كيف أدّت أزمة أميركية سوفيتية لإنشاء وكالة الفضاء ناسا؟

مع نهاية الحرب العالمية الثانية سنة 1945 وهزيمة دول المحور، اتجه العالم نحو نزاع جديد بين حلفاء الأمس، عرف بالحرب الباردة، ووضع وجها لوجه أهم قوتين عالميتين المتمثلتين في الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفيتي.

وعلى مدار سنوات عديدة، تسابقت هاتان الدولتان للحصول على المزيد من الأسلحة المتطورة، وإثبات تفوقهما التكنولوجي، وزيادة نفوذهما بالعالم، لكن في حدود أواخر الخمسينات، اتخذ هذا الصراع منحى جديدا عقب تحوّل الفضاء لساحة حرب باردة بين الطرفين.

موضوع يهمك
?

حقق الذكاء الصناعي انتصارا كبيرا في المعركة ضد تطبيق Deep Fake أو "التزييف العميق"، وتم وضع حد للمخاوف التي أثارها...
خوارزمية جديدة تكشف فبركة مقاطع الفيديو بـ" صورة الوجه" تكنولوجيا

مطلع خمسينات القرن الماضي، هيمنت الولايات المتحدة الأميركية على مجريات الحرب الباردة، فبفضل مهمات التجسس التي قادتها طائرات لوكهيد يو-2 (Lockheed U-2)، تيقن الأميركيون من تفوقهم النووي؛ لكن بداية من العام 1955، أجروا جملة من الدراسات السرية، التي نبّهت لقيام السوفيت بتدريب أعداد كبيرة من العلماء سنويا مقارنة بالولايات المتحدة الأميركية.

صورة للطائرة الأميركية لوكهيد يو 2
صدمة سبوتنيك 1

وفي يوم 4 تشرين الأول/أكتوبر 1957، تمكن السوفيت من إطلاق أول قمر صناعي، والمعروف بسبوتنيك 1 (Sputnik 1)، نحو الفضاء عن طريق الصاروخ العابر للقارات R-7، وقد جاءت هذه السابقة الفريدة من نوعها في تاريخ البشرية لتثير ذهول الأميركيين، الذين توقعوا بأن تكون بلادهم سبّاقة في هذا المجال.

في هذه الأثناء، يصنّف سبوتنيك 1 كأول شيء من صنع البشر يوضع في مدار الأرض، وقد وقعت عملية إطلاقه وقْع الصدمة على الإدارة الأميركية، حيث آمن أغلب الأميركيين حينها بضرورة هيمنة بلادهم على عمليات اكتشاف الفضاء وتفوقها على الاتحاد السوفيتي في هذا المجال، فضلا عن ذلك، جاء نجاح إطلاق سبوتنيك 1 نحو الفضاء ليثير قلق الخبراء العسكريين الأميركيين، الذين بات جليا لديهم امتلاك السوفيت لتكنولوجيا صواريخ باليستية متطورة وذات مدى بعيد، قادرة على حمل رؤوس نووية وبلوغ أوروبا الغربية وشمال القارة الأميركية.

وتزامنا مع ذلك، لعبت وسائل الإعلام الأميركية دورا هاما في إثارة حالة من الذعر والهستيريا لدى المواطنين الأميركيين، فتحدّثت عن خطر سبوتنيك 1 على البلاد ومنافعه للسوفيت، فضلا عن ذلك، نقل أتباع برامج الخيال العلمي قصصا غريبة عن هذا القمر الصناعي السوفيتي، كما قدّم الروائي والمخترع البريطاني آرثر سي كلارك تصريحات أكّد من خلالها على تحوّل الاتحاد السوفيتي للقوة العالمية الأولى، وتفوقه تكنولوجيا على الولايات المتحدة الأميركية لحظة إطلاقه لسبوتنيك 1، أيضا، اتجه المسؤولون السوفيت لزيادة الضغط على الأميركيين، وإثارة الشكوك لديهم، فرفضوا على مدار 5 أيام تقديم صور للقمر الصناعي، ليظل شكله طيلة تلك الفترة لغزا محيرا لدى العلماء الأميركيين.

صورة للصاروخ السوفيتي R7
صورة لسبوتنيك 1
تهدئة ومحاولة فاشلة

بعد مضي نحو 5 أيام على إطلاق سبوتنيك1، ألقى الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور (Dwight D. Eisenhower) خطابا لتهدئة الرأي، أكّد من خلاله أن القمر الصناعي السوفيتي مخصص لأغراض علمية، نافيا إمكانية استخدامه لأغراض عسكرية، ومعللا تحليله بالحجم الضئيل لسبوتنيك1، الذي قدّر وزنه بحوالي 184 كلغ، وبالتزامن مع ما عرف بصدمة سبوتنيك، عبّر الكونغرس الأميركي عن قلقه الشديد من التفوق التكنولوجي السوفيتي وتأخر الولايات المتحدة الأميركية في سباق غزو الفضاء.

خلال شهر كانون الأول/ديسمبر 1957، عاش الأميركيون على وقع صدمة حقيقية، عقب مشاهدتهم لفشل عملية إطلاق أول أقمارهم الصناعية نحو الفضاء، حيث انفجر الصاروخ الأميركي فانغارد (Vanguard) عند مستوى منصة الانطلاق، لكن بحلول أواخر شهر كانون الأول/ديسمبر 1958، حقق الأميركيون سابقة في تاريخهم تزامنا مع نجاحهم في إطلاق القمر الصناعي إكسبلورر1 (Explorer1)، الذي عمل عليه المهندس والعالم الألماني فيرنر فان براون (Wernher von Braun).

صورة للمهندس الألماني الأصل فيرنر فون براون
صورة للروائي والمخترع البريطاني آرثر سي كلارك
ظهور ناسا

وفي يوم 29 تموز/يوليو 1958، وقّع الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور على قانون الطيران والفضاء الوطني، ليوافق بذلك على إنشاء الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء والمعروفة بناسا (NASA)، وقد جاءت الأخيرة لتحل محل اللجنة الاستشارية الوطنية للملاحة الجوية (NACA)، التي ظهرت سنة 1915، لتستقطب بذلك ناسا العاملين بهذه الوكالة السابقة، وتحصل على تمويل سنوي قدّر بحوالي 100 مليون دولار.

وخلال السنوات التالية، ساهمت ناسا في قيادة العديد من الإنجازات الخالدة، ولعل أبرزها برنامج أبولو والذي تمكن خلال رحلة أبولو 11 عام 1969 من قيادة أول هبوط للبشر على سطح القمر.

صورة للرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور
صورة لجانب من الصواريخ السوفيتية خلال استعراض عسكري سنة 1960
صورة للأميركي نيل أرمسترونغ أول انسان يخطو على سطح القمر
صورة لفيرنر فون براون قرب أحد الصواريخ
صورة لعملية إطلاق القمر الصناعي إكسبلورر1 على متن الصاروخ جونو
صورة لأحد الصواريخ السوفيتية خلال خمسينيات القرن الماضي
صورة لانفجار الصاروخ فانغارد
طابع بريدي سوفيتي يجسد سبوتنيك 1 وهو يدور حول الأرض

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى