يتجه الاستثمار بشكل عام إلى الاقتصادات التي تجذبه، حيث تدفع مزايا كثيرة المستثمرين إلى استثمار أموالهم ببلد معين دون غيره.
ويتوقف تراجع الحافز لدى المستثمرين على عوائق واجهت مشاريعهم، فحالت إلى هروبهم من البلد.
وفي العراق، فإن تلك العوائق تكمن بعدم الاستقرار السياسي والأمني في البلاد.
نتيجة ذلك، فقد الكثير من المستثمرين العراقيين أعمالهم واستثماراتهم، خصوصا الأكراد منهم، والعاملين في جنوب ووسط البلاد، إثر تسلط الأحزاب العراقية على مفاصل الاستثمار في العراق، عن طريق جلب مستثمرين موالين لإيران أو ميليشيا الحشد الشعبي في العاصمة بغداد، والمحافظات الجنوبية والشمالية، منها محافظة الموصل، وصلاح الدين اللتين خرجتا مدمرتين بشكل شبه كامل نتيجة المعارك التي دارت أثناء تحريرهما من سيطرة تنظيم داعش.
"تهديدات متنفذين"
في التفاصيل، تلقى المستثمرون تهديدات من قبل جماعات مسلحة أو متنفذين موالين لإيران في العراق أخذت منهم مواقعهم الاستثمارية التي تعاقدوا عليها مع الدولة، وأعطيت لآخرين.
من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي بدر الفحل لـ"العربية نت" أن "الاستثمار يأتي مع الأمن، فكلما ما توّفر الأمن كبر حجم الاستثمار".
وأوضح أنه منذ العام 2003 لم يكن الأمن في العراق موجودا، وعليه لم يكن هناك استثمار بشكل حقيقي على العكس من مدن إقليم كردستان التي يتوفر فيها الأمن بشكل كبير"، بحسب تعبيره.
كذلك أضاف الفحل أن وجود جماعات مسلحة تتبع للقاعدة وداعش وغيرهم من التنظيمات أثرت بشكل حقيقي على الاستثمار، مشيرا إلى أن الأحزاب تعتاش على الاستثمار بعد تعيين شخصيات في وزارات معينة ومدراء عامين، أما الواردات فتأتي لدعم الأحزاب والكتل، وتفرض على المستثمرين أرباحا طائلة تدفع نسبة قبل توقيع العقد، كل هذا ضمن الفساد الإداري والمالي الذي عم البلاد نتيجة لكثرة الأحزاب السياسية.
أيضا نوّه الفحل إلى أن شيئين مهمين يطردان الاستثمار والمستثمرين هما الفساد والأمن، بحسب قوله.
من جانب آخر، أكد المهندس جاسم ممتاز عضو مجلس محافظة صلاح الدين ورئيس لجنة الاستثمار في المحافظة لـ"العربية نت" قائلا: "إننا في العراق نعيش خللا كبيرا في موضوع الاستثمار، ونعاني من الفساد الإداري والمالي، كم أننا نفتقد للخارطة الاستثمارية المعلنة لكل المحافظات، ويجب أن تكون هناك تسهيلات من الدولة للمستثمرين سواء كانوا عراقيين، أو أجانب، نحن نريد أن يتوجه المستثمرون للمحافظات المدمرة كي يساهموا بإعمارها بشكل سريع ولائق".
أما عبدالرحمن البرزنجي وهو مستثمر عراقي فقد أشار لـ "العربية نت" أنه كمستثمر عراقي قدم مخططاته الاستثمارية على الأرض المحيطة بمطار بغداد الدولي، ودفع مبالغ مالية كبيرة منذ أعوام، إلا أن العمل سحب منه وأعطي لأشخاص موالين لإيران، وطردت شركاته من الأرض التي استثمرها ودفع فيها ملايين الدولارات، كما تم تسليمها إلى شخص معروف بارتباطه بطهران والحرس الثوري الإيراني، على حد قوله.
هروب المستثمرين من البلد
وأضاف البرزنجي أن المستثمرين العراقيين سيهربون من الاستثمار في العراق نتيجة لتسلط الأحزاب والميليشيات المسلحة، وكذلك تحويل الأماكن التي يعمل بها المستثمرون إلى آخرين موالين لإيران كي تدر عليهم أرباحا بملايين الدولارات تمول أنشطة إيران التخريبية في الشرق الأوسط.
وأكد فؤاد شيخ حسين لـ"العربية نت" وهو مستثمر عراقي آخر، أنه استثمر في محافظة البصرة مبلغ 19مليار دينار عراقي، وسحبت منه رخصة العمل وأعطيت لأشخاص متنفذين في الدولة العراقية لديهم ولاءات لفصائل مسلحة تابعة للنظام الإيراني، والسبب في ذلك أن شركته مسجلة في مدينة السليمانية وليس في العاصمة بغداد، متسائلا: "وهل السليمانية مدينة في بلد آخر أم مدينة عراقية تحت سلطة الدولة؟".