أكثر من 48 ساعة مرت على المواقف النارية المثيرة للجدل، التي اطلقها المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في مناسبة عيد الفطر. فترة زمنية طويلة نوعا ما، قياسًا بحجم الكلام الذي قيل، خلت من اي تعليق او تعقيب، سلبا ام ايجابا، من قبل المرجعيات السياسية الشيعية، على ما فجّره قبلان.
الصمت عادة دليل رضى، وفق ما تقول مصادر سياسية لـ”المركزية”. فهل هذا يعني ان الثنائي الشيعي، أمل – حزب الله، موافق على اعتبار قبلان، ان الصيغة اللبنانية انتهت؟ وهل كُلّف الرجل من قبل الفريقين الممسكين بالبيئة الشيعية، بمهمة توجيه هذه الرسالة الى الشركاء في الوطن، بأن وقت دفن “الطائف” أتى، وحانت ساعة قيام نظام سياسي جديد؟
اليوم، نقل زوار الرئيس نبيه بري عنه انزعاجه مما قاله قبلان. الا ان هذا الموقف، بالطبع، لا يكفي، والمطلوب من عين التينة توضيح بالمباشر، صريح وقوي، تحسم فيه تبنّيَها او غسلَ يديها، مما قاله المفتي. والامر نفسه، بطبيعة الحال، ينسحب على الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي يتحدث مساء اليوم اذاعيا في ذكرى المقاومة والتحرير.
أما تمييع ما قيل، وعدم التعاطي معه بالحسم والحزم المطلوبين، من قبل المرجعيتين الشيعيتين، فسيعني انهما تريدان فعلا اسقاط الطائف. والحال ان موقف قبلان يأتي في سياق مواقف كثيرة سُجّلت في السنوات والاشهر الماضية، تتحدث بالغمز واللمز عن “مؤتمر تأسيسي” تارة وعن الذهاب نحو “المثالثة” طورا، ما يجعل القلق من كون كلام قبلان، نُطق باسم “الحزب” ايضا، في مكانه.
وفي انتظار الموقف المُفترض من بري ونصرالله في هذا الشأن، تدعو المصادر الى التخيل للحظة ما كان سيحدث على الساحة الداخلية، لو ان ما قاله قبلان، قاله البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي او مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان. فنعي الصيغة اللبنانية ليس نزهة تماما كما الدعوة الى الذهاب نحو اسقاط الاعتبارات الطائفية فيما فئة من اللبنانيين مدججة بالسلاح ولها دويلتها الخاصة “الدينية الطابَع” التي يُحظّر على الدولة الدخول اليها. وبما ان الشيء بالشيء يُذكر، فإن المصادر ترى ان ما من ضير في ان يصدر توضيح عن قبلان نفسه. فربما الرجل خانته التعابير او أدرج في خطابه كلمات لم يقس جيدا وقعها او معناها، قبل استخدامها كالقول ان “الصيغة اللبنانية” انتهت!
وعلى قاعدة “رب ضارة نافعة”، تتابع المصادر، ما قيل يجب ان يشكل فرصة لحسم هذا النقاش، الذي يخرج بين الفينة والاخرى الى العلن، “خجولا”، وبالمواربة والرسائل المشفرة، لحسمه، مرة لكل المرات، وليضع الجميع اوراقه مكشوفة فوق الطاولة. فاذا كان الثنائي يريد استبدال الطائف، ليقل ذلك صراحة، وليبحث “بلا وجل” او تردد في الصيغة البديلة التي يريد مع شركائه في الوطن، على أمل الا تعطيه تفوّقا سياسيا على حسابهم. كما يجب ان يكون ما قيل، مثابة جرس انذار يصحّي المكونات اللبنانية الاخرى، لتكون جاهزة وتعدّ مشروعها البديل، في حال فُتح هذا النقاش…