الثورة عطّلت النصاب.. لكن السلطة رفضت الانكسار!

الثورة عطّلت النصاب.. لكن السلطة رفضت الانكسار!
الثورة عطّلت النصاب.. لكن السلطة رفضت الانكسار!

لو كنّا في “دولة قانون” تُحترم فيها الدساتير والمؤسسات، ولو في الحد الادنى، لما انعقدت جلسة البرلمان بالامس، ولكان الثوار أضافوا بوضوح، إنجازا ذهبيا جديدا الى لائحة الانتصارات، المعنوية منها والحسية، التي يسطّرونها منذ 17 تشرين.. لكننا لسنا في الدولة هذه. وكي لا ننسى، هذا هو السبب الحقيقي لاندلاع الانتفاضة. بحسب ما تقول مصادر في الثورة لـ”المركزية”، رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري ومعه بطبيعة الحال التحالف الحاكم، إهداء هذا “النصر” للثوار. فقرر اطلاق جلسة نيل الثقة بنصاب ناقص!

انتظر 36 دقيقة بعد الحادية عشرة، الموعد المحدد لبدئها، علّ النواب يتمكّنون من اختراق الطوق الذي فرضه آلاف المواطنين في محيط ساحة النجمة، لمنعهم من الوصول. فلم يتأمن حضور 65 نائبا في القاعة العامة. امام هذا الواقع، رفض رئيس المجلس الانكسار، والإقرار بأن السلطة فشلت مجددا في الكباش الذي دخلت فيه مع الشعب… فكان المخرج ان يبدأ الجلسة بحضور 58 نائبا فقط!

بري حاول تبرير قراره، قائلا ان تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية أبلغوه ان نوابهم سيحضرون، ومشيرا الى ان عددا من نواب “التنمية والتحرير” في طريقه الى المجلس أيضا. غير ان هؤلاء كلهم، ما كانوا داخل البرلمان بعد. وفي ظل التصعيد الشعبي في العاصمة، وصولُهم لم يكن مضمونا. لكن، على “هذا الامل”، افتتح رئيس المجلس الجلسة!

في الدساتير، تتابع المصادر السيادية، لا مكان للآمال ولا للوعود التي يطلقها هذا او ذاك بالمشاركة او التغيب، بل هناك نصوص واضحة. وهي تقول بضرورة اكتمال النصاب الدستوري لبدء الجلسة، كما تشير الى ضرورة ذكر أسماء النواب المتغيبين عن الجلسة، في مستهلها. الا ان ذلك ايضا، لم يحصل.

الالتفافُ على الدستور، تضيف المصادر، لم يكن وحده ما دلّ أمس الى ارتباك السلطة أمام الثوار. بل، وفي تكرار لما حصل ابان جلسة مناقشة الموازنة، ضغط رئيس مجلس النواب على طالبي الكلام لخفض عديدهم من جهة، ولاختصار مدّة كلماتهم من جهة ثانية. فتم الانتهاء من النقاش في يوم واحد، بعد ان حدد بري الثلثاء والاربعاء لمناقشة البيان الوزاري والتصويت على الثقة.

ما حصل في ساحة النجمة امس، يشكل فصلا جديدا من فصول “التنكيل” بالدستور والمؤسسات. فالبرلمان بات يُدار بما يتناسب ومصالح الفريق السياسي الحاكم، لا وفق القانون.

وبحسب المصادر، يجعل هذا التجاوز للقانون، التشكيكَ بالجلسة وبنتائجها، مبررّا وفي مكانه، وربما تقدّم عدد من النواب بطعن في شرعيتها، امام المجلس الدستوري علما ان مصادر قانونية تؤكد ان لا آلية لهذا الطعن. فما كُتب قد كُتب، وحكومة حسان دياب باتت “رسميا” مكتملة الاوصاف.

وفي عود على بدء، تقول المصادر ان الثورة يمكن ان تبارك لنفسها بالانتصار الذي حققته امس. هي نجحت في منع اكتمال النصاب، فالتفّت السلطة على القانون وعقدت الجلسة، قبل تأمينه! وكان ان أعطى البرلمان المُحاصر بالثوار وصرخات “لا ثقة”، ثقةَ مزيّفة لحكومة قال الناس بوضوح، كلمتهم فيها. وفي الديموقراطيات، لا صوت، يعلو صوت الشعب..

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى