الانتخابات الرئاسية الأميركية تقترب، وإلى حين موعد الثالث من تشرين الثاني المقبل، فإن أحداثاً كثيرة في المنطقة قد تحصل وقد تشكل وقودا للحملات الانتخابية بين الديمقراطيين والجمهوريين لا سيما في ما يتصل بإيران وسوريا ولا أحد يستطيع التنبؤ بنتائجها، علما أن هذه الانتخابات تبعا لدراسات أميركية على وجه التحديد هي الأكثر غموضاً وحرارة.
الرسائل الاميركية تتوالى الى ايران وحلفائها من كل حدب وصوب، فالاعمال الارهابية في الجمهورية الاسلامية تحمل بصمات اسرائيل التي ادعت وسائل اعلامها إن التفجير في مفاعل نطنز النووي الإيراني جزء من مساعي إحباط البرنامج النووي الإيراني وينضم إلى انفجار في قاعدة بارتشن شرق طهران والانفجار في عيادة بطهران. فماذا عن لبنان؟ وهل سيكون جزءا من التصعيد وتسخين الجبهات في الاقليم؟
التحذيرات كثيرة من خطر اندلاع حرب وشيكة بين إسرائيل وحزب الله قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية، بيد أن المعطيات حيال هذه الحرب متضاربة وهناك وجهتي نظر حيال هذا الامر.
- وجهة نظر ترى أن اسرائيل لن تقدم على خطوة كهذه، لأن معوقات كثيرة سياسية وعسكرية داخلية تقف عثرة أمامها، وتتصل ببنية الحكومة او ما يعرف بحكومة الرأسين زعيم حزب الليكود بنيامين نتناياهو وزعيم حزب ازرق ابيض بيني غانتس، خاصة وأن الأخير نجح بالتعاون مع وزير الدفاع في قطع الطريق على رئيس الحكومة الاسرائيلية لتحقيق أهم قرار استراتيجي لإسرائيل بضم الضفة الغربية للكيان
اما وجهة النظر الثانية فتقول إن احتمال الحرب على لبنان كان صفرا قبل شهرين، لكن سرعان ما تبددت الأجواء الاسرائيلية ليصبح هذا الاحتمال في الايام الماضية 30 في المئة،.
ومع ذلك فإن ظروف الحرب بالنسبة لاسرائيل قائمة على ركائز اساس تتصل بالردع والانذار بالحرب السريعة والحاسمة على ارض الخصم والنصر الواضح انطلاقا من عقيدة ديفيد بن غوريون، علما ان حرب تموز شكلت وفق بعض الخبراء الغربيين، هزيمة غير واضحة لاسرائيل، وللبعض الاخر نصرا غير واضح.
وأمام ما تقدم، ثمة من يراهن على الصواريخ الدقيقة التي يمتلكها حزب الله والتي قد تكون أخطر عنصر استجد على ميدان الصراع مع اسرائيل ما بعد تموز 2006 وهنا تكمن الاحجية الكبرى لكيان العدو ومصدر القلق، فإذا كان فعلا يعتمد سياسة "العد للمليون قبل الاقدام على اي الحرب ضد حزب الله" فإن اصواتا اسرائيلية تظن أن كل يوم تأخير سيعقد الامور اكثر ويجعل خيار الحرب اكثر صعوبة.
وليس بعيدا فإن لا قدرة للجبهة الداخلية الاسرائيلية على تحمل ضرب الشمال والوسط في اشارة الى الشريط الساحلي الضيق الذي يختصر كل المواقع الحيوية من المفاعل النووي وحاوية الامونياك والكتلة السكنية وحقول النفط) التي لا تحتاج الى صواريخ دقيقة انما قد تستهدف بالياخونت التي تقول التقارير الاسرائيلية ان حزب الله يمتلكها.
اما على خط حزب الله ، فهو وفق مصادر مقربة منه لـ"لبنان24"، لا يزال منذ لحظة نهاية 15 اب 2006 يراكم معادلة الردع التي انتجتها حرب تموز بوجه اسرائيل، وحينما تقرر اسرائيل الخروج عن التسليم بالردع الى الحرب مرة اخرى، فإنه سوف يتعامل مع الواقع المستجد على أنه الفرصة التاريخية التي وفرها له العدو بالتالي لن يفوتها.
للحرب بعد تموز2006، مفهوم وتقييم مختلفان عند الطرفين (اسرائيل وحزب الله) بمعنى ان الوقائع الحاكمة التي انتجتها حرب تموز للحرب المقبلة تجعل اسرائيل وحزب الله يحسبان جيدا ظروفها ومعاييرها ونتائجها بالنسبة لكليهما، لا سيما ان لا حرب على لبنان لوحده هذه المرة ولا استفراد بلبنان بمعزل عن الجبهات الاخرى، التي ستنقسم بين اميركا اسرائيل وحلفائهما من جهة، ومحور ايران حزب الله سوريا وحلفائهم من جهة اخرى.
واذا كانت الحرب مع اسرائيل حاضرة دائما في فكر حزب الله والا يسقط امامها، فهو وفق المصادر نفسها، أذكى من أن يسقط بلعبة الذرائع، فهو يملك خططا هجومية ويفرض على العدو ان يبادر، ويملك في قلب الخطط الدفاعية مبادرات هجومية، وربما ينجح في تحويل التهديد الى فرصة وفرض معادلات جديدة فلبنان بحاجة الى فرصة ليخرج كطائر الفينيق من تحت الرماد، خاصة وان قدراته في المواجهة ابعد مما تحتمله القدرات الاسرائيلية.
يتحدث البعض عن رهانات اسرائيلية على عراقيل داخلية تمنع المقاومة من اي مواجهة عسكرية، بيد ان الحزب الذي لا يملك اوراق الداخل كلها في يده، ومتعب من اداء حلفائه الاقربين أكثر من خصومه، فإن اوراق الحرب مع اسرائيل في يده لانه المعني بالتصدي لها تقول المصادر نفسها، علما ان اوساطا سياسية ترى ان الحزب قد يقطع الطريق على اي استفزاز اسرائيلي لأنه يدرك ان الاوضاع الاقتصادية على وجه الخصوص لا تسمح له بالمبادرة الى اي حرب، فظروف الـ2006 على المستويين النقدي والمعيشي مختلفة تماما عن ظروف العام 2020، وصحيح انه تكيف مع الازمة الراهنة، بيد انه قد لا يجد كل حلفائه في صفه في ظل الواقع المأسوي، وعلى سبيل المثال، تقول الاوساط نفسها: إذا كان حزب الله مستعد للجوع لحماية سلاحه، فإن حليفه البرتقالي لماذا سيختار الجوع ومن أجل من ومقابل ماذا؟