أفادت وسائل إعلام إيرانية بوفاة سحر خداياري، البالغة من العمر 29 عاماً مشجعة فريق "استقلال" لكرة القدم بالعاصمة طهران، التي أضرمت النار في نفسها، وذلك بعد الحكم عليها بالسجن لمحاولتها حضور مباراة فريقها المفضل، جدلا داخل إيران وردود فعل رسمية وشعبية.
وردا على الانتقادات الواسعة ضد الحكومة لاستمرار حظر دخول النساء إلى الملاعب، قالت معصومة ابتكار، نائبة الرئيس الإيراني لشؤون المرأة والأسرة في تغريدة عبر حسابها على موقع "تويتر" إنها تابعت خلال الأسبوع الماضي قضية سحر بنفسها وحتى طرحته خلال اجتماع الحكومة يوم الأربعاء الماضي.
لكن النائبة بارفانه سلحشوري، انتقدت بشدة استمرار الحظر وقالت إن "قضية سحر لم تكن تشجيع الفريق الأزرق فقط، بل هي قضية كل إيران حيث ما زال الرجال يتحكمون بمصائر النساء ويحرمونهن من أبسط حقوقهن".
تعاطف نجومي
وكان العديد من نجوم كرة القدم الإيرانيين قد عبروا عن تعاطفهم مع سحر، التي تمت تسميتها في مواقع التواصل الاجتماعي بـ "الفتاة الزرقاء" بسبب لون فريق كرة القدم المفضل لديها.
وكتب مسعود شجاعي قائد فريق كرة القدم الإيراني الوطني على إنستغرام قائلاً: "عندما نشعر بالصدمة بسبب القيود القديمة المفروضة على النساء، ستندهش الأجيال القادمة عندما تعرف بأن النساء مُنعن من دخول الساحات الرياضية في عصرنا".
وأضاف شجاعي أن "منبع مثل هذه القيود هو الفكر الفاسد والمثير للاشمئزاز ويعود للماضي، وسيكون غير مفهوم للجيل القادم".
وكان نادي "استقلال" لكرة القدم في طهران قد أرسل رسالة إلى عائلة سحر يوم السبت الماضي، قائلا إن وفاة الفتاة الزرقاء "تسبب في الكثير من الحزن والأسف لنادي استقلال وخاصة في أوساط أنصار الفريق".
في حين نشر جواد نكونام، مدير نادي" فولاذ" في الأهواز، صورة على صفحته الاجتماعية تظهر مشجعاً لكرة القدم يضرم النار بنفسه على منصة في الملعب.
دفنها سراً
مع ذلك، وفقاً لبعض المصادر، تم دفن جثمان سحر سراً، في مقبرة في قم، وتحت تدابير أمنية دون وجود أي من أقاربها، وذلك خوفاً من اندلاع احتجاجات، بحسب الناشطين الإيرانيين.
ولم تعلق السلطة القضائية وغيرها من السلطات حتى الآن على وفاة الفتاة الزرقاء بعد احتجاجها من خلال إضرام النار بنفسها.
وكانت شقيقة سحر قد قالت لوكالة "إرنا" الحكومية الايرانية الأسبوع الماضي أن الضحية عانت أيضًا من اضطراب ثنائي القطب.
وكانت المشجعة قد اعتقلت أثناء محاولتها دخول استاد آزادي وحُكم عليها بالسجن لمدة ستة أشهر، أمام محكمة الثورة في طهران.
وقال مصدر مطلع إن الفتاة نُقلت إلى سجن قرشك في ورامين بعد احتجازها أثناء محاولتها دخول استاد آزادي، وتم اعتقالها لبعض الوقت بعد إحالة قضيتها إلى محكمة الثورة في طهران.
"قضية أمنية"
وبعد أشهر، في الثالث من سبتمبر الحالي، راجعت هذه المشجعة محكمة الثورة لاسترجاع هاتفها المحمول ومتعلقاتها الشخصية التي استولى عليها رجال الأمن في استاد آزادي. لكن في المحكمة تم إبلاغها بالحكم عليها بالسجن لمدة 6 أشهر.
ووفقاً لشهود عيان، خرجت هذه المشجعة من المحكمة وهي تصرخ وتحتج، وقد أضرمت النار في نفسها.
ورفض رجال الأمن الأسبوع الماضي السماح للصحافيين بزيارة سحر خداياري في المستشفى، وقالوا لهم إن "هذه قضية أمنية".
من جهته، قال والد سحر خداياري، قبل يومين، لصحيفة "شهروند" إن ابنته "کانت تحب كرة القدم وفريق الاستقلال وتم اعتقالها في أول محاولة لها للذهاب إلى استاد آزادي".
كما ذكرت شقيقة سحر خداياري، أن أختها كانت ترتدي باروكة زرقاء ومعطفًا طويلا في أول محاولة لدخول استاد آزادي لمشاهدة مباراة الاستقلال والعين، في 12 مارس (آذار) الماضي، ولکن عندما حاول الضباط تفتيشها قالت إنها فتاة، وتم القبض عليها.
وكانت شقيقة المشجعة قد قالت، في وقت سابق، لصحيفة "شهروند" إن حالة سحر ليست جيدة ولديها حروق بنسبة 90 في المئة. ولقد تضررت رئتاها أيضا من الداخل.
الدولة الوحيدة
إيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي تحظر النساء من الملاعب الرياضية. يحظى القانون غير المكتوب بدعم من المحافظين المتدينين والمتشددين السياسيين في إيران منذ عام 1980، أي بعد عام من سقوط الشاه.
في السنوات الأخيرة، طالب بعض الإصلاحيين في إيران بتغيير السياسة، لكن المحافظين الذين يهيمنون على أجهزة الأمن والقضاء قاوموا الطرح بشدة.
يُعد حظر النساء من مشاهدة مباريات كرة القدم المباشرة مخالفًا للوائح التي وضعها الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA ، والتي تحظر أي نوع من التمييز.
وأعطى الفيفا إيران مهلة حتى شهر أكتوبر لتمهيد الطريق أمام النساء للدخول بحرية في الساحات الرياضية ومشاهدة مباريات كرة القدم المباشرة للرجال، وخلاف ذلك، يمكن أن تواجه إيران الإبعاد من جميع أحداث كرة القدم الدولية.