في ظل ارتفاع وتيرة المعارك في غزة عقب الحملة البرية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي بهدف القضاء على “حماس” كردٍ على هجوم 7 تشرين الأول المنصرم، وتشتد المعارك بين كل من الطرفين خاصة مع القصف الإسرائيلي الذي يطال عدد من المستشفيات في غزة والحصار الأخير على مستشفى الشفاء، الأكبر في القطاع وما يتبعه من أزمة إنسانية وصحية.
في هذا السياق، أعلنت وزارة الصحة في غزة أمس السبت عن “خروج مجمع الشفاء الطبي عن الخدمة بعد نفاد الوقود، في ظل استمرار القصف الإسرائيلي للمستشفى الذي بدأ مساء الجمعة”.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم الوزارة في غزة الدكتور أشرف القدرة أنّ “المستشفى محاصرٌ من قبل القوات الإسرائيلية، وأنّ القصف مستمرٌ سواء على محيط المستشفى أو على مبانيه الداخلية”، بحسب القدرة.
قال القدرة لـ”بي بي سي” إنه “تم استهداف العناية المركزة ومستشفى الجراحة، بالإضافة إلى خيم النازحين، وأنّ أيّ حركة بين مباني المستشفى يتم استهدافها، وهو ما حدث مع أحد الطواقم الطبية خلال انتقال أفرادها من مبنى إلى آخر، ما أدى إلى إصابة طبيبة بجروح خطيرة، ولربما تفارق الحياة في أيّ لحظة”.
أكّد الصحفي “أبو معاذ” الذي تحدث لبي بي سي على أنه “لا يمكننا الخروج لأنّ القناصة الإسرائيليين يتمركزون حول المستشفى، وحاولت شابة تبلغ من العمر 26 عاما الخروج من المستشفى، لكنّ قناصاً إسرائيلياً استهدفها”.
من جهته، نفى الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ الرواية الفلسطينية عن نفاد الكهرباء في مستشفى الشفاء، أكبر مستشفى في غزة.
قال رداً على سؤال لبي بي سي “هذا غير صحيح”، موضحاً أنّ “هناك الكثير من التلاعب من جانب حماس، وهناك كهرباء في مستشفى الشفاء، وكل شيء يعمل” بحسب هرتسوغ.
يقول الرئيس الإسرائيلي إنّ “الجيش يتحدث إلى المدراء في المستشفى، وإنّ المقر الرئيسي لحماس تحت المبنى، متهماً الحركة الفلسطينية بالمسؤولية عن قصف المستشفى، الأمر الذي نفته حماس”.
وقال الجيش إنّ “قذيفة أطلقتها فصائل مسلحة في غزة هي التي أصابت مستشفى الشفاء يوم الجمعة، ونفى صحة التقارير التي ذكرت أنّ الانفجار نجم عن ضربة جوية إسرائيلية”.
أضاف الجيش في بيانٍ إنّ “فحص أنظمة العمليات التابعة للجيش يشير إلى أنّ قذيفةً أطلقتها منظماتٌ فلسطينية داخل قطاع غزة هي التي أصابت مستشفى الشفاء”.
وتابع أنّ “القذيفة التي فشل إطلاقها كانت تستهدف قوات الجيش في محيط المستشفى”.
أوضح الدكتور القدرة أنّ “المجمع الطبي الذي يضم 20 ألفاً ما بين طواقم طبية وجرحى ونازحين، فقد كل سبل الحياة حيث أصبح بلا كهرباء أو ماء أو طعام، كما توقف مختبر المستشفى عن العمل و بدأت وحدات الدم في التلف”.
وأضاف أنه “منذ صباح السبت لا تتوافر كسرة خبز أو شربة ماء ولا أدوية”، موضحاً أنّ الطاقم الطبي يستخدم مهاراته في إسعاف المرضى بالطرق اليدوية”.
قال القدرة إنّ “مستشفى الشفاء يضم نحو 37 طفلاً من الأطفال الخُدج في الحضانات، بالإضافة إلى نحو 30 مريضاً في العناية المركزة، توفي أحدهم بسبب عدم القدرة على إنقاذ حياته”.
أضاف مسؤولٌ من وزارة الصحة في غزة أنّ “قسم أمراض القلب تم تدميره صباح اليوم”.
عالمياً، قالت منظمة الصحة العالمية الليلة الماضية إنها “فقدت الاتصال مع جهات الاتصال التابعة لها في أكبر مستشفى في غزة”،
وأعربت عن “مخاوفها البالغة بشأن سلامة الموظفين والمرضى هناك”.
وحذرت منظمة أطباء بلا حدود من أن “المرضى والطواقم الطبية في غزة محاصرون في المستشفيات تحت النار”
ودعت “الحكومة الإسرائيلية إلى وقف الاعتداء المتواصل على النظام الصحي في غزة”.
وقالت المنظمة في بيان أصدرته السبت: “على مدى الـ 24 ساعة الماضية، تعرضت المستشفيات في غزة لقصف متواصل. وقد تعرض مجمع مستشفى الشفاء، أكبر مرفق صحي لا يزال يعمل فيه طاقم منظمة أطباء بلا حدود، للقصف مرات عدة، بما يشمل أقسام الولادة والعيادات الخارجية، ما أدى إلى وقوع العديد من الوفيات والإصابات”.
وجددت منظمة أطباء بلا حدود دعواتها لـ”وقف الهجمات على المستشفيات بشكل عاجل، والوقف الفوري لإطلاق النار وحماية المرافق الطبية والطاقم الطبي والمرضى”.