العربية.نت بحي مدبر تفجيرات تونس.. كيف تحول لداعشي؟

في حيّ ابن خلدون غرب العاصمة تونس، وداخل منزل بسيط، نشأ وترعرع الإرهابي أيمن السميري العقل المدبر لتفجيرين انتحاريين هزّا تونس، الأسبوع الماضي، في عائلة فقيرة حتى سن 23 سنة، عندما قرر إنهاء حياته بتفجير نفسه بحزام ناسف، بعد محاصرته من طرف قوات الأمن.

وداخل هذا البيت المتواضع الذي أصبح يعرف بين سكان الحيّ بـ"بيت الانتحاري"، أغلقت عائلة السميري الأبواب على نفسها ورفضت التواصل مع أيّ كان، بعد أن أصبحت محور أحاديث الناس، منذ أن نشرت السلطات صور ابنها وطلبت من المواطنين التبليغ عن هذا "الإرهابي الخطير"، لتورطه في عمليات إرهابية.

ظروف اجتماعية قاسية

وعاش الانتحاري أيمن السميري، في ظروف صعبة وحياة من الفقر، وكذلك في جوّ من الخلافات الزوجية بين والديه، وهو الابن الأكبر لأسرة تتكوّن إضافة إلى الأم والأب، من ولدين أصغرهما يبلغ من العمر 11 سنة، انقطع عن الدراسة في سن مبكرة، حسب ما نقله بعض جيرانه للعربية نت.

وتقول نهلة صديقة والدته، إن السميري ينتمي إلى عائلة فقيرة جدا، تعاني الكثير من المشكلات، حيث تعمل أمه في تنظيف المنازل للإنفاق عليه وشقيقيه، بينما والده الذي يعمل بائعا للسمك، فهو شخص غير مسؤول ومدمن على الكحول، مؤكدة أن هذا الوضع تسبب في خلافات زوجية كبيرة بين والديه وعراك متواصل، دفع بأمّه إلى تقديم طلب قضية في الطلاق لم يتم الفصل فيها بعد.

منزل عائلة السميري

وتحدّثت نهلة عن علاقة القرب التي كانت تجمعه بوالدته، إذ كان يعمل أحيانا من أجل مساعدتها في تغطية مصاريف المنزل، لكنها أكدت أنه في أغلب الأوقات يظلّ عاطلا عن العمل.

طريق التطرف

وتعتقد نهلة أن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي عاش فيها السميري، هي التي جرّته إلى عالم التطرّف والقتل، لكنها لا تتصوّر أنّه اختار بنفسه أو عن طواعية هذا الطريق، ورجحّت أن يكون ضحيّة استقطاب من طرف الجماعات المتطرفة، التي تعمل حيث الفقر والحرمان والتهميش والفراغ وكذلك الجهل، وتستغل كل هذه العوامل لتجنيد ضحاياها.

وخيمت الصدمة على سكان حي ابن خلدون، بعدما تحول جارهم من شاب منحرف إلى انتحاري متهم بتدبير انفجارات إرهابية، حتّى أنّ العديد منهم لم يصدّق صور السميري التي تناقلتها الصفحات والمواقع الإخبارية مرفوقة ببلاغ يؤكدّ علاقته بالعمليات الإرهابية، إلا عندما جاءت سيارات الشرطة وطوّقت المكان وباشر رجال الأمن عمليات تفتيش كبيرة بحثا عنه.

"لا أصدق تورط أيمن"

يقول نزار وهو أحد معارفه للعربية.نت " لا أصدق أن يتورط أيمن الذي كان يعيش بيننا وكواحد منا، في تدبير التفجيرات التي حصلت وسط تونس، ويقدم على قتل نفسه بحزام ناسف بكل سهولة وبرودة دمّ، كيف وصل إلى ذلك ومن أوصله، لم تبد عليه أيّ علامات تشددّ أو حتى علاقات مع أطراف مشبوهة ولم يظهر عليه أي تغيّر في سلوكه".

وأوضح نزار، أن أيمن ومنذ صغره دأب على شرب الخمر ولم يكن سلوكه عدوانيا تجاه أيّ أحد، كما أنّه اشتهر بالأوشام التي تكسو جسده، لكنّه تخلّى فجأة عن هذا العالم منذ أكثر من سنة وأصبح يتردد على المسجد ويصلّي مثله مثل أيّ شاب آخر في الحيّ، لافتا إلى أن عائلته بعيدة كلّ البعد عن التشددّ، حتى أن شقيقه الأوسط مهووس بعالم الموسيقى، خاصة فن الراب.

منزل عائلة الانتحاري التونسي

ومن جانبه أكد تاجر الحي الذي يسكن بالقرب من منزل العائلة، أنه يرى يوميا جاره أيمن السميري مارا من أمامه، ولم يلحظ أي تغير في سلوكه أو تحولا طرأ على حياته، كما أشار إلى أنّه لم يتغيب عن منزل والده، مضيفا أنه كان يؤدي صلواته بانتظام في المسجد، وقال عنه إنّه "شخص هادئ وانطوائي، لا يتحدث كثيرا مع الناس".

داعش يتبنى

وأعلن تنظيم داعش، الخميس، مسؤوليته عن التفجير الانتحاري، الذي نفذّه السميري، يوم الثلاثاء الماضي بحزام ناسف، في حي الانطلاقة غرب العاصمة تونس، وأودى بحياته، بعد محاصرته من قبل قوات الأمن، وفق ما أعلنته وكالة "أعماق".

وقالت السلطات التونسية، إن السميري، هو العقل المدبرّ للتفجيرين الانتحاريين الذين وقعا بشكل متزامن، قرب دورية أمنية في شارع شارديغول وبمقر فرقة أمنية بالقرجاني، الخميس الماضي، وسط العاصمة تونس، وأسفرا عن مقتل رجل شرطة ومدني وجرح 7 آخرين.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى