دخل الهجوم التركي على الأراضي السورية برفقة مسلحين سوريين موالين لأنقرة، الأحد يومه الخامس وسط مخاوف السكان في مختلف مناطق شرق نهر الفرات من "جرائم" يقدم عليها المقاتلون السوريون وداعموهم من الجيش التركي خاصة بعد إعدام 12 مدنياً ميدانياً يوم السبت.
ويستمر نزوح السكان من مختلف المدن والقرى الحدودية مع تركيا مثل كوباني وتل أبيض (كري سبي) ورأس العين (سري كانييه) باتجاه المناطق السورية الأخرى جنوباً والتي تبعد عن الحدود التركية مسافة تقدر بنحو أكثر من 40 كيلومتراً.
وفيما يتوجّه أغلب سكان مدينة رأس العين وريفها إلى الحسكة والقامشلي، يتوجه سكان مدينتي كوباني وتل أبيض وريفهما إلى ريفي كوباني الجنوبي والرقة الشمالي، إذ استقر عشرات الآلاف منهم في حافلاتهم بالقرب من الطريق الدولي الّذي يربط محافظة حلب غرباً بالحسكة شرقاً.
كما أن أعداداً كبيرة منهم تفترش العراء في تلك المناطق ومناطق أخرى بالقرب من بلدة عين عيسى.
عين العرب فارغة
وقال الصحافي باران مسكو من مدينة كوباني/عين العرب إن "المدينة شبه فارغة من سكانها، لم يبق أحد هنا سوى الرجال. العائلات معظمها خرجت باتجاه الريف الجنوبي للمدينة".
وأضاف في اتصالٍ هاتفي مع "العربية.نت" أن "هؤلاء الناس يفترشون العراء في الوقت الحالي وبعضهم تحت الأشجار"، لافتاً إلى أن "غالبيتهم تجمّعوا بالقرب من مفرق بلدة صرين جنوب كوباني/عين العرب بعد اضطرارهم على مغادرة المدينة جراء القصف التركي".
كما كشف أن "المنطقة تشهد شحاً في المواد الغذائية والطبية".
خوف من فرار الدواعش
وأوضح أن معظم هؤلاء النازحين اضطروا إلى مغادرة بيوتهم على عجل، لذا لم يتمكنوا من تجهيز ما يقيهم الجوع قبل وصولهم إلى الأماكن التي وصلوا إليها.
كما أكد أنهم يتخوفون من القصف التركي وفرار "الدواعش" من سجونهم.
إلى ذلك، قال صحافي كردي آخر إن "أهلي في المنطقة ونخشى عليهم من مجازر الدواعش بعد فرارهم. وكذلك من جرائم الجيش التركي والفصائل المدعومة منه".
وأضاف الصحافي همبرفان كوسه لـ"العربية.نت" أن "مشاهد عمليات الإعدام الميداني يوم أمس كانت قاسية ومؤلمة ومرعبة".
كما أشار إلى أن "معظم السكان بكردهم وعربهم وسريانهم يتخوفون من تكرارها مجدداً".
خطف سيارتي إسعاف
وصباح الأحد، اٌختطفت سيارتا إسعاف أثناء توجههما إلى تل أبيض لإنقاذ الجرحى.
وقالت مصادر ميدانية لـ"العربية.نت": لم نعرف شيئاً عن مصير الطقم الطبي المؤلف من أربعة أشخاص نتيجة القصف التركي على منطقة قريبة من مخيمٍ تقطنه أسر تنظيم داعش في بلدة عين عيسى".
وتمكن نحو 780 من أسر مقاتلي التنظيم الإرهابي من الهروب من المخيم بحسب مراسل "العربية". وقال ناشطون أكراد في المنطقة إن "هذه العائلات تمكنت من الفرار والهروب تحت غطاءٍ من الطيران الجوي التركي".
وحذّرت "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" من جنيف السويسرية اليوم من تدفق موجات نزوحٍ جديدة". وقالت اللجنة إنه "خلال اليومين الماضيين نزح عشرات الآلاف من المدنيين". وتابعت أن "القتال قد يجبر حوالي 300 ألف مدني في الحسكة والرقة على النزوح".
كما كشفت أن "هذه المدن تكاد تنفد من المياه وأحد المشافي الرئيسية معطلة".
من جهته، قال الحقوقي السوري بسام الأحمد، المدير التنفيذي لمنظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" إنه "من الصعب معرفة الأرقام الدقيقة للنازحين، لكن هناك ما يقارب 170 ألفاً أوضاعهم سيئة في المدارس ومنازل أقربائهم".
وأضاف الأحمد لـ "العربية.نت" أنه "أساساً بيوت المنطقة شبه منكوبة والمساعدات قليلة، قد تتمكن الأمم المتحدة والصليب الأحمر بتقديم بعضها".
تحذير من كوارث إنسانية
كما حذّر الحقوقي السوري من حصول "كوارث إنسانية" في لو فُتحت "جبهة قتالٍ ثانية" بين الجيش التركي والفصائل المدعومة منه من جهة، وبين قوات سوريا الديمقراطية" من جهة أخرى.
وشدد على أن "هناك تخوفا من عمليات انتقامية وانتهاكات جسيمة"، لافتاً إلى أن "الخوف لدى السكان المحليين متزايد خاصة بعد مشاهدتهم لعمليات الإعدام الميداني وتصريحات مرتكبيها. كما أنهم يتخوفون أيضاً من تكرار ما حصل في عفرين معهم".
وتابع "بالفعل يبدو أن المسألة ستكون اجتياحا تركيا كاملا. ربما هناك مخطط كبير في الشرق الأوسط وقد يتحول لحرب بين الأكراد والعرب في هذه المنطقة، لكن المطلوب منا إيجاد تهدئة وحلول سياسية".