أظهر تفريغ لمكالمة هاتفية اطلعت عليه وكالة "رويترز" أن الاتصال الأخير الذي تم بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الأفغاني وقتها أشرف غني، قبل أن تتمكن حركة طالبان من السيطرة على أفغانستان بأكملها، تضمن مناقشة الزعيمين للمساعدات العسكرية والاستراتيجية السياسية وتنظيم المراسلات التكتيكية، لكن لم يكن أي منهما مدركاً أو مستعداً للخطر الداهم على الأبواب ولا لأن تسقط البلاد بأكملها في يد طالبان.
وتحدث الرجلان وقتها لمدة نحو 14 دقيقة في 23 يوليو الماضي. وفي 15 أغسطس، فر غني من القصر الرئاسي ودخلت طالبان إلى كابل. ومنذ ذلك الحين فر عشرات الآلاف من الأفغان اليائسين أو حاولوا الفرار وقُتل 13 جندياً أميركياً وعشرات المدنيين الأفغان في هجوم انتحاري عند مطار كابل خلال عمليات إجلاء أميركية عسكرية محمومة.
عناصر من طالبان أمام وزارة الداخيلة في كابل في 16 أغسطس
مادة اعلانية
وأكدت وكالة "رويترز" أنها اطلعت على تفريغ للمكالمة بين بايدن وغين، واستمعت للتسجيل الصوتي للمحادثة الأصلية.
وأكدت الوكالة أنه، وفي المكالمة، عرض بايدن مساعدات إذا تمكن غني من أن يوضح علناً أن لديه خطة للسيطرة على الأوضاع المتدهورة في أفغانستان، وقال: "سنواصل تقديم دعم جوي مكثف إذا علمنا ما هي الخطة". وقبل أيام من تلك المكالمة، كانت الولايات المتحدة قد شنت ضربات جوية لدعم قوات الأمن الأفغانية، وهي خطوة قالت حركة طالبان إنها انتهاك لاتفاق الدوحة للسلام المبرم في فبراير 2020.
كما نصح الرئيس بايدن نظيره غني بأن يحصل على موافقة أفغان نافذين على استراتيجيته العسكرية من وقتها فصاعداً ثم وضع "شخصية قاتلة" لتقود تلك الجهود في إشارةً لوزير الدفاع الجنرال بسم الله خان محمدي.
وأشاد بايدن في المكالمة بالقوات المسلحة الأفغانية، التي دربتها ومولتها الحكومة الأميركية، وقال لغني: "من الواضح أن لديك أفضل جيش.. لديك 300 ألف جندي مسلحين جيداً، مقابل 70 او 80 ألفاً، وهم بالطبع قادرون على القتال جيداً". لكن بعد أيام من ذلك، بدأ الجيش الأفغاني في التقهقر في أنحاء البلاد وعواصم الأقاليم بدون قتال يذكر في مواجهة طالبان.
قوات أفغانية في هرات في 1 أغسطس خلال معارك مع طالبان
وخلال أغلب المكالمة، ركّز بايدن على ما وصفه بأنه "نظرة" الحكومة الأفغانية للمشكلة. وقال: "أحتاج لأن أقول لك وجهة النظر والمفهوم السائد حول العالم وفي أجزاء من أفغانستان، أعتقد أن الأمور لا تسير بشكل جيد فيما يتعلق بالقتال ضد طالبان.. وهناك حاجة، إذا كان ذلك صحيحاً أو لا، هناك حاجة لرسم صورة مختلفة".
وقال بايدن لغني إن عقد شخصيات سياسية أفغانية بارزة لمؤتمر صحفي معاً لدعم استراتيجية عسكرية جديدة "سيغير من المفهوم السائد وسيغير الكثير من الأمور على ما أعتقد".
وأشارت كلمات الرئيس الأميركي إلى أنه لم يكن يتوقع حدوث التمرد الكبير والانهيار بعد 23 يوماً. فقد قال بايدن: "سنواصل الكفاح بقوة، دبلوماسياً وسياسياً واقتصادياً، للتأكد من أن حكومتكم لن تبقى فقط لكنها ستستمر وتنمو".
وكان البيت الأبيض قد أصدر بياناً بعد الاتصال ركّز على التزام بايدن بدعم قوات الأمن الأفغانية وسعي إدارته للحصول على مخصصات مالية لأفغانستان من الكونغرس.
أشرف غني يقابل قائد قوات الناتو في كابل في 2 يوليو الماضي
وأبلغ غني بايدن خلال المكالمة أنه يعتقد أن السلام يمكن أن يتحقق لو استطاع "إعادة التوازن للحل العسكري". لكن بايدن أضاف: "نحتاج إلى أن نتحرك على وجه السرعة".
من جهته، قال غني: "نواجه غزوا على نطاق واسع، يتألف من طالبان وتخطيط باكستاني كامل ودعم لوجيستي إضافةً إلى ما لا يقل عن 10 إلى 15 ألف إرهابي دولي، معظمهم من الباكستانيين تم الدفع بهم في هذا الأمر". ولطالما أشار مسؤولون في الحكومة الأفغانية وخبراء أميركيون إلى دعم باكستاني لطالبان واعتبروه مفتاح عودة الحياة للحركة.
وتنفي السفارة الباكستانية في واشنطن هذه المزاعم. وقال متحدث باسم السفارة لـ"رويترز": "من الواضح أن أسطورة عبور مقاتلي طالبان من باكستان ذريعة وفكرة.. روّج لها السيد أشرف غني لتبرير فشله في القيادة والحكم".
يذكر أن أحدث بيان علني من غني كان قد صدر في 18 أغسطس، وقال فيه إنه فر من أفغانستان من أجل منع إراقة الدماء.