سقطت التسوية الرئاسية ووقع الفراق بين فريق العهد ورئيس حكومته الاولى والثانية. وما بات
محسوماً حتى الان ان ما قبل التسوية لن يكون كما بعد سقوطها، وان صراع التيارين الازرق والبرتقالي عاد ليشتعل مجدداً، لكن هذه المرّة من موقعين مختلفين. السلطة والمعارضة مع ما يعنيه ذلك من توسّع حلبة المواجهة بدخول المستندات والارقام ونبش الملفات اسلحة جديدة فيها.
توقيت افتتاح هذه المواجهة لن يتأخّر وهو على موعد غداً مع الاحتفال الذي يُنظّمه تيار المستقبل في الذكرى الخامسة عشرة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حيث يتوقّع ان يُخصص الرئيس سعد الحريري الجزء الاكبر من كلمته ليُفنّد تجربته مع السنوات الثلاث الاولى من العهد وهي عمر التسوية والتي دفع فيها من “جيبه” ورصيده الشعبي والسياسي لمصلحة لبنان وعمل المؤسسات ليكون بنتيجتها خروجه وتياره السياسي من الحكم في مقابل بقاء الطرف الثاني من التسوية في السلطة، ولو ان رئيس التيار الوطني الحر خرج ايضاً من الحكومة.
ولم يقتصر هذا السقوط للتسوية على ركنيها الاساسيين بل سبقهما الى الخروج منها حزب “القوات اللبنانية”
مع استقالة وزرائه من الحكومة عقب انطلاق شرارة الانتفاضة الشعبية في 17 تشرين الاول، وهو ما زاد طين علاقة الثلاثي بلّة قبل ان تنفجر مع استقالة الرئيس الحريري وخروجه من السلطة ثم تبعه الحزب “التقدمي الاشتراكي” الذي لم يوفّر مناسبة واستحقاقاً الا وانتقد فيها اداء فريق العهد، السياسي والاقتصادي.
وتقول اوساط سياسية سيادية عبر “المركزية” “بأن التسوية باتت في خبر كان، بعدما فرط عقدها، فبات جزءاً كبيراً من اركانها خارج الحكومة وهناك اتّجاه الى توحيد صفوفهم تحت راية المعارضة، في مقابل بقاء الطرف الثاني “التيار الوطني الحر” والثنائي الشيعي ولو انهم يرفضون “الاعتراف” بأحادية لون الحكومة لمصلحة فريقهم”.
واعتبرت “ان مع خروج هؤلاء من التسوية والتحاقهم بصفوف المعارضة بعدما كانوا بمثابة الناخب الاوّل للعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، لم يبقَ الا “التيار الوطني الحر” وحزب الله في خانة الدفاع عن العهد، اما الرئيس نبيه بري فلن يكون في المسافة نفسها مع العهد وهو في الاساس لم يصوّت للرئيس عون، تماماً كما “تيار المرده” الذي لا تجمعه بـ “التيار” الا طاولة مجلس الوزراء”.
وسألت “كيف يُمكن للعهد ان يواجه التحديات الهائلة، لاسيما على المستويين المالي والاقتصادي ولم يبقَ معه سوى “التيار الوطني الحر” وحزب الله؟ وكيف سيتصدّى للعقبات التي ستواجهه- وهي كثيرة- في وقت ان احزاباً وازنة في البلد ولها حيثيتها التمثيلية خرجت من التسوية مع العهد وباتت في خانة المعارضة”؟
في مطلق الاحوال، تبقى الانظار مشدودة الى احتفال بيت الوسط وما سيقوله الرئيس الحريري، علماً ان سلسلة الفيديوهات التي يُعممها تيار المستقبل حول الذكرى بعنوان “مين المسؤول؟ الجواب بـ14 شباط” تؤشر الى ان الطلاق وقع بين ركني التسوية وان ما جمعته السلطة ستُفرّقه المعارضة.
ويبقى السؤال الاساسي “هل سيُعلن الرئيس الحريري تأسيس جبهة سياسية ضد العهد وحلفائه تحت راية المعارضة تضمّ الخارجين من التسوية الرئاسية من اجل توحيد الجهود وتنسيق الخطوات في المستقبل الحافل بالتحديات”؟ تستبعد الاوساط هذا الاتجاه وتعتبر ان خطوة من هذا النوع ما زالت مبكرة وقد تحتاج الى مزيد من الوقت لتتبلور خصوصا ان شوائب كثيرة اعترت العلاقات بين القوى السياسية المشار اليها ومعالجتها يحتاج مسارا غير سهل فالترميم يوجب ارساء اسس ثابتة ومد جسور التلاقي من اجل تنسيق المرحلة.