"واشنطن بوست": أميركا والناتو بحاجة للانفصال عن تركيا

"واشنطن بوست": أميركا والناتو بحاجة للانفصال عن تركيا
"واشنطن بوست": أميركا والناتو بحاجة للانفصال عن تركيا

ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن شراء أنقرة صواريخ S-400 الروسية، على الرغم من الاعتراضات الشديدة من جانب الولايات المتحدة وأعضاء الناتو الآخرين، أدى إلى دعوات جديدة لطرد تركيا من حلف الناتو.

ووفقاً لما جاء في مقال تيد غالين كاربنتر، كبير زملاء دراسات الدفاع والسياسة الخارجية في معهد كاتو، فقد "سبق أن ظهرت مثل تلك الدعوات، وكان معظمها نتيجة للاستبدادية المتصاعدة بتركيا في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان، ولكن هذه المرة كان الغضب أعمق، وأوسع نطاقاً. وعلاوة على ذلك، فإن الشكاوى ليست بسبب الممارسات الإجرامية على المستوى المحلي في تركيا فحسب، وإنما بسبب قلق الناتو أيضا لأن لديه شريكاً غير موثوق به، ويصعب بقدر كبير الاعتماد عليه، فيما يتعلق بالسياسة الأمنية"، حسب تعبير الكاتب.

وأضاف أن "قرار واشنطن بطرد تركيا من المشاركة في برنامج تصنيع مقاتلات F- 35 يعكس بالتأكيد عدم الارتياح الأميركي. وتثير مسألة سلوك تركيا الاستبدادي أسئلة أساسية حول معايير الناتو وأولوياته في القرن الحادي والعشرين".

"القمع في تركيا إحراج كبير"

واعتبر الكاتب أنه "خلال الحرب الباردة، كانت أهداف الحلف واضحة، إذ كانت المهمة الأساسية هي ردع العدوان السوفيتي المحتمل وتحقيق وحدة أكبر بين ديمقراطيات أوروبا الغربية، ومنع إعادة تأميم الدفاعات، وتوطيد التزام الولايات المتحدة الأمني تجاه أوروبا، وتمت مراقبة الالتزام بها عن كثب".

وأضاف: "كان الالتزام القوي بالديمقراطية على المستوى المحلي أمراً مرغوباً، ولكنه لم يكن شرطاً ضرورياً للعضوية. وفي الواقع، كان أحد الأعضاء المؤسسين، وهي البرتغال، يعد نظاماً استبدادياً صريحاً في عهد الرئيس أنطونيو سالازار. وعندما أصبحت تركيا واليونان عضوين في عام 1952، أصبحت معايير الحكم الداخلي أقل صرامة. وكان الجيش التركي قوة رئيسية وراء الكواليس حتى بداية القرن الحادي والعشرين، على الرغم من انتشار الحكم المدني الظاهري. وأصبحت اليونان دكتاتورية كاملة لمدة 7 سنوات عندما استولت مجموعة من كبار الضباط على السلطة في عام 1967. ولكن لم تكن هناك تحركات جدية لنبذ أو طرد أي من البلدين. واعتُبر الحفاظ على التضامن الأمني للتحالف أمراً بالغ الأهمية بحيث لا يمكن تحمل مثل هذا الاضطراب".

وحسب المقال فإنه "وفي فترة ما بعد الحرب الباردة، على الرغم من أن الزعماء الغربيين يصورون حلف شمال الأطلسي بشكل روتيني ليس فقط كتحالف عسكري بل كرابطة للديمقراطيات، فقد أصبح القمع الداخلي المتصاعد في تركيا بمثابة إحراج كبير. لقد كرس أردوغان بصورة مزعجة السلطات في وظيفة الرئيس، حيث قوض النظام القضائي، الذي كان مستقلاً في وقت من الأوقات، ورتب لأصدقائه السياسيين شراء وسائل الإعلام الأكثر نفوذاً، وسجن المئات من الصحافيين المستقلين، والمعارضين السياسيين".

القضاء على الديمقراطية

وأشار الكاتب إلى أن "أردوغان (انتهز) فرصة انقلاب عسكري فاشل في يوليو 2016 كذريعة لتسريح ضباط الجيش وإنهاء خدمة القضاة وفصل الموظفين في قطاع التعليم، الذين اعتبرهم أعداء. وعلى الرغم من استمرار إجراء الانتخابات، بما في ذلك الانتخابات الحاسمة الشهر الماضي التي اختار فيها الناخبون مرشحاً معارضاً لأردوغان كعمدة لبلدية إسطنبول، إلا أنه من الصعب على نحو متزايد اعتبار تركيا ديمقراطية حقيقية".

صفقة شراء صواريخ S-400 إهانة ضد سياسة التحالف

واشنطن بوست

واعتبر أن "الأكثر إثارة للقلق هو أن أعضاء آخرين في حلف الناتو يظهرون علامات مماثلة من الاستبداد، وإن لم يكن الأمر بقدر كبير من التقدم. ولقد اعتمد فيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر، مجموعة متنوعة من التدابير لمضايقة المعارضين السياسيين وإضعاف استقلال القضاء والإعلام في البلاد. كما أعرب عن إعجابه الشخصي بالأنظمة السياسية الاستبدادية، مثل تلك الموجودة في سنغافورة والصين وروسيا. وتتخذ حكومة بولندا اليمينية خطوات لوضع النظام القضائي في ذلك البلد تحت السيطرة السياسية الحزبية، وخنق الانتقادات العلنية لسياسات النظام".

الفشل التركي بلا منازع

وتعني مثل هذه التطورات، وفق الكاتب، أنه "يتعين على الزعماء الغربيين تحديد ما إذا كان الناتو منظمة أمنية بحتة، أو ما إذا كان يجب على الأعضاء أيضاً الالتزام بالمعايير الأساسية لحقوق الإنسان والحكم الديمقراطي. لقد فشلت تركيا بلا منازع في الامتثال لهذه المعايير. أما الاتجاهات في كل من المجر وبولندا فهي مقلقة. لا يمكن لقادة حلف الناتو التهرب من مسألة هوية الحلف لفترة أطول".

بالنظر إلى السلوك الخارجي لأنقرة، لا يمكن لأعضاء الناتو الآخرين أيضاً تجنب مسألة ما إذا كانت تركيا شريكاً أمنياً موثوقاً به بدرجة معقولة، على ما ذكره المقال المنشور في صحيفة واشنطن بوست الأميركية.

شاهد أيضاً.. الصفقة تشعل الخلاف

وعدَّ الكاتب "صفقة شراء صواريخ S-400 إهانة ضد سياسة التحالف. ومن بين المشاكل الأخرى، فإن من غير المحتمل أن هذه الأسلحة يمكن دمجها في الدفاعات الجوية الشاملة للناتو. وعلاوة على ذلك، فإن صفقة الصواريخ هي ببساطة أحدث مثال لتقارب أردوغان المتزايد مع حكومة (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين. ومن المشكوك فيه بشكل متزايد، على سبيل المثال، ما إذا كانت أنقرة ستستمر في الالتزام بتطبيق حزمة العقوبات الاقتصادية، التي فرضتها القوى الغربية على موسكو بسبب ضم بوتين لشبه جزيرة القرم".

أسباب التردد في طرد تركيا

وأكد الكاتب أن واشنطن تتردد "في مساندة قرار طرد تركيا من الناتو، أو قطع العلاقات الأمنية مع أنقرة. فلطالما اعتبر القادة الأميركيون تركيا حجر الزاوية في الجبهة الجنوبية الشرقية لحلف الناتو، ولاعباً حيوياً في الشرق الأوسط المضطرب. ويؤخذ في الاعتبار أيضاً استمرار وصول الولايات المتحدة إلى قاعدة أنجرليك الجوية كعنصر أساسي في قدرات واشنطن في مجال الإسقاط على القوة في تلك المنطقة، وهو اعتبار مهم بشكل خاص مع استمرار تدهور العلاقات الأميركية مع إيران".

ولكن في حين أن قاعدة إنجرليك تعتبر رصيداً عسكرياً قيماً، فإنه من الممكن استبدالها. كما أن واشنطن تنشر مقاتلات قوية على ظهر حاملات الطائرات. ولا يوجد ما يؤكد أن أنقرة ستسمح باستخدام القاعدة لأي مهمة ترغب واشنطن في القيام بها. ولكن من المحتمل أن تزداد حالة عدم اليقين هذه إذا استمرت المصالح الأميركية، والتفضيلات السياسية التركية في التباعد، على حد تعبير الكاتب.

وختم كاربنتر مقاله قائلاً: "على أي حال، لا يعد استخدام قاعدة أنجرليك الجوية سبباً كافياً للولايات المتحدة لدعم استمرار عضو استبدادي، فيما يقال إنه تحالف ديمقراطي. وبالتأكيد لا يعتبر سبباً مناسباً لبقاء شريك غير موثوق به ومزدوج في تحالف أمني. لم تعد تركيا حليفاً موثوقاً به أو مرغوباً فيه على أساس القيم السياسية أو الاعتبارات الأمنية. تحتاج الولايات المتحدة وحلف الناتو إلى أن ينفصلا عن أنقرة"، وفق تعبيره.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى