كتبت عزة الحاج حسن في "المدن": أعلنت الدولة اللبنانية رسمياً تعثرها عن سداد دينها (استحقاق اليوروبوندز)، وصلت إلى نقطة النهاية الطبيعية لمسيرة حافلة بالهدر والفساد والسياسات غير الناجعة وفشل إدارة موارد الدولة... إعلان التعثر ربما يبقى أخف وطأة من استخدام ما تبقى من احتياطات العملات الأجنبية المتضائل في سداد الاستحقاقات بدلاً من تمويل الاستيراد.
الهيكلة وصندوق النقد
أما إعادة هيكلة الدين فتشمل عملية متكاملة من الإجراءات التقشفية والإصلاحية، وتتضمن شطباً لجزء من الديون أو ما يُعرف بـ haircut على الديون. وغالباً تمر عملية إعادة هيكلة الدين بمسار معقّد من المفاوضات والنقاشات مع الدائنين. وتُعد إحدى المسارات المحفّزة لصندوق النقد الدولي. من هنا تربط غالبية المؤسسات الدولية مسألة هيكلة الدين العام باللجوء إلى برنامج لصندوق النقد الدولي، ومن بين تلك المؤسسات ميريل لينش، التي ترى أن لا مخرج للأزمة المالية سوى بالاستعانة ببرنامج لصندوق النقد، في سياق هيكلة الدين العام. كذلك وكالة فيتش تربط بين إعادة هيكلة الدين وحصول لبنان على تمويل من صندوق النقد.
وفي حين يحذّر خبراء من عملية شطب جزء من الديون، باعتبارها ستُضعف رأسمال المصارف، وبالتالي ستقلّص قدرتها على التمويل والتسليف، يشدد آخرون على أهمية إعادة هيكلة الدين العام، مع ضرورة أن يترافق مع سياسات مالية غير تقشفية، تجنباً لتزايد حدّة الإنكماش وسياسات اقتصادية إنتاجية وأخرى اجتماعية.
نموذجا اليونان وقبرص
ومن المُحتمل أن يشكّل الـhaircut على الودائع جزءاً من الإجراءات المُعتمدة في إطار إعادة هيكلة الديون، على غرار التجربة القبرصية، التي اقتطعت نسبة عالية جداً بلغت 74 في المئة من الودائع التي تفوق 100 ألف دولار. لكن لهذه التجربة مخاطرها ما لم تتم بشكل تراعي فيه أحجام الودائع، تجنباً لتأزم اجتماعي. غير أن هذا الخيار يبقى "حلماً" لدى الشريحة الأكبر في لبنان، لاسيما أن كبرى الودائع أو ما يفوق 50 في المئة من الثروات في لبنان تتركّز بيد قلّة لا تزيد عن 1 في المئة من المودعين.
المصدر: لبنان 24