لا فائدة من الخطط ولا نتيجة إلا بفتح السّجون للمتلاعبين بالأسعار

لا فائدة من الخطط ولا نتيجة إلا بفتح السّجون للمتلاعبين بالأسعار
لا فائدة من الخطط ولا نتيجة إلا بفتح السّجون للمتلاعبين بالأسعار

كتب أنطون الفتى في “أخبار اليوم”:

هل يتحوّل ملف ضبط الأسعار الى قضية “بريق الزيت”، تماماً كما هي عليه حالة مكافحة الفساد، واستعادة الأموال المنهوبة؟

فمنذ ما قبل أزمة انتشار فيروس “كورونا”، لا نسمع سوى بتسطير محاضر ضبط، ووضع خطط لمراقبة البضائع وضبط الأسعار، بمعيّة جولات “يتيمة” تتمّ على بعض المحال والمتاجر، لا تنجح سوى في “تجميع” أوراق، ومحاضر ضبط، لا تنفع لشيء، حتى ولو تمّت إحالتها كلّها الى القضاء.

ومن التشاكي على أمر واقع أن لا أعداد كافية من المراقبين الميدانيّين، الى التباكي على أن القضاء لا يسرّع في بتّ أمر ما يُحال إليه، وصلنا اليوم الى حدّ الحديث عن تعزيز عمل المراقبين بمندوبين من البلديات، بينما تلك الخطوة لن تكون فعّالة بدورها، لأنها غير صحيحة أصلاً.

الدور المناسب

فنحن لا نتّهم أحداً، ولكن لا يُمكن الإتّكال على مندوبين من البلديات، أي من أهل المنطقة نفسها التي تتمّ مراقبة أسعار محالها ومتاجرها، والذين يُمكن أن توجد علاقة قُربى أو صداقة بينهم وبين صاحب هذا المتجر أو ذاك. وهم بالتالي لن يقوموا بدورهم المناسب في هذا الإطار، لتلك الإعتبارات.

فضلاً عن أننا في أزمة معيشية كبيرة، ولا بدّ من الإنتباه الى مسألة إعطاء مزيد من المناعة اللّازمة لعمل المراقبين الميدانيّين عموماً، ولعمل مندوبي البلديات خصوصاً، والتأكُّد من عدم تقاضيهم رشاوى تمنع توثيق المحاضر والملفات الصحيحة. وهو ما يجعلنا أمام اضطّرار للإنتقال من مراقبة السوق، الى مراقبة عمل مراقبي السّوق!

السّجن!

وأكثر. إذا لم يتمّ سجن ولو مُحتَكِر واحد، أو فاسد واحد يُساهم في التلاعُب بأسعار المواد الغذائية والسّلع عموماً، فإن لا حلول لهذا الملف على الإطلاق.

وبناءً على ما تقدّم، لا يُمكن التفاؤل كثيراً بإمكانية ضبط الأسعار رسميّاً، لأن العبرة تبقى بالإلتزام، وبضبط هذا الإلتزام في الأسواق. وإذا كان الحديث عن مكافحة الفساد جديّاً، فلماذا لا يتمّ تحويل الموظّفين الفائضين في القطاع العام، والذين تمّ توظيفهم عشوائياً، وهم يتقاضون رواتب “فاسدة” لا تحقّ لهم، الى الميدان، فيتدرّبون وينزلون الى الأسواق للقيام بعمليات الكشف على الأسعار، وتوثيق الأرقام والمعلومات الصحيحة، بدلاً من الإكتفاء بالمناداة بالإصلاح من على رأس الجبل، لا أكثر ولا أقلّ؟

قرارات

أشار مصدر مُطَّلِع الى أنه “توجد مسألة قانونية لا بدّ من أخذها في الاعتبار، وهي تقوم على واقع أن آلاف الموظّفين الفائضين في القطاع العام، والذين قام “التفتيش المركزي” بالتحقيق في ملفاتهم، وأحالها الى المجلس النيابي، فيما الأخير أحالها (ملفاتهم) بدوره الى ديوان المحاسبة، هؤلاء كلّهم موضع نظر أمام الديوان. وهذا يعني أن ملفاتهم أصبحت قضائية، ولا يمكن استخدامهم في أي مكان قبل صدور قرارات في شأنهم. وقد تصدر قرارات بإبطال توظيفهم من الأساس”.

ولفت في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” الى أنه “يوجد في الملاك أماكن فيها فراغات كبيرة جدّاً، تصل الى 50 في المئة في بعض الأمكنة، مع أعداد زائدة أو لا حاجة إليها. وتمّ منذ سنة إرسال تعميم الى الإدارات من أجل أن تُحصي النواقص التي لديها في شكل مؤسّساتي، وذلك للإستفادة من كل الطاقة الوظيفية، التي تدفع الدولة ثمنها”.

وشدّد على أن “إعادة دراسة هيكلة المؤسّسات العامة من شأنها أن تبيّن لنا أين يوجد الفائض، وما هي المؤسّسات التي تحتاج الى إقفال، وهو ما سيوفّر المال العام في تلك الحالة”.

IMF

وردّاً على سؤال حول ضرورة العمل على تلك النّقاط سريعاً، لا سيّما أنّنا على أبواب التفاوُض مع “صندوق النّقد الدولي”، أجاب المصدر:”هذا صحيح، ويجب الإضاءة على هذه الأمور الآن، من أجل استقامة التعاطي مع القيّمين على “الصندوق”. ولكننا نحتاج الى تعاون في ما بين “التفتيش المركزي” و”مجلس الخدمة المدنية”، والى قرار من الحكومة، من أجل إعادة هيكلة الإدارات والمؤسّسات العامة”.

وأكد أنه “عندما تزيد الدولة الإنتاجية مقابل الرواتب التي تدفعها، فإنها تتمكّن في تلك الحالة من مواكبة الحركة الإقتصادية”.

وقال:”تقليص حجم القطاع العام يحتاج الى عمل مدروس، يبدأ من المؤسّسات والإدارات التي لا جدوى منها، مع الإستعانة بالفائض من الموظّفين فيها، الذين يُمكن الإستفادة من مهاراتهم في أماكن أخرى. أما الباقون، فيتمّ الإستغناء عنهم. فلدينا نحو 100 ألف موظف بين من هم في الإدارات العامة، وبين مستخدمين وأُجَراء، ونحو 23 ألفاً في البلديات، يتوجّب إعادة النّظر في أوضاعهم، بالإضافة الى النّظر الى الفائض في عدد أساتذة القطاع العام. فضلاً عن ضرورة التعاقد وفق أُسُس واعية، وعدم دفع ثمن ساعات غير منتجة، لعدم إنفاق المال العام بلا منفعة”.

وختم:”الفساد هو التمادي في مخالفة القانون، كما التمادي بالسكوت عنه. والشعب اللبناني نفسه لا يُحاسِب، ولا حتى في الإنتخابات. فالمنظومة التوظيفية اللبنانية كلّها تحتاج الى إصلاح، والإصلاح يحتاج الى خطة كاملة، والى قرارات يتوجّب اتّخاذها مع فريق عمل متكامل، ووجوب الإبقاء على عنصر المحاسبة كضرورة أيضاً”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى