للمرة الاولى منذ تأليف حسان دياب حكومته، انعقد المجلس الاعلى للدفاع امس في قصر بعبدا. صحيح ان التطورات الامنية الداخلية كلّها – وما أكثرها- كانت مدار متابعة، الا ان الحاضر الابرز على طاولة البحث، كانت الاستعدادات لجلسة الثقة النيابية المقررة الثلثاء والاربعاء المقبلين، وفق ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”. فرفعُ المنتفضين سقف تهديداتهم، متوعّدين بمفاجآت في هذين اليومين ستحول دون وصول النواب الى البرلمان، يقضّ مضجع التحالف الحاكم.
بدل الذهاب الى لبّ المشكلة لمعالجته، أي الظروف الاقتصادية – المالية – المعيشية المذلّة التي بات اللبنانيون يتخبّطون فيها، والتي أنزلتهم الى الطرقات والساحات منذ اكثر من 110 ايام، تبدو السلطة ستستخدم “دواء” آخر، تتعاطى فيه مع “نتائج” الازمة لا “جذورها”. فهي “ستستلّ” الآلة العسكرية لقمع التحركات الاحتجاجية المرتقبة وتأمين طرق النواب الى ساحة النجمة، ولو بالقوة.
والحال، ان هذا “التوجّه” هو ما حال دون التئام الاعلى للدفاع منذ 17 تشرين الاول الماضي. فالرئيس سعد الحريري اعترض على خيار مواجهة الانتفاضة بـ”القوة”، وتمسَّك بأن الحل يكمن في معالجة “أساس” الازمة، والاستماع الى مطالب الناس ليخرجوا تاليا من الشارع، رافضا وضع القوى الامنية والعسكرية في مواجهتهم. فكان ان استعاض رئيس الجمهورية ميشال عون عن اجتماعات الاعلى للدفاع بعقد “اجتماعات أمنية”، غاب عنها آنذاك الحريري.
اما اليوم، وبعد تأليف الحكومة الجديدة، فزالت العوائق “الشكليّة” وبات انعقاده ممكنا، وهكذا صار. ووفق المصادر، يبدو القرار اتخذ بضمان انعقاد جلسة الثقة، مهما كلف الامر. فقد شدد رئيس الجمهورية خلال الاجتماع على اهمية ضبط الوضع الامني للمحافظة على الاستقرار والسلم الاهلي من جهة، وعدم التهاون مع اي محاولة للنيل من هيبة الدولة ومؤسساتها ومقارها الرسمية.
وبعدما عرض قادة الاجهزة الامنية المعطيات والمعلومات المتوفرة لديهم، شدد رئيس مجلس الوزراء حسان دياب على تكثيف الجهود التنسيقية بين مختلف الاجهزة العسكرية والامنية لتعميم الاستقرار في البلاد واستباق الاحداث التخريبية لتفادي اي تطورات. وقد طُلب الى الاجهزة الامنية والقضائية التعاون في ما بينها لاتخاذ التدابير اللازمة بحق المخالفين، تطبيقا للقوانين والانظمة المرعية الاجراء.
السلطة اذا، اتخذت قرارا بوضع الاجهزة الامنية والعسكرية تحت تصرّفها، وفي خدمتها. هذا التوجّه ظهر اصلا اكثر من مرة منذ تكليف دياب، حين حاولت القوى الامنية فتح الطرق في وسط العاصمة في محيط ساحة الشهداء، وفي تكثيف عملية استدعاء الوجوه البارزة في الثورة الى القضاء للاستماع اليها، وتوقيف عدد منهم ايضا…
وبين سطور بيان الاعلى للدفاع، تمكن ملاحظة نَفس جديد، أكثر صرامة لا سيما في دعوة الرئيس عون الى “عدم التهاون مع اي محاولة للنيل من هيبة الدولة ومؤسساتها ومقارها الرسمية”، وفي تشديد دياب على “استباق الاحداث التخريبية”.
فكيف ستكون الصورة في البلاد الثلثاء؟ واي مستقبل يمكن تصوّره لحكومة تتطلب جلسةُ نيلها الثقة، اجتماعا للمجلس الاعلى للدفاع؟!