لكن الواقع اللبناني لم يتماشَ مع توصيات الحكومة، ويكفي النظر إلى المسار التصاعدي للأرقام في الأسبوع الأخير حتى نعرف الكارثة الصحية التي نحن مقبلون عليها في حال لم تتخذ الدولة إجراءات صارمة بحق كل من يخالف التعليمات. الناس عادت إلى حياتها وكأن شيئاً لم يكن، لا كمامات ولا من يحزنون، الأعراس كما المآتم، الكل مدعو دون أدنى تدابير وقائية، قليلون الذين ما زالوا يلتزمون بالتباعد الاجتماعي وارتداء الكمامة عند الخروج، في حين أن الأكثرية تعيش حالة نكران لوجود الكورونا.
ما عاشته إيطاليا وإسبانيا قد يتكرر في لبنان في حال لم تُسارع السلطات المعنية إلى اتخاذ إجراءات قاسية لمنع تفشي الوباء وعجز المستشفيات عن استقبال كل الحالات التي تستدعي وجودها في العناية الفائقة. لسنا في صدد التهويل بل التحذير من كارثة صحية ليس بمقدورنا مواجهتها بسبب الأوضاع الاقتصادية والمالية والاستشفائية المتردية.
منذ أسبوع ونحن نراقب المؤشر المقلق لارتفاع عدد الإصابات مقارنة بالأسابيع الماضية، وبالعودة إلى الأرقام اليومية التي سجلتها الأيام السبعة الأخيرة، فقد سجل لبنان 618 إصابة جديدة و4 وفيات في أسبوع واحد فقط. وجاءت الإصابات اليومية على الشكل الآتي وفق تقرير وزارة الصحة:
* السبت 11 تموز: 86 إصابة (67 محلية و19 حالة وافدة)
* الأحد 12 تموز: 166 إصابة (158 محلية و8 وافدة)
* الإثنين 13 تموز: 85 إصابة (77 محلية و8 وافدة)
* الثلثاء 14 تموز: 32 إصابة (26 محلية و6 وافدة)
* الأربعاء 15 تموز: 91 إصابة (68 محلية و23 وافدة)
* الخميس 16 تموز: 57 إصابة (39 محلية و18 وافدة)
* الجمعة 17 تموز: 101 إصابة (80 محلية و21 وافدة)
وفق وزير الصحة حمد حسن "أن الأسبوع المقبل سيكون حاسماً وسيتم وضع جميع المصابين بالفيروس في مواقع خاصة بالحجر والعزل في مناطق سكنهم وليس منازلهم"، مشيراً إلى أنه "بالأمس تمّ تسجيل 17 إصابة مجهولة المصدر ويتم تتبعها". فهل دخلنا مرحلة تفشي الوباء محلياً؟ وما هي قدرتنا الاستشفائية على مواجهة هذا الفيروس؟
يُبدي رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي قلقه من الأرقام المتزايدة بكورونا خصوصاً بعد تسجيل إصابات مجهولة المصدر، التي تدق حقيقة ناقوس الخطر. والمشكلة الأكبر تكمن في عدم إلتزام الناس بالإجراءات، بالإضافة إلى كثافة المناسبات الاجتماعية كالأعراس والمآتم والسهرات والتي تضرب بعرض الحائط كل الدعوات إلى احترام التباعد الاجتماعي والوقاية. صحيح أننا نشعر مع المواطن ونعرف أن الظروف الاقتصادية سيئة، والحاجة ضرورية وماسة للعودة إلى أعمالهم ولكن للأسف الناس غير ملتزمة بتاتاً، وهناك تجمعات كبيرة تشهدها بعض المناطق دون أدنى معايير وقائية".
وأشار إلى أن دولاً كثيرة أعادت فتح البلد ضمن تدابير قاسية، وحتى إن يعضها يُعاود الإغلاق (إسبانيا وألمانيا وفرنسا) والتشدد نتيجة ارتفاع في عدد الإصابات. كما كشف الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال اجتماع اللجنة الوطنية لمكافحة فيروس كورونا، أنه تلقى تقريراً من وزارة الصحة يتضمن تقديرات بإصابة 25 مليون إيراني بفيروس كورونا. وأضاف أن 30 إلى 35 مليون مواطن إيراني آخر معرضون للإصابة بالفيروس وفقاً للتقرير.
لكن ما يزيد الأمور تعقيداً في لبنان، وضع المستشفيات ولاسيما في ظل الأوضاع المالية والاقتصادية، وبعد اجتماع مع نقابات المهن الطبية منذ 10 أيام حيث أعربوا عن مخاوفهم والكشف عن أمور مقلقة حقيقة عن وضع المستشفيات (المستلزمات الطبية والأدوية وأزمة المازوت غيرها)".
إذاً، وفق عراجي "هناك عدّة عوامل في لبنان تجعلنا نقلق مما ستؤول إليه الأمور، وعلينا الموازنة بين الاقتصاد والصحة والالتزام بالإرشادات الوقائية الرئيسية التي تساوي مبدأ الاغلاق من ناحية الحماية والوقاية. ونتيجة المخالفات التي سُجلت في صفوف الوافدين والمقيمين، سنعود إلى فرض الكمامة إلزامياً وإلا سيُعاقب كل من يخالف هذه التدابير بغرامات مالية.