في أول تحرك لتشكيل لجنة تحقيق دولية، تقدم نواب في تكتل “الجمهورية القوية” اللبناني، بطلب إلى الأمم المتحدة، لتشكيل لجنة تقصي حقائق دوليّة في انفجار مرفأ بيروت.
نواب في “حزب القوات اللبنانية” التقوا يوم أمس الاثنين، منسقة الأمم المتحدة في لبنان، “نجاة رشدي”، وسلموها عريضة موقعة من تكتل الحزب في البرلمان، تطالب الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش” بتشكيل لجنة تقصي حقائق دوليّة لمعرفة الحقيقة كاملةً، في انفجار المرفأ، وذلك نتيجة لانعدام الثقة في التحقيق المحلي.
وخلال مؤتمر صحفي بحضور أهالي ضحايا انفجار المرفأ، أكد النائب “جورج عقيص” أن “من حقّ اللبنانيين أن يعرفوا الحقيقة، ومن حقّ الضحايا أن تتحقق لنفوسهم العدالة، ومن حقّ المتضررين من الانفجار أن ينالوا التعويض العادل من المجرمين”، مشيرا الى أن “الحقيقة والعدالة والتعويض”، هي الأهداف الثلاثة التي لن يستكين الشعب اللبناني قبل بلوغها.
وأضاف قائلا: “على مدى ستّة أشهر، انتظرنا تقدّماً في التحقيق، ولم نحصد سوى الخيبة والغموض والريبة من سلوك السلطة السياسية برمّتها تجاه هذه الجريمة والتحقيق القضائي الجاري بشأنها”، مشددا على ضرورة توسّل كل الطرق المتاحة من أجل إحقاق الحق وتكريس العدالة، ومشيرا الى أن “أولى تلك الطرق مخاطبة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي من أجل المساعدة على تقصّي الحقائق في جريمة انفجار المرفأ”.
“عقيص” أوضح أن اللجوء إلى الأمم المتحدة هو حق قانوني ودستوري كان يتعيّن على الحكومة اللبنانية أن تلجأ اليه، ولكن في ضوء تخلّفها عن ذلك رأى تكتل “الجمهورية القوية” أن من واجبه التحرك، كما دعا الكتل النيابية ومنظمات المجتمع المدني أن تنضمّ إلى الكتلة في هذه المطالبة، مؤكدا أن هذا المطلب لا يشكّل مساساً بالسيادة اللبنانية، ومعتبرا أن ما يشكّل مساساً بالسيادة، هو ادخال “نيترات الأمونيوم” دون رادعٍ وابقائها مخزّنة في المرفأ من دون حسيبٍ أو رقيب، وتدخّل السياسة بسيادة القانون والقضاء.
وحول رد منسقة الأمم المتحدة، على طلب النواب، قال “عقيص”، إنه “لمسنا منها كلّ تفهم لمضمون مطلبنا الذي نقلنا فيه خشية أكثرية اللبنانيين من حياد التحقيق المحلّي وقدرته على الوصول إلى الحقائق الدامغة وجلب المرتكبين مهما علا شأنهم إلى العدالة دون ضغطٍ أو اكراهٍ معنوي”.
“عقيص”، وهو قاض سابق، شدد على أن “هذه العريضة ليست للتعبير على عدم الثقة بالقضاء اللبناني بقدر ما هي تعبير عن عدم الثقة بالسلطة السياسية اللبنانية”، مضيفا: “حتى يصبح القضاء مستقلا ومستندا إلى القانون الذي يكرس استقلاليته ويحميها، علينا أن نعمل بجهد للمطالبة بتحقيق دولي”.
ولم تعلق الأمم المتحدة على الفور على هذه العريضة والمسار القانوني الذي من المتوقع أن تسلكه في أروقة المؤسسة، أو امكانية تشكيل هذه لجنة التحقيق الدولية من عدمه.
خطوة “القوات اللبنانية” تأتي بعد ستة أشهر على وقوع الانفجار من دون أن يعلن أي نتائج من التحقيقات التي دخل على خطّها الضغوط السياسية، وأدت إلى تنحية المحقق العدلي “قاضي تحقيق” وتعيين محقق آخر يوم الخميس الماضي.
وبحسب مصادر لبنانية، فقد تبيّن بعد وقوع الانفجار أن مسؤولين سابقين وحاليين من الجمارك وإدارة المرفأ والحكومة، كانوا على علم بمخاطر تخزين كميات هائلة من “نيترات الأمونيوم” في المرفأ، وهي المادة التي تسببت في الانفجار.
هذه المعطيات دفعت المحقق العدلي السابق لطلب مثول رئيس حكومة تصريف الأعمال “حسان دياب” وثلاثة الوزراء السابقين، وهم وزيرا الأشغال السابقان “غازي زعيتر” و”يوسف فنيانوس” ووزير المالية السابق “علي حسان خليل”، بتهمة “الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة وجرح مئات الأشخاص.
لكن عاد صوان وأعلن الشهر الماضي تعليق التحقيقات بعدما طلب “زعيتر” و”خليل” نقل الدعوى إلى قاض آخر، لاتهامه القاضي بخرق الدستور لأنهما يتمتعان بحصانة دستورية ويفترض أن تمرّ ملاحقتهم قضائيا، بمجلس النواب أولا، وهو ما لم يحدث.
يشار الى أن محكمة التمييز الجزائية، قررت الخميس الماضي، استبعاد المحقق العدلي القاضي “فادي صوان” من التحقيقات في قضية انفجار مرفأ بيروت.