جاء في “المركزية”:
بعد حقبة جائحة كورونا التي أثّرت سلباً على أكبر الاقتصادات العالمية، بدأ تنظيم النّشاطات السّياحيّة المحلية يستعيد زخمه تدريجيّاً، لا سيما في مواسم الأعياد، حيث كثرت المهرجانات والمعارض في مختلف المناطق. ورغم ذلك، لا يزال لبنان يرزح تحت وطأة أزمته الاقتصاديّة، الأمر الذي يؤخّر مساعي القيمين على القطاع السياحي لإنعاشه وإفادة البلد من إيراداته، تحديداً بالعملة الصعبة.
وعن تداعيات وتأثير الوضع الاقتصادي الرّاهن على تنظيم الأحداث والأنشطة السّياحيّة، تتحدّث المديرة العامّة لشركة هوسبيتاليتي سيرفيسز (Hospitality Services) وعضو مجلس إدارة تجمّع رجال وسيّدات الأعمال اللبنانيي RDCL جومانة دموس سلامة لـ “المركزية”، مشيرةً إلى أن “قطاع تنظيم الأحداث والفعاليّات تلقّى ضربات قويّة ومتتالية في السنوات الماضية، في طليعتها جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة.
اليوم، نلاحظ أن حركة القطاع عامة بدأت بالتحسّن. فالمهرجانات استؤنفت بمحتوى مهمّ ونوعية عالية. كذلك الأمر، تُنظّم سلسلة من الأحداث الخاصة بعيدي الميلاد ورأس السنة، وهي تشهد نجاحات باهرة، وتأتي بانتعاش سياحي وتجديد لافت على الساحة الفنية والإبداعيّة والثقافية اللبنانيّة”.
وتتابع “على مستوى شركتنا الخاص، نحن مثلا في صدد إعادة إطلاق أحداثنا المعتادة بأبعاد جديدة، وكأننا نبدأ من نقطة الصفر… لقد نجحنا مؤخرا على سبيل المثال بتنظيم نسخة جديدة بعد انقطاع لحدث Whiskey Live في بيروت، حيث كان نجاحه بارزا ومحط ترحيب لبناني ودولي. إضافةً إلى ذلك، نحضّر لنسخة جديدة من معرض “أوريكا” نهاية شهر نيسان ٢٠٢٣. الهدف الأساسي من هذا المعرض هو التّرويج للمنتجات اللبنانية، ولعلامة لبنان التّجارية في العالم، كما والترويج كذلك الأمر للابتكارات العديدة التي صدرت خلال السّنوات الثّلاثة الماضية، والتي نتج عنها منتوجات جديدة جاهزة للتصدير، لا سيما في مجال الصّناعات الغذائيّة. نحن نخطو واثقين خطوات العودة رويداً رويداً الى حالة شبه طبيعية. صحيح أن هذا التحدي كبير، لكننا على أتمّ الاستعداد لرفعه وتخطّي كلّ العوائق والصعاب”.
وانطلاقاً من خبرتها في مجال تنظيم النّشاطات السّياحيّة التي تقضي التّعامل مع علامات تجاريّة عالميّة، تكشف سلامة ما تلمّسته من هذه الشّركات لجهة تطلّعاتها تجاه لبنان، وعما إذا كان لديها نوايا أو أنّها منفتحة على الاستثمار السّياحي في البلد رغم الأزمة التي يمرّ فيها، موضحةً أن “العلامات التجارية العالمية تظهر، وللأسف الشديد، نوعاً من عدم الاكتراث حالياً تجاه لبنان. مع العلم أن الكثير منها خرج من السوق المحلّي، وغيرها بقي موجوداً، لا سيما في ظل العلاقات المتميّزة والجهود المبذولة من قبل الوكلاء اللبنانيين طوال سنوات مضت”.
في المقابل، تلفت إلى “أننا نرى أن الصناعة والإنتاج الوطنيين يشهدان مرحلة من النموّ والعزّ والازدهار. وهذا الواقع تعيشه مختلف القطاعات الصناعية، من أغذية وثياب وإنتاجات إبداعيّة وحرفيّة وغيرها. وفي هذا الإطار، يبدي القيمون على القطاعات هذه رغبة واهتماما لتحسين التصدير اللبناني. كذلك الأمر، أظهرت الأزمة مرّة جديدة أنّ اللبنانيين مبهرون فعلاً، إن كان لجهة كيفية تعاملهم مع الأزمات وردود فعلهم عليها، أو لجهة قدرتهم على إعادة اختراع ذاتهم وأعمالهم”.
أما في ما خص الحديث عن حركة سياحيّة واعدة وانتعاشاً في موسم الشّتاء، حيث توقّع وزير السّياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصّار أن تؤدي الحملة السّياحيّة “عيدها عالشتوية” إلى توافد نحو ٧٠٠ ألف سائح خلال فترة شهر ونصف الشّهر، ممّا سيدخل الى البلاد حوالي ١،٥ مليار دولار، توكّد سلامة من جهتها أنه “لا ينبغي الاعتماد فقط على موسمي الصيف والأعياد لضمان استمراريّة القطاع السياحي اللبناني. إنّ الحركة الموسميّة هذه تنعش السوق، وتساهم في إدخال الدولارات والعملة الصعبة إلى البلد، في حين أنّ الاقتصاد المحلي بأشدّ الحاجة إليها. ولكنّه من المهم والملح أيضاً خلق ديناميكية للأشهر الأخرى من السّنة. مهمّة المجلس الوطني للسياحة هي التّرويج للسياحة في لبنان تحت أكثر من زاوية، مع الأخذ في عين الاعتبار عدّة شرائح عمريّة وعدّة مواسم في السّنة وأكثر من مركز اهتمام…”.
وترى أن “التحدي الأساسي للقطاع السياحي يتمثّل بجعل الانتشار اللبناني بمختلف أعماره يعود إلى البلد باستمرار، وفي مختلف المناسبات. في هذا الإطار، لا يجب أن ننسى أن لدى لبنان مقوّمات عديدة يمكن الارتكاز عليها ليعيد بناء نفسه ويتمكن من تأدية دوره”.
وبالنسبة إلى المشاريع التي تحضّرها لجنة التنفيذ والاقتراحات للسياحة ضمن تجمّع رجال وسيّدات الأعمال اللبنانيين RDCL، لمساهمة القطاع الخاص في تنشيط الحركة السّياحيّة، تجيب “إنّ التجمّع في صدد إعداد خطّة طارئة على المديين القصير والمتوسّط للقطاع، طبعاً بالتشاور والتعاون مع مختلف الفاعلين والمؤسسات السياحية. من الضروري تنفيذ هذه الخطّة والاتفاق على رؤية موحّدة، واضحة، ومتناغمة، تسمح بالنهوض بالقطاع واستعادة الثقة بالبلد واقتصاده. وبالتالي، من المهم جدّاً العمل كي يوحي وجه لبنان مجدّداً بالثّقة”.
وتختم “من دون شك، لا يمكن للتجمّع والقطاع الخاص القيام بهذا الدور منفردين. الا أننا على أتم الاستعداد لوضع مواردنا بالتصرف، والمساعدة على تحقيق هذه الأهداف. ويبقى الهدف الأسمى هو ترويج العلامة التجارية اللبنانية، والمساعدة على إعادة رفع قيمتها”.