هكذا أنقذت هذه المرأة مليون جندي بالحرب الكبرى

تصنف عالمة الكيمياء والفيزياء البولندية الأصل، ماري سكوودوفسكا، المعروفة باسم ماري كوري، كواحدة من أهم النساء في تاريخ البشرية. فبفضل أبحاثها الخالدة في مجال النشاط الإشعاعي، تقاسمت عام 1903 جائزة نوبل للفيزياء مع كل من زوجها بيار كوري والفيزيائي هنري بيكريل لتصبح بذلك أول امرأة تفوز بجائزة نوبل.

بيار كوري
هنري بيكريل

وعام 1911، كانت ماري كوري على موعد آخر مع التاريخ، حيث حصلت في تلك السنة على جائزة نوبل للكيمياء بفضل اكتشافها لعنصري الراديوم والبولونيوم لتكون بذلك المرأة الوحيدة التي فازت بجائزتي نوبل.

ولم تقتصر إنجازات ماري كوري على المخابر فقط. فخلال الحرب العالمية الأولى، انتقلت إنجازات هذه العالمة لساحات المعارك حيث نجحت بوضع ابتكار جديد ساهم في إنقاذ حياة نحو مليون جندي من الحلفاء.

ماري كوري وهي بالمخبر

وظهرت أشعة أكس (X ray)، المصنفة ضمن قائمة الإشعاعات الكهرومغناطيسية، في عام 1895 بفضل عالم الفيزياء الألماني، فيلهلم رونتجن، الحائز على جائزة نوبل للفيزياء سنة 1901. وتزامناً مع ظهور هذا الاكتشاف، اتجه الأطباء لاستغلال أشعة أكس بالمستشفيات لتصوير العظام والأشياء الغريبة والدخيلة، مثل الرصاصات بأجسام المرضى.

فيلهلم رونتجن

ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى في تموز/يوليو 1914 عقب حادثة اغتيال ولي عهد النمسا، فرانز فرديناند، ظلت آلات أشعة أكس موجودة بالمستشفيات فقط. وبسبب افتقار جبهات القتال لمثل هذه التكنولوجيا، عانى الأطباء من مصاعب جمة خلال عمليات إسعاف وإنقاذ الجرحى بسبب عدم قدرتهم على تحديد الإصابات، كمواقع الرصاصات والكسور بشكل دقيق.

رسم تخيلي لحادثة اغتيال ولي عهد النمسا فرانز فرديناند
جنود فرنسيون داخل أحد الخنادق بالحرب العالمية الأولى

وأمام هذه المعضلة، وضعت ماري كوري فكرة سيارة التصوير بالأشعة، التي كانت عبارة عن نوع من سيارات الإسعاف وجدت بداخلها آلة تصوير بأشعة أكس وغرفة مظلمة لتمكين الجنود الجرحى من هذه التكنولوجيا، حيث كان من المقرر أن تتواجد سيارات التصوير بالأشعة على جبهات القتال لتسهيل عمل الأطباء.

صورة ملونة اعتماداً على التقنيات الحديثة لجنود فرنسيين وهم بصدد نقل زميلهم المصاب
سيارة تصوير بالأشعة في الحرب العالمية الأولى

ولتوفير الكهرباء اللازم لتشغيل آلة التصوير بالأشعة، أضافت ماري كوري دينامو، كان نوعاً من المولدات الكهربائية القادرة على توفير التيار المستمر، لتصميم السيارة.

في المقابل، تكفّل محرك البنزين بمهمة توفير الطاقة اللازمة لتشغيله. كما ساندت جمعية اتحاد النساء الفرنسيات جهود ماري كوري لإسعاف الجرحى فباشرت بجمع التبرعات لإنتاج أول سيارة تصوير بالأشعة.

عدد من الأطباء وهم بصدد إجراء عملية على الجبهة

وبحسب عدد من المؤرخين، لعبت هذه السيارة دوراً هاماً في إنقاذ حياة العديد من الجنود الفرنسيين في معركة المارن الأولى (First Battle of the Marne) عام 1914، التي نجت على إثرها باريس من غزو ألماني محتمل.

عدد من الجنود الفرنسيين داخل أحد الخنادق بالحرب الكبرى

ولاحقاً، استغلت ماري كوري مكانتها العلمية للتأثير على عدد من أثرياء فرنسا بهدف الحصول على دعم مادي لصناعة مزيد من سيارات التصوير بالأشعة.

وفي الفترة التالية، عملت هذه العالمة على تدريب 150 امرأة متطوعة على كيفية استخدام آلة التصوير بالأشعة لتساهم بذلك في إرسال نحو 20 سيارة تصوير بالأشعة نحو جبهات القتال.

كذلك ساهمت سيارات ماري كوري في تصوير نحو مليون جندي مصاب بأشعة أكس. وقد نجا عدد كبير منهم من الموت بفضل هذه التكنولوجيا التي سهلت مهمة الأطباء.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى