وفي نهاية الاجتماع، قال الرئيس السنيورة: "بداية، أود أن أعبر عن تمنياتي القلبية للرئيس المكلف بالتوفيق في مسعاه لتأليف حكومة مستقلة من اختصاصيين وأصحاب كفاءات لكي تشكل فريق عمل متجانسا وهادفا للتصدي للمشكلات الهائلة التي يعاني منها لبنان، وذلك بشكل كفوء وفعال. ولذلك، فإني أقدر له شجاعته وإقدامه في تولي هذه المهمة البالغة الصعوبة، وفي ظل هذه الأوضاع الصعبة والمعقدة على المستويات المختلفة".
أضاف: "إن الشعب اللبناني ينتظر من الحكومة العتيدة الكثير، إذ ان أمامها مهمات كبيرة، أولها أن تضع نفسها على المسارات الصحيحة لاستعادة الثقة التي انهارت بين المواطنين والدولة، وبينهم وبين السياسيين المسؤولين عن هذا العهد. وهذا الانهيار كان نتيجة استمرار عدد من الممارسات السابقة اللامسؤولة، والتي أدت إلى استمرار الاستعصاء والامتناع المزمن عن القيام بالإصلاح المنشود".
وتابع: "إن هدف العمل السياسي والوطني في هذه المرحلة يجب أن يتركز على التصدي لمهمة إنقاذ لبنان مما يعانيه على مختلف المستويات: الاقتصادية والمالية والقطاعية والنقدية والإدارية. ولكن يبقى في مقدمها العمل على استعادة التوازن السياسي الداخلي الذي حصل فيه اختلال كبير بما يستدعي الحرص على استعادة الاعتبار لاتفاق الطائف والدستور وللدولة اللبنانية ودورها وسلطتها. وكذلك في استعادة التوازن السياسي الخارجي في سياسة لبنان الخارجية بالحرص على استعادة الاعتبار والاحترام للشرعيتين العربية والدولية من أجل فك العزلة عن لبنان. إذ لا انقاذ للبنان من دون ولوج باب الإصلاح الحقيقي والشامل، فالإصلاح بهذا المعنى ليس قصيدة عصماء تلقى من على المنابر من أجل خدمة الأجندات الشعبوية، بل هو فعل إيمان والتزام وممارسة ومثابرة على حمل لواء وتنفيذ الإصلاح الحقيقي والشامل في كل شأن من الشؤون العامة".
وقال الرئيس السنيورة: "إن من جملة الأمور الأساسية التي ينبغي على هذه الحكومة القيام بها فور تأليفها، هي في التأكيد على أن يجري التحقيق بجريمة التفجير المروعة التي حصلت في مرفأ بيروت من أجل كشف جميع الحقائق وليس طمسها، ولا يكون ذلك إلا من خلال تحقيق دولي كفوء ومتجرد. من جهة ثانية، في أن تبادر الحكومة وبمعونة الأشقاء والأصدقاء، الى تقديم وتنظيم خطة وبرنامج لتقديم المساعدة العاجلة والفعالة للمواطنين المنكوبين الذين أصيبوا جراء هذه الكارثة التي حلت بهم".
أضاف: "أعتقد أن من أهم ما يمكن أن تقوم به هذه الحكومة العتيدة يكون وإلى جانب التركيز على إيجاد الحلول الصحيحة، بالمبادرة إلى المصارحة الكاملة مع الرأي العام بهدف جمع اللبنانيين واستنهاض هممهم من أجل تبني واعتماد الإصلاحات المنشودة. وكذلك في حماية الحريات الاعلامية وحرية التعبير التي هي من المهمات الكبيرة المطروحة أمام هذه الحكومة لأنه لا يجوز أن تستمر بعض الممارسات التي حصلت في المدة الأخيرة، والتي ولدت انطباعا أن الحريات أصبحت مستهدفة في لبنان، وهو بالتالي ما شكل مصدر حيرة وتخوف ونقمة لدى الرأي العام اللبناني".
وختم: "أود أيضا أن أشدد في هذه المناسبة، على أنه من الواجب على هذه الحكومة التمسك بفضيلة احترام القضاء وتحصينه أمام التدخلات السياسية. ومن ذلك أيضا، المبادرة السريعة إلى احترام ارادة مجلس القضاء الاعلى الذي يضم أعلى الكفايات القضائية في لبنان. ذلك مما يشكل رسالة قوية وسريعة ترسلها هذه الحكومة للبدء في التقدم على مسار طويل لاستعادة ثقة اللبنانيين بدولتهم وحكومتهم. صحيح ان المهمة صعبة ومعقدة لكننا نعول على عزيمة الرئيس المكلف، وعلى إرادته وتصميمه وعلى علمه وخصاله الحميدة المعروفة، وهي صفات أساسية من أجل تحقيق النجاح في هذه المهمة العسيرة".