لم تهدأ الهزات الارتدادية لزلزال بيروت، وبدرجات تزداد قوتها يوما بعد يوم وساعة بعد ساعة.
الأحداث تتسارع، إذ لم تكد بيروت تبدأ لملمة جراحها، حتى اجتاحتها مواجهات بين متظاهرين أكملوا تكسير ما بقي "صاغ" منها، ووضعوا أنفسهم بمواجهة القوى الأمنية والعسكرية المنهكة أصلا في تواتر الأحداث، علما أن جميع الأجهزة الأمنية حاليا تعمل بأمرة قيادة الجيش في ظل حالة الطوارىء العسكرية التي وضعت بيروت تحتها.
المواجهات أسفرت عن استشهاد عنصر من مكافحة الشغب من قوى الأمن الداخلي في فندق LE GRAY، وإصابة عدد كبير بجروح وإحراق مبان واقتحام وزارات منها الخارجية والاقتصاد والطاقة ومكاتب لمؤسسات رسمية وجمعية المصارف.
وإلى القنابل المسيلة للدموع التي استخدمتها القوى الأمنية لتفريق المتظاهرين، ألقى رئيس الحكومة قنبلة سياسية من العيار الثقيل بإعلانه من السراي أنه مستمر بالحكم لمدة شهرين على أن يتفق الأفرقاء السياسيون خلال هذه المدة على حل للأزمة، وأنه سيتقدم الإثنين في جلسة مجلس الوزراء بمشروع قانون لانتخابات نيابية مبكرة.
ولليوم الرابع بعد انفجار الرابع من آب، استمرت عمليات الإغاثة، حيث تم إنتشال جثة أخرى لواحدة من الضحايا من تحت الركام. وثمة أكثر من ستين مفقودا ما يزال البحث عنهم جاريا، وسط سباق مع الوقت على أمل العثور على ناجين.
في الوقت نفسه، مساحة الاحتضان الخارجي تتسع، اذ حط في بيروت اليوم وفدان، الأول من جامعة الدول العربية برئاسة أمينها العام، والثاني من تركيا برئاسة نائب الرئيس، ولحق بهما في وقت لاحق رئيس المجلس الأوروبي.
هذا الحراك التضامني، يأتي عشية مؤتمر المانحين لدعم لبنان الذي يعقد عبر الفيديو غدا، بمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. المؤتمر سيشارك فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بحسب ما أعلن بنفسه خلال اتصال مع رئيس الجمهورية ميشال عون.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "المنار"
يبدو أن ما نجا من بيروت من تدمير الفساد والإهمال، سيتكفل بتدميره مفتعلو الشغب ومستغلو وجع الناس، والمدينة الحزينة التي أبكت الوطن والعالم على مصابها، بكت اليوم على ما تشهده شوارعها. فأي المشاهد تشفي ألم بيروت: مشهد التضامن الشعبي للملمة الجراح، أم فتح جروح جديدة والرقص عليها بكثير من الابتذال؟.
وهل المطالبة بالبحث عن المفقودين تكون بضرب الحجارة على الجيش وجنوده الذين يجهدون في عمليات الانقاذ؟، وهل بعمليات التكسير والتهديم التي تشهدها شوارع بيروت- المهدمة أصلا بفعل الانفجار- سيعاد المشردون إلى بيوتهم، أم أن مشاريع البعض لا زالت استغلال كل وجع وألم لدى الناس لمزيد من تشريد الوطن؟.
إن أحوج ما يحتاجه الوطن اليوم إلى عقلاء، وهي صفة مطلوبة من الجميع، إلا أولئك الذين تعاهدوا مع الشيطان على المضي بمشاريعهم السياسية والإعلامية إلى حدود الخراب.
الدولة المنهكة من بعض هؤلاء المحاضرين بالعفة اليوم- ممن شاركوا بسرقتها ونهبها وإفسادها- هذه الدولة تسعى بما تبقى من قواها للملمة ما أمكنها من جراح الوطن الكثيرة، وتعمل على تحقيق وضع إلى الآن ثلاثة مدراء عامين وسبعة عشر موقوفا خلف القضبان، ولا خيار لديها سوى الاستمرار لكشف كامل الملابسات، وجميع المتورطين، عسى أن يكون بذلك بعض إنقاذ للنظام بل للكيان.
وبعنوان المساعدة والإنقاذ يتوالى وصول الوفود الرسمية والعربية والدولية، من الأمين العام للجامعة العربية إلى رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي فنائب الرئيس التركي، يضاف إليها اتصال الرئيس الأميركي بالرئيس ميشال عون.
وفيما أعلن الفرنسييون عن مؤتمر المانحين لدعم لبنان بعد ظهر الغد، تواصلت المساعدات الدولية من الدول الصديقة والشقيقة، أبرزها فتح خط لامدادات النفط العراقي إلى لبنان وصلت أولى طلائعه اليوم.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أو تي في"
في وقت تتواصل أعمال الإنقاذ في نقطة انفجار المرفأ ومحيطها، وعلى وقع تصعيد سياسي مستمر، واستقالات نيابية، ومواجهات بين محتجين والقوى الأمنية في العاصمة، وفي انتظار جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا الاثنين، حيث ستستعرض نتائج التحقيقات حتى ذلك الحين بعد التوقيفات الأخيرة، يبدو لافتا الاحتضان الدولي للبنان بعد كارثة الرابع من آب، حيث يعقد في تمام الثالثة من بعد ظهر الغد لقاء دولي بتقنية الفيديو كونفيرينس، تحت عنوان "مؤتمر الدعم الدولي لبيروت وللشعب اللبناني"، يشارك فيه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بدعوة مشتركة من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، على أن يلبي الدعوة إلى المؤتمر عدد من رؤساء الدول، من بينهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي اتصل بالرئيس عون، ورئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون والمستشارة الألمانية انجيلا ميركل، إضافة إلى عدد من الرؤساء العرب والأوروبيين ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.
وسيلقي الرئيس الفرنسي كلمة في افتتاح المؤتمر، بعدما سبق له أن أعلن عن نيته عقد هذا المؤتمر من بيروت اثناء زيارته الأخيرة للبنان، كما ستكون كلمة للأمين العام للأمم المتحدة تليها كلمة رئيس الجمهورية.
ومن المتوقع، وفق معلومات الـ OTV، أن يتوجه الرئيس عون في كلمته بنداء إلى دول العالم لمساعدة لبنان وشعبه للتغلب في أسرع وقت على المأساة التي وقعت في بيروت، وأدت الى استشهاد ما يزيد عن المئة وستين شخصا وجرح الآلاف، وفقدان عدد من الأشخاص لا يزال مصيرهم مجهولا حتى الساعة، إلى تدمير قسم كبير من شوارع العاصمة بيروت وأجزاء من البنى التحتية الأساسية فيها. وسيستعرض الرئيس عون، وفق المعلومات، مختلف وجوه الأزمة التي يعاني منها لبنان جراء هذا الانفجار، وما سبقها من أزمات متتالية مالية واقتصادية وسياسية، إلى تداعيات أزمة النزوح السوري الكثيف إلى لبنان والذي فاقم من الأزمات مجتمعة.
وأشارت الدعوة المشتركة الموجهة من ماكرون وغوتيريس للمشاركة في المؤتمر، إلى أن المجتمع الدولي الذي أظهر أوجه تضامن مختلفة من المساعدة العاجلة للبنان، إثر هذا الانفجار، مدعو الآن إلى اظهار المزيد من التضامن والعمل المشترك بصورة منسقة دوليا، لإظهار مدى الالتزام الدولي تجاه بيروت والشعب اللبناني.
وأوضحت الدعوة وجود أربع أولويات أساسية لهذا الالتزام وهي: دعم القطاع الصحي، ودعم القطاع التربوي، وإعادة اعمار الأبنية المهدمة، وتقديم المعونة الغذائية. وشددت الدعوة على مدى الأهمية المعلقة على وجوب أن تأتي أوجه الدعم المختلفة وافية لحاجات الشعب اللبناني، ومنسقة بشكل جيد تحت إشراف الأمم المتحدة.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أم تي في"
أيها اللبنانيون: مبروك لكم أربع مرات: مبروك أولا لأن ثورة الكرامة والرغيف ولدت من جديد، وعاد النبض والحشد إلى ساحة الحرية. ومبروك ثانيا لأن أربعة نواب من نواب الأمة استقالوا اليوم وعادوا إلى صفوف الشعب، فصاروا خمسة وبدأوا كتابة لائحة الشرف التي تنتظر أسماء جديدة في الأيام القليلة المقبلة. ومبروك ثالثا لأن الثوار أعادوا وزارة الخارجية إلى الشعب فتحولت المقر الرئيسي للثورة. أما المبروك الرابعة فلأن المشانق علقت في ساحة الشهداء، بل عادت إلى ساحة الشهداء.
ففي العامين 1915 و1916 علق جمال باشا السفاح المشانق، وأعدم نخبة من ثوار لبنان كانوا يطالبون بالحرية والاستقلال. في العام 2020 انقلبت الآية. لبنان بشبابه وشيوخه، برجاله ونسائه وأطفاله، نزل إلى ساحة الشهداء ليعلق المشانق للمسؤولين ولرموز الفساد، بدءا من أعلى الهرم و"كلن يعني كلن".
طبعا الثوار تعرضوا للعنف من حرس مجلس النواب والقوى الأمنية، وأطلق عليهم الرصاص الحي إضافة إلى القنابل المسيلة للدموع حتى لا يقتحموا البرلمان الفاشل. كما أن المواجهة بين القوى الأمنية والثوار أدت إلى استشهاد عنصر من عناصر قوة مكافحة الشغب. فهل يتحمل حسان دياب ومن وراءه الدم الذي سقط في ساحة الشهداء؟، وألا يعلم أن مخططه لوضع القوى الأمنية في مواجهة شعبها سيطلق دورة عنف لا تنتهي؟.
رغم ذلك، الثورة اليوم أعادت إثبات قوتها وديناميتها، لكن المهم ألا تنتهي قبل رحيل منظومة السلطة الفاسدة. فإذا كانت مشانق القرن العشرين شقت الطريق إلى الحرية، فإن مشانق القرن الحادي والعشرين يجب أن تشق الطريق إلى التحرر من منظومة فاسدة ومفسدة، ومن حكام باعوا ضميرهم على مذبح تكالبهم على المال، وباعوا شعبهم على مذبح شهوتهم إلى السلطة.
في التحقيقات، التوقيفات حتى الآن اقتصرت على الموظفين، وعلى رأسهم المدير العام للمرفأ والمدير العام للجمارك. والواضح من خلال ما يحصل أن الهدف احتواء النقمة والغضب، وعدم الوصول إلى الرؤوس الكبيرة من رؤساء ووزراء. فلقد ثبت من خلال ما بثته ال "ام تي في" أن رئيس الحكومة ووزيرة العدل ووزير الأشغال كانوا على علم بما يحتويه العنبر 12 من خلال تقارير ومراسلات وبلاغات أرسلت لهم، لكنها أهملت أو لم تتابع كما يجب.
والاهمال لا يقتصر على مسؤولي اليوم فحسب بل المسؤولين السابقين أيضا، من العام 2014 إلى اليوم. وهو ما يبرر "استقتال" المسؤولين لعدم تشكيل لجنة دولية للتحقيق. فالتحقيق في لبنان يبقى تحت السيطرة، ولا يجروء أحد على محاسبة رئيس أو وزير. في حين أن التحقيق الدولي لن يتوقف عند مسؤول مهما كبر، ولا عند وزير أو رئيس مهما تجبر، وسيضع الجميع تحت مجهر المساءلة.
واللافت أن كبار المسؤولين الذين طالبوا وسعوا إلى إجراء تحقيق دولي للتدقيق في حسابات مصرف لبنان، هم أنفسهم يعارضون اليوم التحقيق الدولي في نكبة بيروت. فهل أصبحت موجودات المصرف المركزي أهم من أرواح اللبنانيين عند رموز الطبقة الحاكمة؟، وهل المال في لبنان صار أغلى من الانسان؟.
الثوار على حق: الآن الآن وليس غدا، فلتعلق المشانق.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أل بي سي آي"
المؤتمر دولي، التحقيق محلي، السلطة تائهة وتكتفي بتعداد الضحايا والجرحى والمفقودين، والشعب في فورة غضب.
حلل وناقش هذه المعضلة.
قلب الدول على لبنان، وقلب السلطة على حجر.
غدا الأحد مؤتمر دولي افتراضي تحت عنوان "المؤتمر الدولي لتقديم المساعدة والدعم لبيروت والشعب اللبناني". الدعوة جرى توجيهها من الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غونيريش والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون. وكتب الرئيس الأميركي دونالد ترمب في تغريدة أن "المؤتمر سيجمع الرئيس ماكرون بالمسؤولين اللبنانيين ومسؤولين من أماكن أخرى في العالم".
المؤتمر سينعقد عند الثانية بتوقيت باريس، الثالثة بعد الظهر بتوقيت بيروت، ويشمل تغطية أربع أولويات رئيسة: دعم النظام الصحي وكذلك النظام التعليمي، وإعادة تأهيل المباني المتضررة من الانفجار، والمساعدات الغذائية. اللافت في مرجعية المساعدات أنها ستكون منسقة بشكل جيد تحت قيادة الأمم المتحدة، أي أنها لن تصل إلى بيروت وتصبح في الأسواق، كما هي العادة في مساعدات سابقة، أو تسلم إلى جهات رسمية فتصل إلى جيوب رسميين قبل أن تصل إلى حيث يجب أن تصل.
وكما المساعدات العاجلة بعد مؤتمر غد، كذلك المساعدات اللاحقة: لا قرش سيعطى للسلطة السياسية بعد اليوم: الدول المانحة لم تعد تثق بهذه السلطة، ولهذا فإنها تفتش عن آلية لتقديم هذه المساعدات سواء أكانت منحا أم قروضا. أليس بعد 4 آب ليس كما قبله؟.
الإنفصام السياسي يبلغ مداه، حيت تلهث السلطة وراء الدعم الدولي فيما تتمسك بالتحقيق الداخلي، هذا التحقيق الذي مازال غارقا في تبادل الأوراق وتقاذف الصلاحيات، وعلى سبيل المثال لا الحصر: وزارة العدل تؤكد أن ليس من صلاحياتها التدخل في القرارات التي تتخذ من القضاء المختص الواضع يده على الملف، وبكل تأكيد ليس من صلاحياتها التدخل في إجراءات تنفيذ قرار قضائي واضح وصريح أحيل إلى إدارة المرفأ للتنفيذ. المجلس الأعلى للدفاع رد بأنه لم يتلق من المديرية العامة لأمن الدولة أي تقرير يتعلق بشحنة نيترات الأمونيوم، واعتبر أن هذه المعلومات المدسوسة عارية من الصحة.
هذا الضياع والتيه لدى السلطة، يأتي في وقت يتكشف أكثر فأكثر هول المأساة، فالحصيلة حتى الآن بلغت 158 شهيدا وأكثر من 6000 جريح، والعدد المتبقي للمفقودين يبلغ 21 مفقودا.
التطورات المتسارعة بلغت مجلس النواب، حيث تقدم اليوم نواب "الكتائب" الثلاثة باستقالاتهم، ليرتفع العدد إلى أربعة نواب مع النائب مروان حمادة، فيما يرتقب أن تعلن النائب بولا يعقوبيان استقالتها بعد غد الإثنين.
أما التطور الأبرز والنوعي عصر اليوم، ففي تظاهرة "يوم الحساب" في وسط بيروت. لكن فيما الأنظار على وسط بيروت، جاءت المفاجأة من وزارة الخارجية حيث دخل ثوار على رأسهم عدد من الضباط المتقاعدين، وأعلنوا السيطرة على مبنى الوزارة لتكون مقرا للثورة. كذلك تمت السيطرة على مبنى وزارة الإقتصاد.
هذا التطور الميداني هو الأول منذ اندلاع الثورة في 17 تشرين الأول الفائت. واللافت أن العميد المتقاعد جورج نادر الذي كان على رأس المجموعة، أعلن أن الثوار سيسيطرون تباعا على المقرات الرسمية.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "الجديد"
اليوم قامت بيروت من تحت الردم، وبعثت ثورة الثامن من آب من رحم السابع عشر من تشرين. في "يوم الحساب" تعمد الثوار بدماء من قضوا في كارثة المرفأ. رصوا صفوفهم، وبالآلاف ملأوا قلب بيروت وأعادوا النبض إلى الشارع. أقاموا المحاكم الشعبية فعلقوا المشانق للزعماء في ساحة الشهداء، ونفذوا إعدامات صورية لزعماء عمروا سني حكمهم التي تربو على ثلاثين عاما، على سجلات حافلة بالفساد وعلى سير شخصية من ورثة وأزلام ومحسوبين ومخلصي معاملات سياسية ومندوبين في صناديق الجيب والأخذ والصرف، حتى وصل بهم الأمر إلى المتاجرة بالأرواح، فكانت كارثة مرفأ بيروت بتوقيع من "كلن يعني كلن".
ومن "أسفل" الهرم إلى أخمصه، في يوم الحشد الشعبي الساطع، حشدت السلطة أجهزة رصد للمتظاهرين لم نر مثلها في مرفأ بيروت لانتزاع فتيل أطنان النيترات المتفجرة قبل وقوع الكارثة، ولم نعاين على مدى الأيام الماضية استعدادات وتأهبا في عمليات البحث لانتشال من قضى تحت الردم أو لإنقاذ من بقي حيا يرزق، كما شاهدنا اليوم، لكن أمر اليوم صدر فاستقدمت السلطة التعزيزات الأمنية لمواجهة ناسها وسبقت المتظاهرين بساعات إلى ساحات التظاهر، وما إن لاحت طلائع غضب المحتجين حتى انهالت عليهم بالقنابل المسيلة للدموع.
لكن من ذاق رعب كارثة المرفأ وموادها السامة، ومن عايش الانفجار النووي، لم تعد تخيفه القنابل الدخانية ولا غازها المسيل للدموع، فبقيت الحشود في مطارحها، وانقسمت الجموع إلى خلايا ثورية، بعضها استقر في ساحة الشهداء، وآخرون جهدوا للوصول إلى محيط مجلس النواب، فيما اقتحم آخرون مقر وزارة الخارجية في الأشرفية، وضعوا "قبضة الثورة"، وفي البيان رقم واحد أعلنوا وزارة الخارجية مقرا رسميا للثورة. وبالتزامن كانت مجموعة أخرى قد اقتحمت مبنى وزارة الاقتصاد.
السلطة السياسية المتهالكة، تحصنت بالقوى الأمنية وبالجيش الوطني، ووضعت أبناء المؤسسة العسكرية في مواجهة الشعب، والطرفان لم تبرد دماؤهما بعد على إسفلت مرفأ بيروت.