تشكّل فوج المشاة 15 التابع للحرس الوطني الأميركي بنيويورك مطلع شهر حزيران/يونيو 1913 وقد احتوى هذا الفوج على جنود من أصول إفريقية-أميركية وبورتوريكية-أميركية تم تنظيمهم وتسليحهم بنيويورك يوم 29 حزيران/يونيو 1916 قبل أن توجه لهم الدعوة للالتحاق بالجيش الأميركي، تزامناً مع دخول الولايات المتحدة الأميركية الحرب العالمية الأولى إلى جانب كل من فرنسا وبريطانيا.
وخلال فترة وجيزة، تم إعداد هذا الفوج للمشاركة بالمعارك على الساحة الأوروبية لينقلوا بحلول شهر كانون الأول/ديسمبر 1917 نحو فرنسا استعدادا لإرسالهم نحو الجبهة. ومع مطلع شهر آذار/مارس 1918، غيّر المسؤولون اسم هذه الفرقة المسلحة ليحصل أفرادها بناء على ذلك على لقب جنود فوج المشاة رقم 369 وهو ما مثّل إهانة لهؤلاء الجنود الأفارقة-الأميركيين، حيث اعتبرت حينها الأفواج التي حصلت على أرقام أعلى من الرقم 200 أفواجا بجيش الاحتياط.
عقب إرسالهم لفرنسا، عمل جنود الفوج 369 تحت إمرة الكولونيل وليام هايوارد (William Hayward) وعلى الرغم من لون بشرته الأبيض عامل الأخير جنوده بشكل لائق وشجّعهم على إنجاز جميع المهام التي أوكلت إليهم. وفي غضون ذلك، عانى جنود الفوج 369 من سياسة التمييز العنصري. فبسبب إيمانهم بقدرة على البيض على القتال بشكل أفضل من الأفارقة، رفض القادة العسكريون الأميركيون إرسال جنود الفوج 369 نحو الجبهة وأوكلوا لهم مهام أخرى اقتصرت غالباً على نقل المؤن والعتاد العسكري بالخطوط الخلفية.
وخلال شهر نيسان/أبريل 1918، منح الجنرال الأميركي جون بيرشينغ (John J. Pershing) فوج المشاة 369 فرصة للقتال على الجبهة حيث أمر الأخير، بسبب سياسة التمييز العنصري حينها، بإرسال جنود هذه الفرقة للعمل ضمن القوات الفرنسية التي رحّبت بقدوم هؤلاء الأميركيين-الأفارقة.
ومع انضمامهم للجيش الفرنسي، حصل هؤلاء الجنود الأميركيون-الأفارقة على تجهيزات عسكرية فرنسية متطورة حيث تم تزويدهم بالبندقيات برتييه (Berthier rifles) وخوذات أدريان (Adrian helmet) قبل أن يرسلوا للعمل بالخنادق.
وخلال شهر أيار/مايو 1918، عرفت هذه الفرقة الأميركية-الإفريقية حدثا تاريخيا هاما، فعلى مدار ساعات قاوم الجنديان هنري جونسون (Henry Johnson) ونيدهام روبرت (Needham Roberts) لصدّ تسلل ليلي قاده عشرات الجنود عند موقعهما، وتمكنا من قتل العديد منهم قبل وصول الدعم. وأثناء الفترة التالية، تناقلت الصحف الفرنسية خبر هذا العمل البطولي ليحصل بذلك هذان الجنديان ذوي الأصول الإفريقية على وسام صليب الحرب المصنّف كواحد من أهم وأعلى الأوسمة الفرنسية.
ولم تتوقف بطولات هذه الفرقة الأميركية-الإفريقية التي قاتلت بالجيش الفرنسي عند هذا الحد حيث شارك هؤلاء بمعركة غابة أرجون ما بين شهري أيلول/سبتمبر وتشرين الثاني/نوفمبر 1918، وانتزعوا مدينة من قبضة الألمان، كما سيطروا على تقاطع سكك حديدية حيوي اعتمده الجيش الألماني لنقل الإمدادات. ومع تواصل تراجع الألمان، تقدم هؤلاء الجنود ذوي الأصول الإفريقية وساندوا الفرنسيين في إخضاع مزيد من الأراضي وكسبوا لقب أول فرقة من الحلفاء تبلغ الراين في حدود منتصف شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1918.
وعلى مدار فترة تواجدهم على الساحة الأوروبية، قضى جنود فوج المشاة 369 السابق 191 يوما على الجبهة، متخطين بذلك جميع أفواج المشاة الأميركية الأخرى التي شاركت بالحرب العالمية الأولى، كما أكّد الفرنسيون على عدم خسارة هؤلاء الجنود ذوي الأصول الأفريقية لأي متر من الأراضي وعدم وقوع أسرى منهم لدى الألمان. وبفضل كل هذه البطولات، لقّب الفرنسيون هؤلاء الجنود بالجنود البرونزيين بينما لقّبهم الألمان بلقب Harlem Hellfighters.
وساهمت شجاعة جنود فوج المشاة 369 في تغيير نظرة الرأي العام الأميركي حول مشاركة الأفارقة-الأميركيين بمجهودات الحرب ليتم بفضل ذلك منحهم دورا أكبر بالجيش الأميركي خلال العقود التالية.