وجهت فنانة ومترجم لا يزالان عالقين في أفغانستان نداء إلى الدول الغربية في وقت قضى انسحاب آخر الجنود الأميركيين على أملهما بمغادرة البلاد فوراً.
فريشتا، التي تستخدم اسما مستعاراً لأسباب أمنية، هي من ضمن الأشخاص الذين فشلوا في الخروج من أفغانستان.
مادة اعلانية
فقبل يومين من الهجوم الانتحاري الرهيب الذي أسفر عن سقوط أكثر من مئة قتيل في محيط مطار كابل، حاولت أن تغادر إلى فرنسا ضمن عمليات الإجلاء لكنها لم تفلح.
فهي عادت أدراجها بعد انتظار طويل مع رضيعها ذي الأشهر الخمسة وابنتها البالغة خمس سنوات والتي لا تزال "متوترة" بسبب الفوضى وإطلاق حركة طالبان للنار. في محيط المطار.
نساء وأطفال تجمعوا قرب مطار كابل في نهاية أغسطس الماضي على أمل إجلائهم
وهي تلزم الآن منزلها في كابل وتتأمل بالمأساة الحاصلة. وتوضح هذه الرسامة البالغة من العمر 33 عاماً في مقابلة عبر الهاتف أجرتها معها وكالة "فرانس برس" قائلةً: "على مدى حرب استمرت 20 عاماً، بذلنا قصارى جهدنا لبناء دولة من أجل التقدم.. كنا كتلة حيوية".
وتقول فريشتا، التي يساندها مع آخرين تجمع لشخصيات ثقافية فرنسية: "رجاءً فكّروا في الأبرياء الذين لا حل لديهم للخروج من هذا الجحيم. يجب ألا تلزم الدول الأخرى الصمت، إذا اعترفت بنظام طالبان سيزداد مستقبلنا قتامة".
وتقول إن ما أمامها "سوى الانتظار" مع الحد من خروجها من المنزل. وتمضي قائلةً: "الوضع خطر جداً بالنسبة لي بصفتي امرأة وفنانة. لا يمكننا الوثوق بطالبان فثمة فرق شاسع بين كلامهم وأفعالهم".
خلال سنوات النزاع الطويلة، التي تشكل أعمالها الزاخرة بالألوان الفاقعة وبنساء لا وجه لهن، صدى لها، لم تشأ أبداً مغادرة وطنها مع تنفيذها مشاريع كثيرة وتنظيم ندوات ومعارض.
لكن مع تقدم مقاتلي طالبان قررت الانتقال إلى الهند مع عائلتها إلا أن سقوط كابل المباغت منعها عن ذلك.
"نريد فقط العيش بسلام"في سياق متصل، يسيطر شعور بالمرارة على "جون" وهو مترجم فوري سابق أطلق عليه هذه التسمية جنود حلف شمال الأطلسي. وهو عمل خصوصاً لحساب رومانيا التي لم تجل سوى خمسة أفغان رغم انتشارها الطويل في أفغانستان مع أكثر من 1800 عسكري في ذروة تواجدها.
طائرة إجلاء رومانية تحمل على متنها 15 رومانياً تعود من كابل
يقول "جون" إنه مهدد من حركة طالبان "فرغم إعلانها عفواً عاماً، ينتقل مقاتلو الحركة من منزل إلى آخر" مطاردين أعداءهم.
وبعد الهجوم الدامي قرب مطار كابل، تخلى عن فكرة التوجه إلى المطار لكنه لا يزال متسلحاً بالأمل.
وكتب في رسالة وجهها إلى وكالة "فرانس برس": "نفذوا الوعود التي قطعتموها على رفاق الحرب، أجلوهم من أفغانستان إلى أي مكان. نريد فقط العيش بسلام".
من فيينا، تندد الطبيبة الشابة من أصل أفغاني سيما ميرزاي هي أيضاً بلامبالاة الغرب.
وانتقلت ميرزاي إلى النمسا في سن السادسة وهي تشاهد عاجزة معاناة بلدها الأم. وقد بذلت جهوداً كبيرة لإخراج قريبتين لها "معرضتين للخطر لأنهما عملتا لحساب منظمات غير حكومية أميركية"، على ما قالت في إحدى مقاهي العاصمة النمساوية.
وتضيف الشابة البالغة من العمر 26 عاماً والمتخصصة بالطب النفسي للأطفال: "السلطات تشيح بنظرها.. ولامبالاتها لا إنسانية ومشينة".
فر والداها اللذان ينتميان إلى أقلية الهزارة، من نظام طالبان في نهاية التسعينات وانتهى بهما المطاف بعد رحلة طويلة في النمسا صدفة.
وتضم النمسا راهناً أكثر من 40 ألف لاجئ أفغاني، أي أكبر جالية أفغانية بين دول الاتحاد الأوروبي نسبةً إلى عدد السكان، لكنها الدولة التي تعتمد أشد المواقف الآن برفضها استقبال مهاجرين جدد.
وتقول سيما: "الكثير من السياسيين لا يريدون أن تتكرر أزمة الهجرة التي حصلت العام 2015 لكنهم ينسون مساهمتنا الكبيرة والإيجابية في المجتمع" المحلي.