سوريا تقضم بحر لبنان.. ووزير الخارجية "مبالغات"

في وقت "يُقاتل" لبنان لضمان حقوقه وحدوده البحرية والبرية الجنوبية كاملة خلال المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل والمتوقّفة منذ أكثر من ثلاثة أشهر لأسباب خلافية حول نقاط حدودية، أتت البلبلة من سوريا التي يبدو أنها تقضم آلاف الكيلومترات من حدوده الشمالية.

فمنذ أيام وقّعت حكومة النظام السوري اتفاقية مع شركة "كابيتال الروسية" تمتد إلى أربع سنوات، لتقوم الأخيرة بموجبه بعملية المسح والتنقيب عن النفط في مناطق مثبتة لبنانياً حسب المستندات.

خرق للحدود الشمالية للبنان

ويتبين من خلال العقد المبرم بين دمشق والشركة في البلوك رقم واحد داخل الحدود السورية تداخله مع البلوك رقم 1 والبلوك رقم 2 من الجانب اللبناني، ما يعني خرقاً للحدود البحرية اللبنانية لأكثر من 1000 كيلومتر مربّع، منها 750 كيلومترا مربّعا فقط في البلوك رقم واحد.

إلا أنّ الدولة اللبنانية، ممثلةً بوزير الخارجية لا ترى في الخطوة السورية "خرقاً" للحدود البحرية، وأن هناك مبالغة حول القضية".

فقد أوضح وزير الخارجية اللبناني، شربل وهبه، لـ"العربية.نت" "أن هذه القضية عمرها أكثر من تسع سنوات، حيث رسّمت دمشق الحدود البحرية مع لبنان بطريقتها الخاصة كذلك فعل لبنان بانتظار المفاوضات الثنائية لحسم الخلاف حول النقاط البحرية المتنازع عليها، لكن القول إن هناك اعتداءً سورياً فهذا غير وارد على الإطلاق".

بحر لبنان (ارشيفية- أسوشييتد برس)

بحر لبنان (ارشيفية- أسوشييتد برس)

ضجّة مبالغ فيها

وفي حين لم يرَ وزير الخارجية (المحسوب على رئيس الجمهورية ميشال عون) في الخطوة السورية أي اعتداء على سيادة لبنان،
لفت إلى "أن الشركة الروسية التي تم تلزيمها بالبلوك رقم واحد لن تبدأ التنقيب من الجانب اللبناني وإنما ستنطلق من الحدود السورية، ما يعني أن الضجّة المُثارة حول القضية مبالغ فيها".

كما أوضح "أن الشركة الروسية ستبدأ التنقيب في الجزء السوري من البلوك رقم واحد وليس الجزء اللبناني، وهذا حق لسوريا، أما الجزء الآخر من البلوك الذي يقع ضمن منطقة متنازع عليها مع لبنان، فإن حسمه يحتاج الى تفاوض بين البلدين".

بحر لبنان (ارشيفية- أسوشييتد برس)

بحر لبنان (ارشيفية- أسوشييتد برس)

لبنان يُعدّ موقفاً رسمياً

وأكد الوزير اللبناني "أن لبنان في صدد إعداد موقف رسمي ردّاً على الخطوة السورية بانتظار موافقة رئيسي الجمهورية والحكومة عليه، وهذا الموقف لن يختلف عن المواقف الرسمية السابقة حول مسألة ترسيم الحدود البحرية بين البلدين والدعوة للتفاوض حول النقاط المتنازع عليها".

يذكر أنه في العام 2011، بدأ لبنان ترسيم حدوده البحرية مع الدول المتجاورة، ولم يصدر عن سوريا أي موقف إلا عام 2014، مع الاعتراض الذي رفعه سفير النظام لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري إلى الأمين العام للأمم المتحدة اعتبر فيه أن لا أثر قانونياً مُلزماً للخطوة اللبنانية تجاه الدول الأخرى وهو عبارة عن تشريع داخلي صدر وفق القوانين اللبنانية، وبالتالي تبقى مجرّد إخطار تعترض عليه دمشق.

وردّ لبنان على الموقف السوري بالتواصل مع حكومة النظام والطلب منها بدء المفاوضات لحسم الخلاف حول النقاط البحرية المتنازع عليها مع تسجيل اعتراضه على الترسيم السوري للحدود البحرية.

وفي العام 2013 أطلق لبنان جولة التراخيص الأولى وعرض البلوك رقم 1 للمزاد واستدراج العروض، وقالت دمشق حينها إن "الترسيم الذي حصل لا يعنيها لا من قريب ولا من بعيد".

بحر لبنان (ارشيفية- أسوشييتد برس)

بحر لبنان (ارشيفية- أسوشييتد برس)

تداخل في حدود البلوكات

في المقابل، وعلى خط أهل الاختصاص، أوضحت مديرة معهد "حوكمة الموارد الطبيعية" في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لوري هياتيان، لـ "العربية.نت" أنّ "هناك تداخلاً في الحدود البحرية بين لبنان وسوريا يظهر بشكل واضح في خريطة الترسيم للبلوكات".

وقالت "هذا التداخل يمتد حتى مساحة 750 كلم مربعاً، وبالتالي لا يحق لدمشق البدء بعملية التنقيب قبل حسم الخلاف الحدودي، وعلى الحكومة اللبنانية أن تحفظ حقوقها البحرية المُعترف بها لدى الأمم المتحدة من خلال إطلاق التفاوض ".

إلى ذلك، اقترحت هياتيان التي تتابع الموضوع منذ العام 2011 "أن تتدخل روسيا كوسيط في حلّ هذا لنزاع البحري كما تفعل الولايات المتحدة الأميركية في المفاوضات بين لبنان وإسرائيل".

(ارشيفية- أسوشييتد برس)

(ارشيفية- أسوشييتد برس)

سوريا تستخدم منطق القوّة

من جهته، اعتبر الخبير في النزاع البحري الحدودي، الرئيس السابق للجنة الخط الـزرق العميد المتقاعد أنطون مراد لـ"العربية.نت" "أن الخطوة السورية تُعدّ خرقاً واضحاً للحدود اللبنانية، لأن لا يحق لها اتّخاذ قرار أحادي بالتنقيب قبل حسم مسألة النزاع الحدودي البحري مع لبنان".

وقال "سوريا تستخدم منطق القوّة في هذه القضية، وعلى لبنان الرسمي أن يتحرّك للردّ عليها، علماً أن هناك تخاذلاً لبنانياً في هذه المسألة يعود إلى العام 2003، حيث اعتبرت دمشق خلال ردّها على الترسيم في العام 2011 أن حقوقها السيادية محددة بالقانون رقم (28) تاريخ 19/11/2003 المودع لدى الأمم المتحدة".

إلى ذلك، أضاف الخبير اللبناني "لو أن حزب الله الذي يُقاتل في سوريا لصالح النظام، يستخدم علاقته هذه معه لتحسين موقف لبنان في هذه المسألة وحفظ حقوقه البحرية".

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى