أكدت المحكمة الدستورية العليا في تركيا أن عدم التزام المحاكم المحلية بأحكامها يعد انتهاكاً خطيراً للدستور، وكررت دعوتها لإعادة محاكمة نائب سابق معارض، وإعادة مقعده في البرلمان.
وقالت المحكمة الدستورية العليا، وهي السلطة القضائية الأعلى في البلاد، في بيان الأربعاء، إن حق "أنيس بربر أوغلو" في الانتخاب، وحقه في الأمن الشخصي والحرية قد انتهك بقرار من محكمة المحلية، وشددت على ضرورة إعادة محاكمته وإنهاء إدانته، مطالبة المحكمة الجنائية العليا 14 في إسطنبول بتنفيذ أحكامها.
وأوضحت المحكمة الدستورية العليا أن "المادة 2 من الدستور التي تدعم سيادة القانون ليست مجرد كلام"، وأضافت "ليس وارداً مناقشة سيادة القانون في بلد لا تلتزم فيه المحاكم والأفراد والهيئات الحكومية، بالقانون".
وأوضحت أن المادة 153 في الدستور تنص على التطبيق الكامل لقرارات المحكمة الدستورية، وعدم الالتزام بحكم المحكمة العليا يعد انتهاكاً جسيماً للدستور.
كما دعت المحكمة الدستورية العليا البرلمان إلى اتخاذ إجراءات تتماشى مع أحكام المحكمة، وإعادة مقعد "بربر أوغلو" في البرلمان، وشددت على أن "حماية النظام الدستوري ليست من واجبات المحكمة الدستورية فقط" ، مشيرة إلى مسؤوليات البرلمان والمجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين في تركيا.
قصة "بربر أوغلو"
فقد "بربر أوغلو" المنضوي لحزب الشعب الجمهوري المعارض، مقعده في البرلمان التركي الذي فاز به بانتخابات يونيو 2018، بعد إدانته بتهم تتعلق بالإرهاب.
وحُكم على "بربر أوغلو" بالسجن لمدة خمس سنوات و 10 أشهر لكشفه قضية نقل أجهزة الاستخبارات التركية شاحنات أسلحة إلى سوريا، حيث اتُهم "بربر أوغلو" بتسريب لقطات من الشاحنات للصحفي المعارض "جان دوندار"، وأودع السجن في عام 2017.
وبعد إعادة انتخابه كنائب في البرلمان بانتخابات 24 يونيو 2018، لم يُطلق سراحه من السجن حتى 20 سبتمبر 2018، إلا عندما أرجأت محكمة النقض تنفيذ الحكم بسبب إعادة انتخابه نائباً.
لكن البرلمان جرد "بربر أوغلو"، ونائبين آخرين من حزب الشعوب الديمقراطي، من مقاعدهم البرلمانية في 4 يونيو 2020، تمهيداً لاستئناف عقوبته، فأعادت الشرطة القبض عليه مرة أخرى ليقضي ما تبقى من عقوبته، وفي نفس اليوم، وبسبب الإجراءات الاحترازية لمكافحة وباء كورونا، أمرت السلطات التركية بوضع "بربر أوغلو" في الإقامة الجبرية بدلاً من السجن.
وفي 9 أكتوبر الماضي قررت المحكمة الدستورية العليا أن حقوق "بربر أوغلو" انتهكت لأن الإجراءات القانونية ضده كان يجب تعليقها بسبب إعادة انتخابه كنائب في البرلمان في 24 يونيو 2018.
بدوره تقدم "بربر أوغلو" في 26 أكتوبر الفائت بطلب إلى المحكمة الدستورية بعد رفض محكمتين محليتين تنفيذ حكم المحكمة العليا في قضيته، حيث رفضت كل من المحكمة الجنائية العليا 15 في اسطنبول، والمحكمة الجنائية العليا 14 في إسطنبول، استئناف "بربر أوغلو"، وتجاهلتا حكم المحكمة الدستورية بانتهاك حقوق النائب السابق.
وقضت المحكمة الدستورية العليا في 21 يناير الماضي بانتهاك حق "بربر أوغلو" في المشاركة بالحياة السياسية والحرية الشخصية والأمن، في ثاني حكم لها بهذه القضية، وتم إرسال الحكم، الذي تم تبنيه بإجماع أعضاء المحكمة، إلى المحكمة الجنائية العليا 14 بإسطنبول لإعادة المحاكمة، وإزالة انتهاكات الحقوق، وشددت المحكمة الدستورية العليا على أن أحكامها ملزمة عند إحالتها إلى المحكمة الابتدائية.
من جانبه قال وزير العدل التركي "عبد الحميد غُل" يوم 22 يناير إن أحكام المحكمة العليا "ملزمة"، لكن رغم تصريح "غُل" لم تـُنفذ المحاكم المحلية قرار المحكمة العليا.
رئيس البرلمان ينتقد المحكمة العليافي غضون ذلك، انتقد رئيس البرلمان التركي مصطفى شنطوب قرار المحكمة الدستورية العليا، معتبراً قرارها "بيان سياسي".
وقال شنطوب إن الامتثال لقرارات المحكمة الدستورية العليا واجب، وعلى المحاكم المحلية الامتثال، لكنها المرة الأولى التي تصدر فيها المحكمة الدستورية العليا مثل هذا البيان، وأضاف "ليس من واجبات ومسؤوليات المحكمة الدستورية إصدار هذا البيان، إن إعطاء التعليمات للبرلمان هو انتهاك واضح لسلطته".
وشدد على أن البرلمان سيرسل بياناً مكتوباً إلى المحكمة الدستورية العليا حول مضمون استدلال المحكمة لقرارها.