، بدلاً من الوقوف ساعات طويلة للحصول على كمية محدودة من البنزين في المحطات.
ويتراوح سعر صفيحة البنزين في لبنان اليوم بين 38,800 ليرة للبنزين 95 أوكتان و40 ألف للبنزين 98 أوكتان، أي أكثر من ثلاثة دولارات بحسب سعر الصرف في السوق السوداء.
من الحدود اللبنانية السورية (أرشيفية- فرانس برس)
فيما يترواح سعر صفيحة البنزين المهربة من لبنان بين 70 و80 ألف ليرة سورية، أي بين 23 و25 دولاراً، بحسب سعر الصرف في السوق السوداء.
انهيار اقتصادييأتي هذا فيما يعاني لبنان منذ صيف 2019 من انهيار اقتصادي فقدت خلاله الليرة اللبنانية أكثر من 85% من قيمتها.
وانعكس انهيار الليرة على أسعار السلع التي ارتفعت بنسبة 144%، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي. وبات أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر.
من دمشق (أزمة البنزين)
بدورها، تشهد سوريا، التي دخل النزاع فيها الشهر الماضي عامه الحادي عشر، أيضاً أزمة اقتصادية خانقة فاقمتها العقوبات الغربية، فضلاً عن الانهيار الاقتصادي المتسارع في لبنان حيث يودع سوريون كثر، بينهم رجال أعمال، أموالهم.
يذكر أن التهريب بين الدولتين اللتين تنتشر بينهما العديد من المعابر غير الشرعية، لا يعد أمراً جديدا، ولطالما وجهت أصابع الاتهام عبر مسؤولين ووسائل إعلام محلية إلى حزب الله بحماية المهربين، بل تورط بعض عناصره في تلك العمليات.
ومع كل أزمة محروقات، يكرر مسؤولون في لبنان أن التهريب إلى سوريا هو أحد الأسباب، دون أن يتم حل تلك المعضلة.