تقف قوات خليفة حفتر مرة أخرى على أبواب طرابلس وهي تحاول حسم معركة عسكرية ومن ورائها الوجه السياسي لليبيا وتحالفاتها الإقليمية والدولية لسنوات طويلة.
أهم ما طرأ على الموقف الأميركي من ليبيا خلال الأشهر الماضية كان اتصال الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالقائد العسكري يوم 19 أبريل وقال بيان البيت الأبيض في حينه إن الرئيس الأميركي ناقش مع خليفة حفتر "مساعي مكافحة الإرهاب" .
ترمب يسأل
يعود هذا الاتصال بالقائد الليبي إلى محادثة غير عادية في البيت الأبيض بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يوم 9 أبريل، حيث روت مصادر الاجتماع أن ترمب، ومباشرة بعدما خرج الصحافيون من المكتب البيضاوي، طرح سؤالاً مباشراً على الرئيس المصري وقال:
"هل حفتر رجل جيّد أو شرير؟"
أجابه السيسي قائلاً:
"كل من يحارب الإرهاب والتطرف هو رجل جيّد!"
أخذ الرئيس الأميركي جواب الرئيس المصري ونظر إلى مساعديه الموجودين في الغرفة وقال لهم إنه لم يكن يعلم هذا الأمر.
وزير الدفاع الوكالة باتريك شاناهان فوجئ باتصال الرئيس وقال بعد أيام إن ليبيا لا تحتاج لحّل عسكري، وأن الولايات المتحدة تدعم خليفة حفتر في "مكافحة الإرهاب".
هجوم طرابلس
وخلال المحاولة الأولى لقوات الجيش الليبي لدخول العاصمة طرابلس، بدا الأميركيون في حالة صمت، فهم لا يدعمونه علانية وينتظرون النتائج.
لكن الولايات المتحدة شاركت في أواسط شهر يوليو الحالي في إصدار بيان مع مصر وفرنسا وإيطاليا والإمارات وبريطانيا عبّرت فيه عن قلقها من الاشتباكات في طرابلس وطلبت وقفاً فورياً لإطلاق النار وطلب البيان العودة إلى المفاوضات.
شخصيات قريبة من الإدارة الأميركية سرّبت للعربية.نت أن ترمب دفع إدارته لتأييد خليفة حفتر، لكنه، مع إدارته، شعر بإحباط شديد لأن حفتر لم يتمكن من حسم المعركة بسرعة وتسبب هذا التأخير في إحراج الأميركيين.
الآن تعتبر الإدارة الأميركية بحسب تصريحات مسؤول في وزارة الخارجية للعربية.نت أن "السلام والاستقرار الدائمين في ليبيا يأتيان فقط من الحلّ السياسي" ودعا المسؤول في الخارجية الأميركية "كل الأطراف للعودة سريعاً إلى الوساطة الدولية" واعتبر أن نجاح هذه الوساطة متعلّق بوقف إطلاق النار في طرابلس.
اضاف المسؤول في الخارجية للعربية.نت أن "مسؤولين حكوميين أميركيين يتشاورون مع عدد كبير من الزعماء الليبيين، وكذلك مع الشركاء الدوليين للضغط باتجاه الاستقرار وجلب الزعماء الليبيين بمن فيهم رئيس الحكومة السرّاج والجنرال حفتر إلى طاولة المفاوضات".
تمنيات ترمب
يبدو هذا الموقف الأميركي أقرب إلى "اختيار المتوفّر" ، في حين يعطي الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانطباع دائماً أنه يفضّل القضاء على بؤر التطرّف في أسرع وقت، ولا يعترض على توفير الاستقرار في ظل قبضة شديدة، ولو كسب حفتر معركة طرابلس سيكون من المرجّح ان تهنئه واشنطن على ما فعله.
فقد كان من اللافت جداً في البيان المشترك يوم 16 يوليو أن الدول المعنية "لاحظت بقلق شديد محاولات التنظيمات الإرهابية لاستغلال الفراغ الأمني في البلاد" ودعت كل الأطراف في البلاد "للابتعاد عن أي علاقة مع الإرهابيين وهؤلاء الأفراد".
ولا يستطيع أحد أن يقول إن هذا التحذير موجّه إلى خليفة حفتر بقدر ما هو موجّه للأطراف الآخرين أكانوا محليين أو أقليميين.