تعتبر جهات مصرفية في مجالسها الخاصة، وفي اجتماعاتها المغلقة أن الكيل بدأ يطفح من حملات السياسيين الرسميين والحزبيين ومن الإعلام الدائر في فلكهم على خلفية تشويه صورة القطاع المصرفي واتهامه بإخفاء الأرقام والتلاعب بها، في حين أن الحقيقة تكمن في أن الحكومة ووزارة المال هي التي تقوم بذلك بغطاء من مجلس النواب وتحاول الإفلات من محاسبة الناس والرأي العام باتهام القطاع المصرفي بشقيه مصرف لبنان والمصارف التجارية زوراً!
ويتساءل مرجع مصرفي عبر “المركزية”: “أيجوز للحكومة ومجلس النواب اللذين يضعان الموازنات ويقرانها بدون قطع حساب أن يوجها أصابع الاتهام الى المصارف التي تنشر موازناتها السنوية وتدفع على أساسها الضرائب للدولة اللبنانية، وتخضع لرقابة الجهات الرسمية كما للمساهمين والجمعيات العمومية؟
وهل يجوز لمن يخفي الأرقام الحقيقية للعجز في موازانات الدولة اللبنانية من خلال ألاعيب تأجيل الدفع وعدم إدراج الكثير من القروض التي حصلت عليها الدولة من الدول والصناديق ومستحقاتها في الموازنات أن يتهم القطاع المصرفي بعدم الشفافية والتلاعب بالأرقام وإخفائها”؟
ويتابع المرجع المصرفي: “ألا يخجل السياسيون من أسئلتهم المشبوهة حول حقيقة أرقام القطاع المصرفي وهم لغاية الآن لم يتمكنوا من حصر كلفة سلسلة الرتب والرواتب التي أقروها قبل سنتين بالتهور والشعبوية على سبيل رشوة الناخبين ومن إعطاء رقم صحيح وثابت لكلفة هذه السلسلة وما ترتبه على الدولة سنويا وانعكاساتها على المديين المتوسط والبعيد بالنسبة الى حجم الرواتب التقاعدية وتعويضات نهاية الخدمة، على رغم مرور أكثر من سنتين على أقرارهم سلسلة الرتب والرواتب”؟
وعن اتهام المصارف بالتواطوء مع مصرف لبنان لتأمين الديون المطلوبة للدولة على حساب المودعين بفوائد مرتفعة، يسأل المرجع : “إذا كانت المصارف “متآمرة” مع المصرف المركزي لغايات تجارية وربحية كما يقولون، فما دخل المصارف بسندات الخزينة التي اشتراها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لتمويل عجز الخزينة، وهل أن القيمين على الصندوق ومرجعياتهم السياسية مستثنون في هذه الحالة من التهمة التي يوجهونها زورا الى المصارف؟ وهل المصارف اكتتبت في سندات الخزينة سرا وتهريبا أم بناء على قوانين أصدرها مجلس النواب بناء على طلب الحكومة. وهل المصارف والمودعون هم الوحيدون الذين استفادوا من الفوائد المرتفعة؟ ألم تستفد الدولة من الضرائب على الفوائد؟ وكم تبلغ قيمة الأموال التي جبتها الدولة من هذه الضرائب علماً أن الضريبة التي جبتها الدولة اللبنانية من أرباح المصارف من الهندسات المالية بلغت لوحدها 800 مليون دولار”؟
ويمضي المرجع في تفنيد الحملة على المصارف بالقول: “يتهمنا بعض السياسيين والحزبيين زورا بتبديد أموال المودعين، علما أن هذه الأموال معروفة وجهة التوظيف والاستثمار في القطاعين العام والخاص بكل دقة، ولكن هل بإمكانهم أن يشرحوا لنا وللبنانيين أين وظفوا هم وكيف صرفوا أموال سندات الخزينة وأموال الضرائب والرسوم والعائدات التي جبوها بالمليارات من الشعب اللبناني؟ وأذا سلمنا جدلا بأن اتهاماتهم صحيحة للمصارف ومصرف لبنان بتبديد اموال المودعين من خلال توظيفها في سندات الخزينة، فإن السؤال البديهي هو أين بددت الدولة أموال المودعين والمصارف الذين استثمروا في سندات الخزينة، فسندات الخزينة موجودة بيد من اشتراها… لكن أين هي الأموال التي أخذتها الدولة؟ وهل تُسأل المصارف في هذه الحالة عن تبديد الإيداعات أم الدولة؟”
ويضيف المرجع المصرفي: “يطالبون المصارف بأن تأتي بأموال أصحابها، وبأموال المستثمرين اللبنانيين والعرب والأجانب فيها من الخارج لتأمين السيولة بحجة الحفاظ على أموال المودعين وحقوقهم، وهي محفوظة ومضمونة بالنسبة الى المصارف، ولكن هل يمكن لأحد من المسؤولين السياسيين في الدولة أن يجيبنا من أين سيأتون هم بالأموال لسداد تعويضات نهاية الخدمة وحقوق المستشفيات والمتعهدين والمضمونين في الصناديق الضامنة للدولة اللبنانية”؟
ويتابع: “إضطرت المصارف تحت ضغط حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني والإقتصادي الذي تتحمل مسؤوليته الحكومة أن تتخذ إجراءات موقتة لتنظيم سحب الأموال النقدية، لكنها لم تتوقف يوما عن تلبية ما يمكن تلبيته من حاجات المودعين وتأمين حقوقهم ولو بالحد الأدنى الممكن والمتاح، فهل يحق للحكومة والسياسيين الذين يعملون على اتخاذ قرار بالتخلف كليا عن الدفع للدائنين الداخليين والخارجيين أن يأخذوا على المصارف التقنين في مواجهة الهجمة على السحوبات وتخفيض قيمة الأموال النقدية المسحوبة”؟
ويسأل: “بأي منطق تريد الحكومة التخلف عن دفع سندات الخزينة عنوة وقبل التفاوض وتنظيم الجدولة مع الدائنين، علما أن 80 بالمئة من دين الدولة اللبنانية هو دين داخلي، وهي في الوقت ذاته تتهم المصارف بحجب الأموال عن المودعين؟ من أين تأتي المصارف بكامل الأموال الموظفة في سندات الخزينة إذا تخلفت الدولة عن الدفع؟ وماذا عن سندات الخزينة التي اشتراها اللبنانيون مباشرة من الدولة؟ ألا تحاسب الدولة على عدم تسديدها؟ وألا يعتبر ذلك سرقة لأموال الناس مشابهة لسرقة أموال المصارف؟ ومنذ متى، وبأي منطق أو قانون تحاسب ضحية المتخلف عن الدفع ويُبرأ المتخلف”؟
ويخلص المرجع المصرفي الى التأكيد بأن المفلس هو الدولة اللبنانية وليست المصارف ولا الشعب اللبناني! وبالتالي فالمفلس المبذر الذي تصرّف بأموال المصارف والناس هو من يجب أن يكون في قفص الاتهام والمحاسبة والمحاكمة وليس ضحاياه. ومع ذلك فالمصارف مستعدة لتحمل كامل مسؤولياتها، ولكن هل تتحمل الحكومة والسياسيون مسؤولياتهم الأخلاقية والأدبية والمعنوية قبل القانونية؟
ويختم:”طفح الكيل أو يكاد من الكذب والتزوير والتجني والافتراء! ومن الآن وصاعداً لن نسكت على هذه الحملات… ولينتظروا منا ما يعجبهم وما يضع النقاط على الحروف”!