تخوّف وزير الاقتصاد والتجارة السابق رائد خوري على “سمعة لبنان المالية”، وقال: “نحن ملزمون بالتعاون مع الوفد الاوروبي حول التحقيقات بملف التحويلات، والمصارف قدمت المستندات المطلوبة لهيئة التحقيق الخاصة في المصرف المركزي”.
وقال في حديث لبرنامج حوار المرحلة مع الإعلامية رولا حداد عبر الـLBCI: “أصبحت المصارف كبش المحرقة في لبنان، فخلال الأزمة التاريخية الاقتصادية في أميركا كانت المصارف هي المسبب الأول، ولكن الدولة لم تعاقبهم بسبب المصلحة العليا للبلد بل ساعدتهم على الوقوف من جديد”.
وشدد خوري على أن “سيادة لبنان محفوظة، فالقضاء اللبناني يقوم بعمله والأوروبيون يعتبرون أن هناك جرائم مالية حصلت ويريدون التحقيق في هذا الامر”.
وعن حجم التداول على “صيرفة” الأسبوع الفائت، اعتبر أن “مبلغ المليار دولار ليس فقط الخسارة، بل أعتقد أن الخسارة الحقيقية هي بحدود الـ100 مليون دولار، وحاكم مصرف لبنان ينفّذ سياسات الحكومة وهو مُلزم بتطبيق هذه السياسة”.
وأشار خوري إلى أن “المصرف المركزي يحاول كسب الوقت اليوم وهناك ضغوط تحصل من القوى السياسية و”ما بقا ينفع شراء الوقت””.
وأكد أنه “يجب معرفة “البلد وين رايح”، ففي 2017 كانت لدينا فرصة للنهوض عبر “soft landing” واعتماد سياسة مالية جديدة، وشراء الوقت حاليًا لا ينفع وسياسة الدعم أكبر دليل، والحلّ يكمن بتنفيذ الإصلاحات وبناء رؤية اقتصادية واضحة”.
واعتبر أن “صيرفة هي ابرة مخدر، والتعميم الحالي هو التعميم الصحيح لأنه كان هناك سوء استعمال لصيرفة لأن الشركات استفادت أكثر من الاشخاص، ولهذا المركزي أصدر تعميما آخر لتقليل عدد المستفيدين”.
وأعلن خوري أنه “من الصعب مراقبة العمليات المشبوهة في “الاقتصاد الكاش” ونحن وصلنا الى هذا الوضع نتيجة فقدان المواطن الثقة بالمصارف، ولكن عليه أيضًا فقدان الثقة بالدولة التي هي المسؤول الأول عن الازمة”، مشيرًا إلى أنه “هناك مشكلتان بسوق الكاش، الأولى خروج لبنان من العولمة وأن يصبح عرضة لعميات تبييض الأموال، كما يمنع المصارف من التسليف فيصبح الاقتصاد “مكربج””.
وأفاد بأنه “لا سقف للدولار في حال لم نقم بالإصلاحات”.
إلى ذلك، قال إن “الـIMF يطالب بالكابيتال كونترول، وأعتقد انه من الضروري إقراره حتى بعد مرور 3 سنوات، وتبقّى فقط 10 مليار في البنك المركزي وحوالي المليارين في المصارف المراسلة”.
ورأى أن “مجلس النواب تسرّع بموضوع إعطاء المودعين 800$ لأن المصارف غير قادرة على هذا الامر، ولكن يمكن للمصرف المركزي اتخاذ هذا القرار لأنه يعلم المبلغ الوجود”.
من ناحية أخرى، قال خوري: “استطاع لبنان استقطاب 140 مليار دولار، ونقص منهم 55 مليار دولار للقروض، في حين تم توظيف 15 مليار بالخزينة، وما تبقى من الرقم موجود بالمصرف المركزي كسندات، والكاش المتبقي هو فقط 10 مليار دولار من دون الذهب”.
وأكد أن “المصارف وضعت ثقتها بالدولة وأقرضتها 15 مليار دولار أي 10% من مجموع 150 مليار دولار، ولكن الشعب اللبناني وضع ثقته بالدولة مع العلم أنها لم تقم بالإصلاحات، فالمصارف استثمرت في القطاع الخاص بقيمة 55 مليار دولار”.
وشدد خوري على أن “من دون المصارف لا اقتصاد، فالمصارف هي رأس حربة مع المودع، ورأس مال المصارف في 1992 كان مليار دولار تقريبًا قبل أن يزيد مع السنين، واليوم رأس مال المصارف صفر”.
وأضاف: “الجميع يتحمّل المسؤولية بنسب متفاوتة، والدولة المسؤول الأول لأنها مَن وضع السياسة المالية وعينت الحاكم ونوابه وهي من طلب السلفات، والمصرف المركزي يتحمل المسؤولية بدرجة أقل لانه تماشى مع الدولة رغم وجود قوانين تلزمه بقراراتها”.
وأشار خوري إلى أن “المودع خسر أمواله، ونحن لا نريد أن نكون بلدا يسرق أموال المغتربين، بل علينا أن نرد قسما من أموالهم لاسترداد ثقتهم، ويجب استخدام مصطلح “إعادة تكوين الودائع”، ولن يسترد المودع أمواله في المدى القريب، ولكن قد يستردهم بعد وقت طويل إذا ما طُبقت الاصلاحات”.
إلى ذلك، قال إنه “على المواطن والمودع تحويل غضبه إلى المكان المناسب، ومصرون على اعتماد سياسة الاتحاد السوفياتي بالاقتصاد”.
وأكد أنه “إذا خيّرنا المودعين بين اعتماد خطة تعمد الى شطب ودائعهم وبين خطة تعيد ودائعهم خلال فترة زمنية طويلة الأمد فسيختارون حتما الخيار الثاني”.
وتابع خوري: “علم الاقتصاد ينص على أن الفائدة تعني الخطورة، والجميع يتحمل المسؤولية لكن الدولة هي المسؤولة الأولى عن “التخبيصة” وأتحدى أن تمرّ خطة الحكومة، والمصارف ستكون رأس حربة لمنع شطب الودائع”، مشددا على أنّ “الدولة “شلمصطية” سرقت الأموال”.
وحول الاتفاق مع صندوق النقد، أشار إلى أن “الصندوق لا يعلم خصوصية لبنان ولا يجبرنا بالاصلاحات، بل يعرض علينا الحلول للوصول إلى اتفاق يرضي الطرفين، ولكن هناك تقصير من الوفد المفاوض اللبناني وصندوق النقد يسعى لشطب الودائع”.
وأوضح خوري أن “جزءا من مشكلتنا سياسية، فاقتصادنا مبني على تدفقات الخليج ولم نستطع إيجاد الحلول بعد الأزمة التي حصلت، ولا قيامة للبنان من دون انفتاح تام على العالم العربي والدولي بالتوازي مع تنفيذ الإصلاحات”.
وأضاف: “بعض الحلول التي يتم طرحها في المجلس لن تمرّ، والدستور يحمي حقّ المودع والدولة لا تستطيع “نفض إيديها”، وقانون إعادة هيكلة المصارف ينص على شطب بعض الودائع غير المؤهلة”.
إلى ذلك، أشار إلى أنه “لا ثقة بالقطاع المصرفي اليوم و”بيكون مجنون” من يستثمر اليوم، وعلى الدولة أن تحل الازمة بعيدا عن المصارف، التي هي جزء لا يتجزأ من أي دولة”.
وأعلن خوري أننا “حافظنا بـ cedrus bank على نسبة سيولة في الخارج واستطعنا أخذ احتياطنا، لذلك يمكننا الاستمرار، ولكن لا إمكانية لردّ الودائع اليوم، وعلى الدولة مساعدتنا لردّ الودائع في السنوات المقبلة”.
وأكد أن “أسوأ قرار مالي في السنوات الماضية كان الدعم”.
وأضاف: “التيار يعتقد أن السياسات المالية أدت الى الوضع الحالي ولكن برأيي سياسة الحكومات تتحمل المسؤولية بالدرجة الأولى والمركزي أيضا يتحمل جزءًَا منها، ولا أعتقد أن التيار يحمل مسؤولية الأزمة للمركزي فقط”.
وعن خطة الكهرباء، لفت خوري إلى أننا “نصرف أموال المودعين ولن نستطيع تأمين الجباية جراء غياب الدولة، و”هيدي منّا خطة” و”ما في بلد ولا دولة””.
وأضاف: “أؤيد اجتماع الحكومة للبحث في ملف الكهرباء بشرط موافقة الـ24 وزيرًا على الخطة، وعلى كافة الأفرقاء التنازل لمصلحة المواطن، والمشكلة أن السياسيين في لبنان “بيضيعوا” بين البلد والدولة، فيهمنا البلد لأنه الأساس”.
إلى ذلك، أكد معارضته لـ”تأمين الكهرباء لـ10 ساعات من أموال المودعين وبالمقابل لا جباية مؤمنة”، سائلًا: “لماذا لا يتم خصخصة كل القطاعات كما تفعل الدول الناجحة؟”
وتابع: “السياسيون يعتبرون أن مرافق الدولة هي للتوظيف السياسي لكن هيدي اللعبة “game over”، والآن يحاولون الاتكال على أموال المودعين”.
وشدد خوري على أن “موضوع الكهرباء أساسي واليوم نضيّع فرصًا كبيرة ونتكلّف كثيرًا بسبب الموتورات، وإذا سلمنا ملف الكهرباء للقطاع الخاص تٌحلّ المشكلة”.
وحول جشع التجار، أكد أن “الحلّ بالتسعير بالدولار، فهذا يوفّر الكلفة الزائدة على المرافق السياحية، ولكن لا أعلم مدى قدرة موظفي وزارة الاقتصاد على المراقبة بسبب قلة عددهم”.
ولفت إلى أن “هناك رائحة فساد اليوم بين شركات التأمين وهيئة الرقابة على الضمان، ولا يمكن أن تكون هذه الهيئة تابعة لوزارة الاقتصاد بل يجب أن تكون هيئة مستقلة كما هيئة مراقبة المصارف”.
وسأل خوري: “هل طموحنا زيادة النمو الاقتصادي بنسبة 2% فقط؟” متابعًا: “الناتج القومي في إسرائيل يبلغ 550 مليون دولار والناتج الفردي 50 ألف دولار أما في لبنان فيبلغ أقل من 3 آلاف دولارات”.
وأردف: “المغتربون هم مَن يحركون الاقتصاد اللبناني والقطاع الخاص “رغلج شوي” لكن المعاشات تراجعت بنسبة كبيرة، ولا نستطيع الاتكال على بضعة مطاعم “ماشي حالا” فهذا بالظاهر فقط”.
من ناحية أخرى، اعتبر خوري أنه “قد يتم عقد مئات الجلسات من دون التوصل إلى انتخاب رئيس، فمن دون التوافق الداخلي والخارجي لن نصل إلى الحلّ، والمشكلة اليوم أن الخارج غير مهتم بلبنان”.
وقال: “اللبنانيون يعيشون بوهم لأن الحل ليس بانتخاب رئيس بل بتغيير النظام لأنه لا يمكننا التقدم “فشخة” مع النظام الحالي، فكل فريق لديه فيتو على الفريق الآخر وعلينا اتباع نظام اللامركزية لأنها تخلق الاستثمارات وتعزز الشفافية”.
وأشار خوري إلى أنه “على الرئيس المقبل أن يفكر بحلول جدية، وأن يمتلك أفكارا لتحسين أوضاع البلد، بعيداً عن التبعية للخارج، وأن يرفض أن يكون لبنان خارج الدول والمجتمع العربي”.
ورأى أن “كل الحكومات هي “تصريف أعمال”، لأنه لا رؤية لدى الدولة وكل وزير “عم يقطّع وقت” لتسيير أمور البلد”.