عقب توقيع معاهدة لوزان سنة 1923، تخلى الأتراك عن جانب من بنود معاهدة سيفر لعام 1920 التي تعهدوا من خلالها، بعد هزيمتهم بالحرب العالمية الأولى، بضمان حق تقرير المصير للأكراد وإقامة وطن مستقل لهم.
انطلاقاً من ذلك، شهدت السنوات التالية العديد من النزاعات بين السلطات التركية والأكراد، حيث رفض هؤلاء سياسة التتريك التي مارسها نظام مصطفى كمال أتاتورك في حقهم لطمس هويتهم.
وعقب نهاية ثورة الشيخ سعيد بيران، واصلت السلطات التركية أثناء شهر أيلول/سبتمبر 1925 سياسة تتريك الأكراد، فسعت لتغيير تنظيمهم الجغرافي أملا في تجنّب ثورات واضطرابات مستقبلية.
وعمدت عن طريق ما سمّته "خطة الإصلاح بالشرق" لتهجير رجال الدين والأرستقراطيين الأكراد قسرا نحو مناطق أخرى من تركيا، ومررت خلال شهر تموز/يوليو 1927 قانونا آخر وسّع عمليات التهجير التي طالت مزيدا من شرائح المجتمع الكردي.
وبالخارج، نظّم العديد من المناضلين الأكراد المتواجدين بلبنان والعراق وسوريا حركات مقاومة ضد الأتراك وأعلنوا خلال شهر تشرين الثاني/أكتوبر 1927 عن نشأة منظمة Xoybûn التي أخذت على عاتقها مهمة الدفاع عن حقوق الشعب الكردي وتطلعاته وجعلوا من إحسان نوري (Ihsan Nuri)، الذي عمل سابقا بالجيش العثماني، جنرالا وأرسلوه برفقة نحو 20 من رفاقه لمنطقة أرضروم.
وقد أسس هؤلاء صحيفة أغري (Aigrî) وأعلنوا عن نشأة جمهورية أرارات (Republic of Ararat) الكردية واتخذوا من قرية كوردافا (Kurdava) القريبة من جبل أرارات عاصمة مؤقتة لهم وطالبوا المجتمع الدولي بمساندتهم للحصول على حقوقهم.
وبعد جملة من المحاولات لإنهاء الخلاف بين الطرفين، اجتمع الرئيس التركي، مصطفى كمال أتاتورك، أواخر العام 1929 بوزرائه وعدد من قادة الجيش ليعلن قرارا نهائيا تضمّن عملية عسكرية ضد الأكراد بجبل أرارات وعدد من النقاط والأهداف الرئيسية، كطرد الأكراد من بعض قراهم وإجبارهم على القبول بالتهجير نحو غرب تركيا أو طردهم نحو إيران وإنشاء نقاط للجيش قرب جبل أرارات والمناطق الكردية الحساسة. كما وقع الاختيار على أواخر شهر حزيران/يونيو 1930 لبدء العملية العسكرية وكلّف الفيلق التاسع بمهمة إنجاحها.
وخلال شهر آذار/مارس 1930، عيّن الجنرال التركي صاليح أومورتاك (Salih Omurtak) قائدا للفيلق التاسع لتنطلق العمليات العسكرية بعد نحو 3 أشهر بحلول يوم 11 حزيران/يونيو 1930. وفي الأثناء، لقي نداء منظمة Xoybûn ودعوتها لتوحد جميع الأكراد في وجه الأتراك ترحيبا وإقبالا واسعا، حيث عبر المئات من الأكراد الحدود الإيرانية التركية (قادمين من إيران) وشنوا حملات على خطوط تلغراف الجيش التركي بين جالديران ودوغبايزيد كما أغار آخرون على عدد من مراكز الأمن التركية.
ومطلع شهر تموز/يوليو 1930، تحدّث الجنرال التركي صاليح أومورتاك عن وجود مئات المقاتلين الأكراد قرب منطقة باتنوس شمال نهر فان كما أكد على تحصّنهم قرب القرى الكردية هنالك.
وقد حشد الأتراك الفيلق التاسع ودعموه بنحو 80 طائرة حربية ليبدؤوا عمليتهم العسكرية ضد الأكراد والتي انتهت بالقضاء على جمهورية أرارات. وفي خضم هذه الأحداث، عرفت الحملة على جمهورية أرارات والمسلحين الأكراد مذبحة أسفرت عن سقوط آلاف القتلى. فما بين يومي 12 و13 تموز/يوليو 1930، أقدم الجنود الأتراك على إبادة الآلاف من سكان القرى الكردية عند منطقة وادي زيلان (Zilan) بعد اتهامهم بالخيانة والتخابر.
واختلفت المصادر حول عدد القتلى، فنقلت جريدة جمهوريات (Cumhuriyet) التركية في عددها الصادر يوم 16 تموز/يوليو 1930 أن عدد القتلى يقارب 15 ألفاً بزيلان وأن المنطقة تعج بالجثث المتناثرة، بينما تحدّثت مصادر ألمانية خلال الفترة التالية عن تدمير الأتراك لما يقارب 200 قرية كردية وقتلهم لحوالي 4500 من سكانها، كان من ضمنهم عدد كبير من النساء والأطفال والشيوخ.
وقد نقل بعض الناجين من هذه المأساة شهادات فظيعة عن المذبحة التي ارتكبتها القوات التركية بزيلان فتحدّثوا عن استخدام الأتراك للرشاشات وحراب البنادق أثناء عمليات إعدام الأكراد، وقيامهم ببقر بطون العديد من بطون النساء الحوامل.