على هامش ما هو معلن من تحركات سياسية وحزبية بشأن الملف الحكومي، يلف الغموض حقيقة ما يدور ضمن كواليس الغرف المقفلة التي تم تحصينها بقوة استثنائية. فاللقاءات التي عقدت بعيدا من الأضواء في المقار الرسمية ومواقع أخرى اقفلت ابوابها بإحكام على مداولاتها حرصا على النتائج المتوخاة، الامر الذي فتح ابواب التسريبات وزاد حال البلبلة في الأجواء السياسية والإعلامية.
والأخطر، يقول المراقبون، ان مستوى التشنج السياسي الذي تسببت به سياسة التكتم ازاء المخارج المحتملة للأزمات السياسية والنقدية والاقتصادية، ادى تلقائيا الى تفاقم الأزمات وتفاعلاتها على الساحة الداخلية .
وتشير معلومات، نقلتها “المركزية”، إلى أن في المفاوضات الجارية مع من قد يخلف الرئيس سعد الحريري في السراي بحثا استباقيا حول الكثير من التفاصيل التي تلي عملية التكليف والتأليف، الى الأداء السياسي للحكومة العتيدة.
وفي المعلومات ايضا ان رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل ناقش مع المهندس سمير الخطيب التركيبة الحكومية وأصر على ان تكون حقائب الداخلية والطاقة والبيئة والدفاع من حصة التيار مع الحرص على مبدأ فصلها عن حصة رئيس الجمهورية، الامر الذي خلق نقزة لدى اطراف اخرى ودفع المفاوضات في اتجاه جوانب أخرى يمكن في ختامها ان تؤدي الى تسمية الخطيب او عدمها.
وتضيف ان وصول المفاوضات الى هذه النقطة ايقظ البحث في ما سماه الخطيب نفسه استعادة وزارة المالية الى فريق رئيس الحكومة بالنظر الى التجانس المطلوب بين الموقعين في المرحلة المقبلة وبإبعادها عن منطق الحصص الطائفية والمذهبية، ما ادى عمليا الى فرملة البحث في حصة التيار الوطني الحر ورئيس الحكومة العتيد بعدما عبّر الثنائي الشيعي عن رغبته في تأجيل النقاش في هذه النقاط الى المراحل الطبيعية التي يبدأ البحث بها واحتساب حصص باقي الفرقاء.
على اي حال، تفيد المعلومات المتصلة بهذا الملف بأن عملية التفاهم على اسم الرئيس العتيد للحكومة اصبحت محكومة بمهل دقيقة سقفها مطلع الاسبوع المقبل للحسم، على وقع المزيد من المصاعب والعقد التي ما زالت قائمة، بما سيؤدي الى تفعيل حركة المشاورات بين الثنائي الشيعي والحريري التي ستنشط في عطلة نهاية الأسبوع على اساس التفاهم الذي جرى بين الثنائي وبعبدا، والذي فرمل الدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة فأرجئت بناء على طلب منه.
في المقابل، اعتبرت مصادر سياسية متابعة ان السعي قائم لإنتاج صفقة متكاملة تضم في سلتها التكليف والتأليف وتوزيع الحصص وشكل الحكومة المفترض اولا وآخرا ان يرضى بها الشعب الثائر ليخرج من الشوارع كما الخارج الذي سيقدم الدعم المادي للنهوض بالاوضاع الكارثية نقدا واقتصادا، وهذا الرضى يفترض اسناد الحقائب المعنية بمؤتمر سيدر الى اختصاصيين بعيدا من المحاصصة وقاعدة التوزيع بين القوى السياسية وحتى حق تسمية وزراء الاختصاص. وتؤكد ان منطق حصرية الحقائب لطوائف او لأحزاب كما المحاصصة وفرض القيود والشروط سقط في التشكيل، الواجب ان يعكس ارتياحا في الشارع المنتفض الذي ينتظر السلطة في هذه المرحلة وله موقفه من كل المراحل الدستورية. فإن احسنت السلطة عملية الإخراج دون اي تحد او إثارة بطريقة استفزازية للشارع تنجح في الامتحان وخلاف ذلك سيسقطها مجددا في امتحان الثقة المفقودة غير القابلة للترميم.