صحيح أن تقارير صحافية دولية وصفت حكومة “مواجهة التحديات” عند تشكيلها بأنها حكومة حزب الله وأن رئيسها حسّان دياب وصل الى السراي الحكومي بعباءة الضاحية الجنوبية وحلفائها على رأسهم فريق العهد، خصوصاً “التيار الوطني الحر”، وصحيح أيضاً أن هذه الحكومة التي يُجاهر رئيسها بأنها مستقلّة وتكنوقراط مع أن الاستحقاقات التي خاضتها أخيراً أثبتت عكس ذلك، إلا أن ما يجري خلف كواليسها من مماحكات وتبادل رسائل “مُشفّرة” لا يعكس مشهد الإجماع والرضى السياسي من قبل فريق التكليف لأداء الرئيس دياب وطريقة مقاربته للملفات والقضايا المطروحة.
ولعل أكثر من ينطبق عليه هذا التوصيف للمشهد الوزاري، حكومةً ورئيساً، هو حزب الله الذي يملك سلطة كبيرة في توجيه بوصلة القرارات الرئيسية في البلد، وهو ما نقلته اوساط قريبة من الضاحية الجنوبية لـ”المركزية”، متحدثةً عن عدم ارتياح الحزب لأداء الحكومة وتعاطي رئيسها مع ملفات متعددة.
عدم ارتياح الضاحية لأداء ساكن السراي ينطلق من “تمترسه” خلف هاجس بعض القوى السياسية التي باتت خارج السلطة وبعيدة من دائرة التأثير، فلا يُقدم على خطوة إلا ويكون هاجسه كيف سيتلقّف هؤلاء ما قمت به وهل سيثنون على عملي ام يطلقون النار السياسية عليه.
كما أن دياب يعيش أيضاً عقدة مقاطعة السفراء العرب، خصوصاً الخليجيين منهم وحتى الاجانب لزيارة السراي الحكومي أو المشاركة في لقاءات رسمية.
وبناءً عليه، تطالب الضاحية، وفق الاوساط القريبة منها، بأن “يغفل الرئيس دياب الاهتمام بهذه التفاصيل الصغيرة والتفرّغ للعمل، لاسيما وأن الوضعين الاقتصادي والمالي يتطلّبان عملاً مكثّفاً واجتماعات ماراتونية من أجل وضع خريطة طريق للخروج من الازمة يكون عنوانها الاصلاح ثم الاصلاح”.
واعتبرت الاوساط “ان المطلوب من الرئيس دياب نقلة نوعية في الاداء تُثبت صوابية اختياره كرجل المرحلة وبأنه الرئيس المناسب لقيادة سفينة الوطن الى برّ الامان بعدما فشل غيره في المهمة”.
ومع أن التضامن الحكومي ظهر جلياً في مواجهة جائحة كورونا استطاع حتى الان الإبقاء على مرحلة احتواء الوباء دون انزلاقه الى مرحلة الانتشار، الا ان مواجهة الحكومة لتحديات من نوع اخر مثل التعيينات المالية والخطة الاقتصادية وما تفرّع منها من اقتراحات بشأن “كابيتال كونترول” و”هيركات” عرّى الحكومة وأسقط عنها ورقة توت التضامن والتكافل.
وشددت الاوساط المقرّبة من الضاحية على “ضرورة ان يتحرّك الرئيس دياب بصفته رئيساً للحكومة في اتّجاه القوى المشاركة في التركيبة الوزارية من أجل تعزيز التضامن الحكومي والتفتيش عن القواسم المشتركة في مقاربة الملفات، لأن الاوضاع الحسّاسة والدقيقة التي يمرّ بها البلد لا تحتمل “ترف” الجدل السياسي بين “أهل البيت” الواحد”.
ولفتت الاوساط الى “ان الحكومة سقطت في امتحان التضامن في أكثر من ملف وقضية وهذا إن دلّ الى شيء فإلى انها لا تعمل كفريق عمل واحد ومنسجم”، وأعطت امثلة على ذلك منها قول دياب “انه سيُنجز الخطة الاقتصادية في سرعة وهي حتى الان لم تبصر النور، كما ان ملف الكهرباء الذي يُعدّ اولوية ملفات الاصلاح لم يتم وضعه على سكة الحل الحقيقية”.