كما توقع المتوقعون، فقد حكموا في نيويورك أمس الأربعاء، بالسجن المؤبد على المعروف بلقب El Chapo أو "القصير" البالغ الطول 168 سنتيمترا، وهو "بارون" المخدرات المكسيكي، خواكين غوسمان، الأب لثمانية أبناء من 3 نساء تزوجهن وفرّق الطلاق بينه وبينهن على مراحل. كما أضافوا عقوبة ثانية من 30 سنة يقضيها أيضا وراء القضبان، مع غرامة من 12 مليارا و600 مليون دولار ملزم بدفعها أو المتيسّر منها، فيما لو وجدوا باسمه أملاكا وأرصدة هنا وهناك. إلا أن البالغ 62 سنة، سيقضي بقية حياته في سجن شهير، يصعب أن يهرب منه أحد، وفيه "نزلاء" عرب وأجانب من مشاهير الإجرام والإرهاب.
وكانت هيئة محلفين ببروكلين، وجدت Joaquín Guzmán مذنبا في فبراير الماضي بعشر تهم، بعد محاكمة استمرت 11 أسبوعا، وأتت "العربية.نت" على خبرها في تقرير سابق، ورد فيه أن جلساتها تداولت بأخطر ما أدمن عليه حين كان بين 1989 إلى 2014 أبرز زعماء العصابات بالمكسيك، وهو تهريبه لأطنان من الكوكايين والهيرويين إلى الولايات المتحدة، والتخطيط لارتكاب جرائم قتل فيها، كما لامتلاكه أسلحة غير قانونية والإمعان في غسيل الأموال، إلى درجة أصبح معها أكبر تاجر مخدرات تهريبا إلى أميركا، حتى إنه احتل المرتبة 701 في لائحة بأغنياء العالم، نشرتها مجلة Forbes الأميركية، لامتلاكه مليار دولار.
"مسؤول عن مقتل 26 شخصا على الأقل"
محاكمة فبراير الماضي كانت خاطفة إعلاميا للأضواء، ففيها شهد ضده كثيرون، بعضهم مقربون ذكروا أنه كان يأمر بتخدير فتيات قاصرات، بالكاد عمر الواحدة 13 سنة، قبل أن يقدم على اغتصابهن، وأنه اعتاد على استخدام قتلة محترفين لتنفيذ جرائم قتل وخطف وتعذيب ضد منافسيه. وفي إحدى الجلسات ظهر كولومبي اسمه Alex Cifuentes كان يعمل معه سابقا بتهريب المخدرات، فشهد أن رئيس المكسيك السابق، إنريكي بينيا نييتو، اتصل حين تولى منصبه في 2012 بغوسمان "وطلب منه 250 مليون دولار مقابل إنهاء مطاردته، لكنهما اتفقا على 100 دفعها غوسمان لنييتو" الذي لم يعلق على الموضوع.
مما ظهر أيضا خلال المحاكمة التي حضرت معظم جلساتها زوجة غوسمان، وهي مكسيكية الأصل ملكة جمال للمراهقات سابقة، وولدت باسم Emma Coronel قبل 30 سنة في الولايات المتحدة، أنه استخدم برنامجاً على هاتفه ليتجسس عليها وعلى عشيقاته، من دون أن يدري أن FBI كان يتعقب رسائله النصية، ومنها واحدة روى فيها لزوجته كيف هرب من فيلا خلال عملية مطاردة قبل أن يطلب منها إحضار ملابس جديدة له وأحذية، ثم قام ممثل عن "أف بي آي" بتقديم نسخ عن الرسائل للمحكمة التي استمعت أيضا الى تفاصيل هروبه في منتصف 2015 من سجن شديد الحراسة بالمكسيك، وغطت "العربية.نت" خبره أيضا، وكيف اشترى أولاده ممتلكات قرب السجن لحفر نفق عبر إليه من زنزانته، ومن بابه الآخر خارج السجن، لاذ "البارون" في عملية فرار مذهلة.
ذلك الفرار كان قصير العمر، بعكس أول هروب له في 2001 من سجن Puente Grande الشديد الحراسة أيضا بالمكسيك، فقد استمر 13 سنة. أما الثاني فدام 6 أشهر، وانتهى باعتقاله في يناير 2016 وتسليمه بعد عام الى الولايات المتحدة لتشفي منه غليلها، لكثرة ما أغرق أسواقها بأخطر مخدرات. إلا أن زعيم عصابة Sinaloa لتجارة المخدرات، البالغ 62 سنة "المسؤول أيضا عن مقتل 26 شخصا على الأقل" وفق ما أثبته المدعي الفيدرالي في بروكلين Richard Donoghue بمرافعته الختامية في جلسة النطق بالحكم أمس، نسي ذلك كله، ورغب بأن يلقي ما يشبه المحاضرة.
قال عبر مترجم فوري من الإسبانية، بحسب ما بثت الوكالات، إن ظروف سجنه كانت عذابا ذهنيا له "تعذيب نفسي وعاطفي وعقلي على مدار الساعة" وحاول أن يظهر كأستاذ جامعي أو دبلوماسي، فقال: "نظرا إلى أن حكومة الولايات المتحدة سترسلني إلى سجن لن يظهر اسمي منه أبدا بعد الآن، فإني أغتنم هذه الفرصة لأعلن أن محاكمتي لم تكن عادلة" ثم رغب أن يضيف للقاضي Brian Cogan رأيه بالولايات المتحدة أيضا، فقال إن نظامها القضائي فاسد، وهي ليست أفضل من أي بلد فاسد آخر.
ولم يذكر "إل شابو" القادر على الاستئناف في مهلة لا تتعدى 14 يوما، اسم السجن الذي ذكر أن الحكومة الأميركية سترسله إليه ليقضي فيه بقية حياته، وتبث "العربية.نت" عنه فيديو أعلاه، إلا أن موقع Univion المعروفة كشبكة تلفزيونية أميركية بالإسبانية، ذكر أن السجن الشديد الحراسة بكل ما تعنيه الكلمة، هو ADX Florence بولاية كولورادو، النازل فيه عدد من مشاهير الإرهاب، ممن نعرفهم، ومنهم زكريا موسوي، الفرنسي من أصل مغربي، لارتباطه بهجمات 11 سبتمبر 2001 بواشنطن ونيويورك. كما فيه رمزي يوسف، أحد المنفذين في 1993 لتفجير مركز التجارة العالمي بنيويورك.
في السجن أيضا جوهر تسارناييف الذي نفذ مع أخيه تامرلان تفجيرين متتاليين في منتصف أبريل 2013 بمدينة بوسطن الأميركية، وفيه ريتشارد ريد، المعروف بلقب "صاحب الحذاء الناسف" إشارة إلى انتعاله حذاء مفخخا حاول استخدامه لتفجير طائرة تابعة لشركة "أميركان إيرلاينز" كانت في ديسمبر 2001 متوجهة من باريس إلى ميامي، فاعتقلوه قبل تحقيق نواياه وحكموا عليه بالسجن 110 سنوات. كما فيه مع "إل شابو" واحد من أوائل الإرهابيين، وهو تيري نيكولز، المنفذ في 1995 لتفجير أوكلاهوما الذي أودى بحياة 168 وجرح وشوّه المئات.. هؤلاء وغيرهم من مشاهير الإجرام هم زملاء "بارون المخدرات" بسجن سيحتفل في نوفمبر المقبل بمرور 25 سنة على افتتاحه، وخلالها لم يهرب منه أحد، إلا بالمنام.