كتبت نجوى أبي حيدر في “المركزية”:
في حديثه للاعلام على متن طائرة الرئاسة الفرنسية التي نقلته من العاصمة الاردنية الى باريس، اعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون استياءه من الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان وتصرفاتها ، معربا عن شكوكه بـ “طاقة الشعب اللبناني لدفعها الى التغيير”، واكد انه يريد “المساهمة في إيجاد حل سياسي بديل عبر إقامة مشاريع ملموسة وفي الوقت نفسه عدم التساهل مع الطبقة السياسية”، وهو سيتخذ “مبادرات في الأسابيع المقبلة بشأن لبنان”، نافيا “إمكان عقد مؤتمر دولي لاجله” .
ليس في كلام رئيس فرنسا ما يستدعي العجب، فزياراته المتكررة الى لبنان والمواقف التي اطلقها تضمنت كلها تقريعا للمسؤولين، لكنها لم تغير قيد انملة في تصرفاتهم وممارساتهم السياسية، لا بل أكملوا مسار تخريب لبنان،وكأن شيئا لم يكن. واذا كان ثمة من يعوّل اليوم على حديثه عن رغبة بالمساهمة في ايجاد حل سياسي بديل واتخاذ مبادرات في الاسابيع المقبلة بشأن لبنان، فالتعويل لن يلقى سوى مصير ما سبقه من اصطدام بجدار الممانعة الداخلية والتمترس خلف المواقف المتحجرة التي قادت البلاد الى الانهيار، وربما نحو اعلانها دولة فاشلة في وقت غير بعيد.
بالاستناد الى معطيات متجمعة من الداخل والخارج، ليس ما يبشر بالخير، تقول مصادر سياسية في فريق 8 اذار لـ”المركزية”. فتأثير الجانب الفرنسي في ازمة لبنان محدود المفاعيل الى درجة الاضمحلال، لأن الحل والربط محصور بجهات ثلاث لها الكلمة والقرار،هي الولايات المتحدة وايران والمملكة العربية السعودية، وكل ما عداها من دول لا تنتج حلا بما فيها قطر، وإن انتجت، فتسويات عرجاء يدفع اللبنانيون ثمنها.
وتضيف: رئاسيا، لدى فريق 8 اذار خطة “أ” فقط وليس من خطة “ب”. مرشحنا هو سليمان فرنجية وموضوع قائد الجيش جوزف عون لا نبحث فيه. ليس هذا موقفا من القائد وشخصه، انما التزام بترشيح فرنجية. نحن لا نفاوض عليه بل من اجله. من هنا، فالحديث عن تسويات او ما يتصل بالملف الرئاسي ترشيحا، يجري مع فرنجية نفسه وليس مع اي طرف آخر ، فإن هو اقتنع بالانسحاب من حلبة الترشيح نسير معه وان لم يقتنع فلا رجوع عن دعمه.
المصادر تعرب عن اعتقادها ان ملف لبنان ليس مطروحا بالجدية الكافية دوليا، ولن يكون، ما دامت الحرب الاوكرانية- الروسية تتصدر اولويات الدول وقد تراجع بسببها الاهتمام بأهم الملفات ، على غرار المفاوضات النووية الى مرتبة دنيا، فكيف بالحري ملف لبنان. الوضع الداخلي بحزم ازماته سيبقى موضوعا في ثلاجة الانتظار الى حين تبلور تصور ما خارجيا، والا وخلاف ذلك سينتج تسوية ترقيعية يدفع اللبنانيون او يتم تدفيعهم ثمنها، على غرار التسوية التي ادت الى انتخاب الرئيس ميشال عون، وقادت البلاد الى حيث هي من واقع كارثي . وحدها نظرية رئيس مجلس النواب نبيه بري التي طرحها قبل انتخاب عون رئيسا، كفيلة بانقاذ لبنان وقوامها الاتفاق على سلة متكاملة وليس على هوية رئيس فقط.
لا تنظر مصادر فريق 8 اذار بعين الريبة الى لقاء جنبلاط- باسيل اليوم، ولا ترى فيه سوى رغبة جنبلاطية بتسوية قضية رئيس الاركان اللواء امين العرم كون باسيل يشكل رأس الحربة في قضية الافراج عن قرار تمديد تسريحه من خلال توقيع وزير الدفاع موريس سليم . اما اذا كان باسيل يحاول ” التذاكي” على حزب الله ايحاء بانه قد يتحالف مع الاشتراكي ، فزعيم الاشتراكي لا تعنيه من بين كل المكونات السياسية اللبنانية سوى علاقته مع الرئيس نبيه بري، وما تبقى يتبدل ويتغير وفق رياح المصالح الجنبلاطية. تبعا لذلك ، رهان باسيل على جنبلاط ساقط حكما، علما انه يضعه في راس قائمة “الفاسدين” في لوائح اتهاماته، فأين مبدئيته التي يتغنى بها في كل قضية وموقف؟؟؟ تختم المصادر.