خبير مصري يكشف تحفظات القاهرة على "ملء" سد النهضة

أكد الدكتور خالد محمود أبو زيد، المدير الإقليمي لبرنامج إدارة الموارد المائية، عضو اللجنة التنفيذية بمجلس المحافظين لـ"العربية.نت" ضرورة طرح بدائل مختلفة للملء و التشغيل لسد النهضة، لمناقشتها مع مصر و السودان، ودراسة هذه البدائل قبل طرحها. كما يجب الاتفاق أيضاً مع مصر والسودان على تعريف الملء الأول لسد النهضة.

وحسب إعلان المبادئ الذي تم توقيعه بين القيادات السياسية للدول الثلاث عام 2015، وهو يعتبر الاتفاق الحاكم بينهم، لابد من الاتفاق على قواعد الملء الأول والتشغيل السنوي للسد قبل البدء في عملية الملء.

في حالة أنه تم البدء في عملية الملء قبل الاتفاق مع الدول الثلاث على قواعد الملء، فذلك يعتبر خرقا لما تم الاتفاق عليه في إعلان المبادئ. وأحد أهم بنود هذا الإعلان هو الاتفاق على قواعد الملء الأول والتشغيل السنوي للسد، وبناء على نتائج الدراسات التي كان سيقوم بها المكتب الاستشاري المُستقل الذي تم تعيينه بواسطة الدول الثلاث.

التقرير الاستهلالي

وللأسف الدراسات لم تُكتمل حتي الآن و تعثرت بسبب عدم الاتفاق على "التقرير الاستهلالي" للدراسات و هو التقرير الأول الذي يتم فيه شرح منهاجية الدراسة و النواحي العلمية المتعلقة بهذه الدراسة.

وذلك بسبب تَعنت الجانب الإثيوبي على بعض المفاهيم منها "السيناريو المرجعي" والسيناريو المرجعي هو السيناريو الأساسي الذي يتم الرجوع إليه لمعرفة الآثار المُترتبة على بناء السد ولمعرفة شكل تصرفات النيل الأزرق قبل بناء السد، ليمكننا من رصد التغييرات التي قد تحدث لتصرفات النيل الأزرق ومعرفة الآثار المترتبة من بناء السد.

وأوضح الدكتور خالد أبو زيد أن القواعد العلمية المُتعارف عليها دولياً بإجراء دراسات التقييم لآثار السدود والتأثير البيئي والاجتماعي قبل الإنشاء وسيناريوهات الوضع بعد الإنشاء، لتُعبر عن الآثار المترتبة على هذا المنشأ، والذي يتسبب في تغيرات للظروف الطبيعية لنهر النيل. وبالتالي فالسيناريو المرجعي لابد أن يكون هو الوضع قبل إنشاء السد، ولكن الجانب الإثيوبي يقول إن السيناريو المرجعي لابد أن يدخل في وجود السد. وأعتقد أنها من أهم النقاط التي تم الاعتراض عليها من الجانب الاستشاري والذي تعثرت من بعده الدراسات وتوقفت.

ومن جانبه أضاف الدكتور خالد أبو زيد أن من الأمور الهامة التي يجب على الدول الثلاث الاتفاق عليها هي تعريف الملء الأول، فتمثل السعة الكلية للسد 74 مليار متر مكعب. لذلك لابد من تعريف الملء الأول واتفاق الدول الثلاث على حجم الملء الأول. و في نظري أن يكون الملء الأول على أدنى منسوب تخزين مطلوب لتوليد الطاقة أو ما يُسمي "بالتخزين الميت" وهو التخزين الذي يكون موجودا طوال الوقت بدون أن يتسبب في هبوط منسوب المياه تحت التوربينات وتكون دائماً المياه على منسوب أعلى من التوربينات وهي المياه التي تكون موجودة داخل الخزان طوال الوقت ومن وجهة نظري أن الملء الأول يكون عند منسوب التوربينات.

حجم الملء الأول

وأوضح الدكتور خالد أبو زيد أن إيراد نهر النيل مُتغير، والفيضان الخاص بالنيل الأزرق 85% منه تقريباً يكون خلال 4 أشهر خلال فترة تساقط الأمطار في إثيوبيا التي تبدأ في شهر يوليو إلي شهر أكتوبر. وهي الأربعة أشهر التي بها أقصى تصرفات للنيل، فهي تزيد في شهر يوليو وخلال شهر أغسطس وتقل تدريجياً خلال شهر سبتمبر وأكتوبر. وبذلك تكون هذه الفترة من السنة هي التي تتحكم في حالة إيراد النيل في العام.

الدكتور خالد أبو زيد

الاتفاق على حجم الملء الأول يجب الاتفاق عليه قبل الاتفاق على عدد السنوات التي سيتم الملء فيها. وأن يتم الفصل بين حجم الملء الأول والمنسوب الذي سيتم التشغيل عليه. لأن طريقة التشغيل هي التي ستكون أكثر تأثيراً ولها التأثير الأكبر على تصرفات دول المصب. ففي حالة أن متوسط التشغيل عند مناسيب عالية سيكون هناك فواقد من خلال عملية البخر وفواقد في عملية التسرب داخل الطربة من قاع السد. ولذلك طريقة التشغيل أحد الأمور الهامة التي يجب الاتفاق عليها. والتأثير التراكمي لهذه الفواقد هو الذي له الأثر الأكبر على تصرفات دول المصب مصر والسودان.

اتفاقية 1959

وأي نقص سيتم من تصرفات النيل الأزرق نتيجة استخدامات دولة أخرى أو مُنشآت دولة أخرى لابد أن يُقسم بالتساوي بين الدولتين مصر والسودان حسب اتفاقية 1959. ولابد من الجانب السوداني أن يعلم أن الآثار المترتبة على التشغيل تمس مصر والسودان بالتساوي بل تُؤثر على السودان بشكل أكبر حيث تعتبر حصة مصر أكبر من حصة السودان التي تتمثل في 18.5 مليار متر مكعب وحصة مصر 55.5 مليار متر مكعب في العام. ففي حالة تقسيم الضرر بالنصف بين الدولتين بالتساوي سيكون التأثير على السودان بشكل أكبر.

وأوضح أنه في حالة التشغيل على مناسيب عالية طوال الوقت سيكون هناك فواقد أكثر وبخر أكبر. وهذه الفواقد ستنتقص مما كان سيتم تخزينه في بحيرة ناصر. وهذه البحيرة بالنسبة لمصر هي التي تتم الاستفادة منها خلال سنوات الجفاف وسنوات التصرفات المنخفضة للنيل الأزرق. وبالتالي التأثير التراكمي لهذه الفواقد من البخر والتسرب. مع مرور الوقت سيؤثر هذا النقص على الكهرباء المُولدة من السد العالي. فكلما انخفضت مناسيب السد العالي، سيؤثر على الكهرباء المولدة من السد العالي.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى