كتبت لارا يزبك في “المركزية”:
كانت زيارة قائد الجيش العماد جوزيف عون الى المنطقة الحدودية البقاعية، لافتة من حيث الشكل والمضمون والتوقيت. ففي ظل عمليات التهريب التي تكسر ظهر الاقتصاد اللبناني، والتي أضاء عليها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومسؤولون اقتصاديون اعتبروها من ابرز أسباب انهيار سعر صرف العملة الوطنية، افتتح قائد الجيش قبل ظهر الخميس، في منطقة البقاع طريق جرود بريتال – بعلبك (طول 22 كلم) التي تصل بين عدد من مراكز فوج الحدود البرية الرابع، وهي مركزا مقيال الحلاني والنبي سباط في جرود بريتال، ومركزا التلاجة وعمشكي في جرود بعلبك.
ووفق قيادة الجيش، تسهّل الطريقُ المفتَتحة انتقالَ العسكريين بين المراكز المذكورة، وضبطَ مناطق حدودية حساسة كانت تُستَعمل سابقًا من قبل الإرهابيين للتنقُّل عبر الحدود الشرقية. كما تساعد المواطنين في الوصول إلى أراضيهم. بعد ذلك، تفقّد قائد الجيش مراكز النبي سباط ومقيال الحلاني والتلاجة حيث التقى العسكريين وهنأهم بمناسبة الأعياد المجيدة متمنّياً لهم ولعائلاتهم عاماً أفضل، وتوجّه إليهم بكلمة قال فيها “زيارتي لكم اليوم تعبيرٌ عن تقديري العميق لكل ما قمتم به خلال العام المنصرم وسط الظروف العصيبة التي يعاني منها وطننا. وجودكم هنا أساسي وضروري، أنتم حافظتم على لبنان وكتبتم التاريخ، وهو سيذكر أنكم حميتموه، لولاكم لما بقي هذا الوطن.” أضاف “الدفاع عن وطننا شرف لنا، وهو دفاع عن العِرض والهوية. نحن نكبر بكم ولبنان يكبر بكم أيضاً. لقد نلتم محبة اللبنانيين وثقتهم كما ثقة المجتمع الدولي، وهي عامل أساسي في استمرارنا عن طريق المساعدات المقدمة من قبل اللبنانيين، مقيمين ومغتربين، والدول الصديقة.” وأكد أن الجيش صامد ومتماسك وقادر على الاستمرار خلافاً لكل الشائعات التي تطاله ومنها أعداد الفارين، مشيراً إلى أن هناك آلافاً من الشباب الذين تقدمو بطلبات تطويع للانخراط في صفوف المؤسسة العسكرية. كما شدد العماد عون على أن القيادة تتابع أوضاع العناصر عن كثب من خلال رؤسائهم التراتبيين، وتسعى بأقصى جهودها إلى تخفيف وطأة الأزمة عنهم عبر تعزيز الطبابة العسكرية وتأمين مساعدات مختلفة، لافتاً إلى أن لبنان سيبقى بوجود الجيش، وأنه لا بد من التحلي بالصبر حتى انجلاء الأزمة… كذلك تفقد العماد عون قيادة فوج الحدود البرية الرابع في بعلبك واطّلع على المهمات العملانية التي ينفذها والتحديات التي يواجهها في سياق مراقبة الحدود وضبطها. وإذ أثنى على جهود ضباط الفوج، اعتبر أنهم ورفاقهم في بقية الوحدات أصحاب مبادرة وإرادة صلبة وإيمان قوي، ودعاهم إلى التمسك بإيمانهم ببلدهم لأنهم جميعاً أبناء مدرسة الصبر والإرادة والإيمان.
بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، فإن هذا التطور الميداني المعطوف الى مواقف “القائد” التي تطمئن الى جاهزية الجيش للقيام بواجبه رغم الضائقة المادية، يدل على ان قرار ضبط الحدود أو تركها سائبة، مرتبط بموقف سياسي لا بالجهوزية الميدانية او اللوجستية. فكما يقفلها الجيش في وجه اي تهديدات ارهابية محتملة، يمكنه بسهولة إقفالها امام التهريب على انواعه، اكان على شكل سلاح او على شكل بضائع وسلع وأموال. ووفق المصادر، تحمل زيارة العماد عون للحدود أبعادا ليس فقط محلية بل دولية ايضا، ذلك ان المجتمع الدولي يشدد راهنا وسيشدد أكثر في المرحلة المقبلة، بعد توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية جنوبا، على ضرورة إقفال الحدود البرية، جنوبا وبقاعا وشمالا، بإحكام، تعزيزا لأمن لبنان من جهة، وقطعا للطريق امام توسّع قدرات الدويلة والنظام السوري، من جهة ثانية..